نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بقعة صحافة من تلك الأيام, اليوم الخميس 7 نوفمبر 2024 01:00 صباحاً
نشر بوساطة فهد صالح في عكاظ يوم 07 - 11 - 2024
أشعر بحزنٍ من انتقال (صحافة جادة) ولدت داخل رحم إعلامٍ هادفٍ إلى (صحافة رمادية) برائحة الكذب حملت بها وسائلُ تواصل اجتماعي داخل بطنها الموجوع.. تلك الحالة زادتني حيرةً وأثملت قلبي المتهدِّج وأثقلت غربة روحٍ جففت صحافةً صادقةً مارستُها أعواماً طويلة.. فكلما قرأت خبراً كاذباً في مواقع التواصل انشطر نصف خاصرتي، وابتلّ وجهي بالدموع.. وكلما رأيت في داخلها (فبركة) أبتسمُ ابتسامةً مقلوبةً تزيد من حسرتي.
كلماتٌ عفويةٌ أكبُتها تحقيراً لأخبار سطحية انتشرت في منصّاتٍ رقميةٍ سيّالةٍ بالوهم.. أخبارٌ تعيسةٌ وقفتْ في مواجهة صحافةٍ هادفةٍ موجوعةٍ اضطرت لمغادرة القمة، كنسرٍ يغادر قمة جبل لم تصبح قمةً بعد أن وصل إليها الغراب.. صحافةٌ منتصبةٌ كالشجرة تخرج من طور إعلام صادق ينبت بالخبر وصبغ للقارئين.. أخبار بطينة ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قِبَله العذاب.. أخبار أليمة سريعة الانتشار غير دقيقة بلا موثوقية تمثّل مشكلةً معقدةً لقارئها.
أغلبنا شاهد بعينين مفتوحتين العجب العُجاب؛ بعضٌ من ممتهني المحتوى الرقمي لا قدرة لعقولهم الخاوية على التمييز بين أخبار موثوقة وأخرى زائفة أو منحازة.. والأشد عجباً أن ترى مستقبلين هدموا حياتهم أو كادوا، بتصديق تلك الأخبار الزائفة، ويحسبون أنهم نهضوا بحياتهم وطوَّروا من أنفسهم.. هؤلاء أو هؤلاء؛ مرسلين ومستقبلين، إنما يتمتمون بما يرسلون أو يستقبلون ليستعذبوا خيباتهم، مثل (حُوْذِيّ) -سائق عربة تجرها خيل- يُلهب بسوطه أكتاف فرسين يحملان عربة.
هناك أدوات خاصة لمشروع العلاقة بين المرسل والمستقبل في وسائل التواصل الاجتماعي.. علاقة تأثير لمُرسل يشكِّل آراء متابعيه وإن كانت إرساليةً مشكوكاً في صحتها.. علاقة تفتقر إلى الوعي الإعلامي والقدرة على التمييز بين خبرين؛ موثوق وزائف.. رحلة علاقة بين طرفين تسيِّرها الأهواء المشتركة بينهما.. علاقة تسير في كل الاتجاهات بمصالحها السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.. علاقةٌ متقلِّبةُ الأحوال بين الليونة والخشونة، والمتعة والتقزز، والبساطة والتعقيد.
وفي مختصر شديد للخطوات المعززة لمكانة الصحافة المسؤولة الهادفة؛ هذه أبرزها:
أولاً: مساعدة الجمهور في التمييز بين الأخبار السطحية والمعلومات الجادة.
ثانياً: تشجيع اعتماد الجمهور على المصادر الموثوقة في استقاء الأخبار.
ثالثاً: الحدُّ من انتشار الأخبار المزيفة؛ بإنشاء فرق متخصصة لكشفها، وتوعية الجمهور بخطورتها.
رابعاً: إجراء استطلاعات رأي لمعرفة توقعات الجمهور واحتياجاتهم.
ختاماً..
إن أردنا تحريك الوعي الجماهيري لإيقاف اشتداد رياح المحتوى الدنيء على باخرة المحتوى الإعلامي الهادف، كما يراه البحَّارة العالمون بشؤون البحار الإعلامية؛ علينا بتغيير ما تراكم من غبارٍ في المشهد الإعلامي الرقمي من رداءة، وبذلك نُعيد لمعان الزجاج الذي لم ينكسر بعد.
أخبار متعلقة :