نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
في عهد الرؤية.. المرأة السعودية تأخذ نصيبها من التنمية, اليوم الجمعة 29 نوفمبر 2024 12:24 صباحاً
نشر بوساطة نورة الحربي في الرياض يوم 29 - 11 - 2024
شهدت المرأة السعودية خلال السنوات الأخيرة قفزات نوعية في حضورها ومشاركتها الفعّالة في سوق العمل، محققة بذلك إنجازات تتجاوز الأرقام والوظائف التقليدية لتلامس عمق التنمية الوطنية. هذا التحول لم يكن وليد اللحظة، بل هو نتاج رؤية استراتيجية واضحة تمثلت في رؤية المملكة 2030، التي جعلت من تمكين المرأة ضرورة حتمية لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
لم تكن مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل قبل عام 2016 تتجاوز نسبة 17 %، وهو ما يعكس عقودًا من التحديات التي جعلت من وجودها في الاقتصاد الوطني محدودًا. ومع التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها المملكة، ارتفعت هذه النسبة إلى أكثر من 37 % بحلول عام 2023، وفقًا للهيئة العامة للإحصاء. هذا النمو الملموس يعكس حجم التغيير في النظرة المجتمعية لدور المرأة وفي السياسات التي شجعت على دمجها في مختلف القطاعات.
واستنادًا إلى تقرير وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، بلغ عدد النساء السعوديات العاملات في القطاعين العام والخاص نحو 1.3 مليون امرأة في عام 2023، مقارنة بنحو 816 ألفًا في عام 2017. هذا النمو تجاوز الأرقام ليصل إلى نوعية الوظائف التي تشغلها المرأة، حيث أصبحت النساء اليوم يشغلن مناصب قيادية في قطاعات حيوية مثل التكنولوجيا والطاقة والصناعة.
قطاعات جديدة ومجالات متقدمة
لم يعد عمل المرأة السعودية محصورًا في التعليم والتمريض، وهما القطاعان اللذان شكّلا سابقًا أغلبية مشاركتها. فقد شهدت السنوات الأخيرة دخول المرأة إلى مجالات جديدة، مثل:
قطاع التكنولوجيا: تشير تقارير إلى أن المرأة السعودية تشكل اليوم 28 % من العاملين في مجال التكنولوجيا، وهو رقم يفوق المتوسط العالمي البالغ 25 %. كما شهدت المملكة ظهور عدد كبير من رائدات الأعمال في مجال التقنية والابتكار.
قطاع الطيران: أصبحت المرأة السعودية تعمل كطيارات ومهندسات للطائرات، حيث سجلت شركة الخطوط الجوية السعودية في عام 2023 أكثر من 80 امرأة تعمل في مختلف مجالات الطيران.
قطاع الرياضة: مع تأسيس اتحادات رياضية نسائية، أصبح هناك أكثر من 200 مدربة رياضية سعودية معتمدة، كما ارتفع عدد المشارِكات في الرياضة المجتمعية إلى أكثر من 150 ألف امرأة في 2023.
القطاع الصناعي والطاقة: وفقًا لتقارير الهيئة العامة للاستثمار، تجاوزت نسبة النساء العاملات في القطاعات الصناعية 17 %، بينما تعمل 7 % من النساء في قطاع الطاقة، وهو مجال يتطلب كفاءات عالية ودراية تقنية.
النساء في مقعد القيادة
تزامنًا مع نمو دور المرأة في سوق العمل، أصبحت ريادة الأعمال أحد المسارات البارزة التي تسلكها السعوديات. بحسب تقرير الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "منشآت"، تمثل النساء 45 % من أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المملكة.
منصة "أكاديمية منشآت" وحدها دربت أكثر من 100 ألف سيدة على ريادة الأعمال منذ إطلاقها، ما ساهم في ازدهار مشاريع تقودها النساء في مجالات متنوعة، مثل التجارة الإلكترونية وتصميم الأزياء وخدمات التكنولوجيا.
تمهيد الطريق للتمكين
الإصلاحات الحكومية التي شهدتها المملكة أسهمت بشكل كبير في تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل. من بين هذه الإصلاحات:
برنامج "وصول": استفادت أكثر من 150 ألف امرأة سعودية من هذا البرنامج الذي يوفّر حلول نقل ميسّرة للنساء العاملات.
برنامج "قرة": ساعد هذا البرنامج في توفير خدمات حضانات للأطفال، مما أتاح للأمهات العاملات مواصلة مسيرتهن المهنية.
إلغاء قيود القطاعات المغلقة: فتحت الحكومة قطاعات جديدة كانت مقصورة سابقًا على الرجال، مما ساهم في خلق فرص غير مسبوقة للمرأة.
المرأة والتنمية: شريك لا غنى عنه
إن دخول المرأة السعودية إلى سوق العمل لم يعد خيارًا، بل أصبح ضرورة لتعزيز اقتصاد المملكة. وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي، يمكن لزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل أن تضيف نحو 40 مليار دولار للناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030.
بالإضافة إلى ذلك، تسهم المرأة بشكل مباشر في تحقيق الاستدامة الاجتماعية من خلال أدوارها في التعليم، والرعاية الصحية، والخدمات المجتمعية. دعمها لا يقتصر على الاقتصاد، بل يمتد ليشمل تطوير البنية المجتمعية بشكل أكثر شمولية.
قصص نجاح
قصص النجاح للنساء السعوديات أصبحت أكثر بروزًا. من الدكتورة غادة المطيري، التي أبهرت العالم بإنجازاتها في مجال النانو تكنولوجي، إلى سارة السحيمي، التي أصبحت أول امرأة تترأس مجلس إدارة السوق المالية السعودية "تداول". هذه النماذج تعكس قدرة المرأة السعودية على التفوق والمساهمة في تحقيق أهداف المملكة الطموحة.
نحو مستقبل مشرق
مع استمرار الإصلاحات والدعم الحكومي، من المتوقع أن تشهد مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل مزيدًا من التوسع والعمق. المستقبل يبدو مشرقًا، حيث تستمر المرأة في قيادة التغيير والمساهمة في بناء اقتصاد قوي ومجتمع متوازن. إن قصة المرأة السعودية في سوق العمل ليست مجرد أرقام وإحصائيات، بل هي شهادة على تحول مجتمعي واقتصادي كبير. هي قصة إرادة وتغيير، تتجسد في إصرار النساء السعوديات على إثبات قدراتهن والمشاركة بفعالية في بناء وطنهن.