نشر بوساطة إفراج الزمهري في الرياض يوم 21 - 10 - 2024

كثيراً ما أتساءل عن شعور الإنسان تجاه الشجرة التي يستظل تحتها والشمس التي تدفئه عن برد الشتاء، ولماذا يفضل الشتاء عن الصيف، وهل ينتمي للشروق أم للغروب، وهل هو ممتن لغناء الطيور كل صباح، وهل يتأمل ارتفاع السماء ويسألها عن سبب صمتها، وهل يستشعر جمال طلوع الفجر الهادئ من رحم الليل الصاخب، وهل ينصت بحماس لصوت حوافر الخيل حين يركض، وهل يبتسم متفاجئاً من تراقص صدى النداء بين الجبال، ومن بين كل هذه التساؤلات، جاء الإنسان الآخر، ماذا يعني له، وما مدى احتياجه له، وهل يتلهف للحوار معه، وهل ينتابه الفضول لمعرفة المعنى، المعنى من وجوده ووجود الجنس الآخر والطبيعة والحياة الواسعة، كل الإجابات بجانبه إذا بحث عن يمينه وعن شماله وداخله، داخله حتمًا بداية المعنى الذي يوصله للإجابة الأولى، هي نفسه، حين يرى ويدرك كثافة وجوده وغزارة مشاعره، وأفكاره الكثيرة المتراصة التي تنتظره يخرجها من حبسها، وروحه التي تتوق لمعانقة ما يشبهها، وحينها سيخلق طريقة مختلفة للعيش تليق بكل العمق الذي وجده في نفسه ومن حوله، ومما سيجعله يحدد ماذا يعني له الإنسان الآخر، ويكُن أكثر تلهفًا لاكتشافه، ويتأكد مع كل حوار معه عن مدى احتياجه له الذي يشبه امتداد الصحراء التي لا نهاية لها، وحاجته للطبيعة التي سيعبر لها عن سبب تفضيله للشتاء فيها وعن امتنانه للطيور وظل الشجر، وسيراقب طلوع الفجر الهادئ كل ليلة، فهو عثر على معانٍ كثيرة ملئت كيانه نشوةً هائلة، وشغف للحياة الواسعة التي جعلته يتخلى عن فكرة الاستمرار المحدوده وضيق الفكر والشعور ويكن أمام الحياة طفل جريء يريد أن يلمس كل ما حوله برغبة الاكتشاف.