نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صيغة تواصل, اليوم الجمعة 1 نوفمبر 2024 01:39 صباحاً
نشر بوساطة عبد العزيز اليوسف في الرياض يوم 01 - 11 - 2024
مؤكد أن النقاش وتبادل الرأي والجدل الموزون مفاتيح للمعرفة، ومفيدة للوصول إلى مناطق الضوء، والوقوف على حقائق غائبة عنا، ووسائل لمعرفة كيف يفخر الآخر وكيف نفهمه..
حياتنا لا تستطيع أن تكون مجرد مساحة نظرية بعيدة عن الواقع بما فيه من تجاذبات ومفارقات.
نحن والأخر في حالة تواصل وممارسة تفاعلية شديدة التصادم أدركنا ذلك أم لم ندرك.
كوامننا العقلية صوتها يكون ألسنتنا ولغتنا الشاردة تقفز دوما باتجاه المسامع الأخرى.
ولا شك أن الحاجة إلى تماوج الأفكار وتزاحم الخيالات يجبرنا أن ننطلق في فضاءات تشابكية مع هذا أو ذاك.
الجدل صيغة تواصل بشرية لها مستوياتها المتأرجحة بين طرق الظنون وغمط النوايا، الجدل صوتنا الداخلي حين نظهر أشكال ذواتنا أمام الأخرين.
تطيح بنا كثير من التساؤلات في غياهب التمعن لتمخر بنا في بحور الاستفهام، هل نفهم معنى الجدل وحقيقته وغرضه وفرضيته أكاد أجزم أننا في حالة تسطح تمنعنا من إدراك الغايات والإجابات عن ذلك.
الجدل صراع نفسي وتضارب فكري يسمح لنا أن نسقط أو نرتفع لأن مدركاتنا الحسية تتركز في لب هذا الصراع.
عندما تكون في مجموعة وبيدك قطعة من ذهب أو فضة وتسأل أن يتوقعوا مقدار وزنها ثم يدلي الكل بدلوه فهذا يقول أظنه كيلو والآخر يعتقد أنه كيلو ونصف وذاك يرى أنه أقل وغيره أكثر وتدور الآراء والتوقعات ثم تقول لهم سأحضر ميزانا لنرى كم وزن القطعة، ثم تزنها وتجد ثقلها مختلفا عما ذكروا جميعا وتخبرهم بأن وزنها كذا وكذا.. ثم يوافق البعض على قراءة الميزان ويعترض واحد أو اثنان ويصرون على ما ظنوا حتى بوجود الميزان ويشككون في صلاحيته.
هكذا بعض الموضوعات التي يتجادل فيها الكثير دون مرجعية ولا ميزان حقيقي ويترك الأمر للجدل الفارغ والرأي الهش انتصار للذات واتباعا لهوى النفس.
كثير من جدالاتنا ينقصها الاتفاق على مرجعية يقينية تبنى عليها التقديرات الصحيحة للمسائل والآراء.
لا يمكن لنقاش أو جدل يثمر دون مرجعية احتكام، أو معيار هدى، أو مسطرة قياس يقبل ويتفق عليها الجميع حينها سنتمكن من تقييم آرائنا ووزن أطروحاتنا فتكون لها قيمة مثرية وفاعلية.
اليوم في كثير من جدلنا نصنع نزالات ومعارك ذاتية تطفو فيها الأنا على العقل، ويطغى العناد على الوعي، وتغطيها المعايير الخاطئة.
ولكن قد يُطرح سؤال.. هل يجهل الناس ذلك عندما يتجادلون؟ هل لديهم رغبة صادقة في طرح المعقول؟ وهل هم مستعدون للتنازل عن آرائهم المائلة؟ وهل نقول الحق دوما أما نعرفه ونتقول غيره؟ وهل عندما نتجادل نريد التنور ومعرفة الحقيقة وفهم الحدث والواقع؟ وما جدوى وحجم فوائدنا من نقاشات غابرة؟ وكم الجدالات قالت لصاحبها دعني، وكم صاحبها ندم على الدخول فيه؟
ويبقى السؤال الأكبر، هل نحن مضطرون لخوض نزالات الجدل دوما؟ ولماذا ندمن قول الرأي في كل أمر؟
تلك تساؤلات تكشف لنا دقائق الأمور في حالات الجدل بيننا.
مؤكد أن النقاش وتبادل الرأي والجدل الموزون مفاتيح للمعرفة، ومفيدة للوصول إلى مناطق الضوء، والوقوف على حقائق غائبة عنا، ووسائل لمعرفة كيف يفخر الآخر وكيف نفهمه.
ومؤكد أن التنظير حول مسألة الجدل سهل ولكن التطبيق قد يواجه المرء فيه بعض الصعوبات لسبب بسيط وهو أن صناعة مساحة للنزال توقظ الأنا أكثر من العقل، وتسكن الوعي فنضع أنفسنا في حالة تحدي لا شعورية حتى لو رددنا صوتيا غير ذلك.
ويبقى القول: عندما نجيب عن الأسئلة السابقة بحق يمكن أن نقيّم واقعنا الجدلي، ويمكننا مراجعة الذات.. من هنا ننطلق في بناء عقلي وتأسيس ذاتي يعيدنا إلى الحكمة والرشد عندنا رغبتنا في خوض جدال أو نقاش قضية.. فنعرف حينها متى ننصرف عن ذاك الجدل الذي بلا مسطرة احتكام، ومتى نواصل نقاشنا لتغذية كوامننا.. ونعي التوقيت والأسلوب المناسبين للحوار والنقاش مع الغير.
أخبار متعلقة :