نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فلسفة الألم (2), اليوم الأربعاء 6 نوفمبر 2024 12:59 صباحاً
نشر بوساطة أ فهد بن مطلق العتيبي في الرياض يوم 06 - 11 - 2024
خلصنا في المقال السابق إلى أن تركيزنا على تجنب الألم في حياتنا هو مصدر السعادة الحقيقي، أما وإن وقع الألم حسب القضاء والقدر الذي نؤمن به فإن الإشكالية لا تكون في الألم ذاته الذي يعتبر جزءا من الحياة البشرية، بل في طريقة التعامل معه. وهذا ينقلنا إلى المجموعة الثانية من المجموعات البشرية التي ذكرناها في ذلك المقال وهم أولئك الذين تعرضوا في حياتهم إلى آلام نفسية قاسية. فكلما كان لدى هذه الفئة المرونة النفسية والحصيلة الفلسفية المتعلقة بالألم وكيفية التعامل معه، كلما كانوا أكثر سعادة، أو فلنقل أكثر توازنا نفسيا. فديننا الإسلامي وضع أسسا للتعامل مع الألم منها: أنك لا تعلم أن ما أصابك شر أم خير. فكم من المحن التي يكرهها الإنسان كان في داخلها الكثير من المنح التي نقلته إلى عالم السعادة. قال تعالى: "كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ".
ومن هذه الأسس أن أمر المسلم كله خير، فعلى الألم يجازى بالأجر والخير الكثير، وهكذا ينتقل الألم من كونه مصدر أوجاع نفسية إلى العكس تماماً. ومنها كذلك إدراك حقيقة عدم ديمومة الحياة ذاتها: "كلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ"، فمادام أن لا شيء ثابتا فإن الألم هو الآخر له نهاية.
إن هذه الحقائق كفيلة بجعلك تتعامل مع الألم التعامل المناسب، ويمكن أن أذكر هنا الدكتور حمد الجروان جمع الله له بين الأجر والعافية الذي استطاع أن يعيد برمجة الكثير من الناس حول مرض السرطان وكيفية الاستمتاع النفسي في التعامل مع ألمه رغم ألمه الجسدي الكبير، فتخيل طفلا يأخذه والده لجرعة كيماوي ويتألم الأب أكثر من الطفل نفسه، ولكن الطفل يرد على محاولات والده بتقويته ودعمه: "أنا لست خائفا بابا سأكون بطلا مثل حمد الجروان".
0 تعليق