وأضاف فضيلته: والغيبة إدام اللئام ومرعى الآثام، مبينًا النهي الشَّدِيدِ والزَّجْرُ الْأَكِيدُ عن الغيبة قال تعالى: (وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ)، أَيْ: كَمَا تَكْرَهُونَ هَذَا طَبْعًا، فَاكْرَهُوا ذَاكَ شَرْعًا، وفي الحديث قول عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله علية وسلم: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا - تَعْنِي قَصِيرَةً - فَقَالَ: (لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ) قَالَتْ: وَحَكَيْتُ لَهُ إِنْسَانًا، فَقَالَ: (مَا أُحِبُّ أَنِّي حَكَيْتُ إِنْسَانًا وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا ) أخرجه أبوداود والترمذي.
وبيّن إمام وخطيب المسجد النبوي أن الغيبة ذِكْرُ الْعَيْب بِظَهرِ الْغَيْبِ، والغِيبة أن تذكُر أخاك بما يَشِينه، وتَعِيبه بما فيه، مستشهدًا بما رواه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ)، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: (ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ)، قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ قَالَ: (إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ) أخرجه مسلم.وحذر الدكتور البدير من مجالس المغتابين واستحلال ما حرم الله تعالى، ومجاملة الأقران والرّفاق في الغيبة والاستطالة في أعراض الناس، مبينًا أن الواجب على من سمع غيبة مسلم أن يردها، ويزجر قائلها، فإن لم ينزجر بالكلام والنصيحة تنحى عنه وفارق مجلسه، مذكرًا بوصية يزيد بن المهلب لابنه:" وإياك وشتم الأعراض فإن الحرّ لا يرضيه من عرضه عوض ".
وختم فضيلته الخطبة داعيًا المغتاب إلى التوبة وأن يقلع عنها ويندم على فعله ويعزم على ألا يعود إليها ولا يشترط إعلام من اغتابه ولا التحلل منه ولا طلب البراءة من غيبته على الصحيح من قولي العلماء، مبينًا أن في إعلامه إدخال غم عليه وقد ينتج عن إخباره خصام أو نفرة أو تقاطع أو تهاجر أو إيذاؤه أو تحزينه وتكديره.