نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ميتافيزيقا الإنسان, اليوم الجمعة 22 نوفمبر 2024 12:57 صباحاً
نشر بوساطة خالد الوحيمد في الرياض يوم 22 - 11 - 2024
في محيط وجودنا الكوني وفي لحظات حياتنا الدقيقة وآمالنا المستقبلية، التي لا نغيب عنها قيد أنملة؛ لأننا لا نرتمي في وحلٍ من الفوضى، وإن كانت تؤدي لبلوغ غاية لا بأس بها؛ فالأجدر أن لا نبني أسسنا ببعض التفاصيل السيئة، فهذا الكائن السيئ سيكون وبالًا علينا في مستقبلنا؛ ولا ريب في ذلك أبدًا.
والخوف كل الخوف من جهلٍ يتخذ من نفسه مسكنًا داخل عقولنا، لا سيما إذا كان هذا الجهل يرافق حُكمًا دينيًا أو يتبع منهجًا أخلاقيًا سواء في التعاملات السياسية أو الاقتصادية، فالأمر سيان في تدمير بنية المجتمع وإغراقه بمستنقعٍ ضحل. فلا يمكن الخلاص منه لا عن طريق مُخلص ولا عن طريق حكمة أو مواعظ، وإنما كل فردٍ يراجع ذاته مراجعة صريحة ليس فيها عواطف ولا ميل لغرائزه حينها يسهل فهم كل منهج أخلاقي.
فالإنسان مكون من مكونين؛ جزء منه ميتافيزيقي والآخر مادي أو لنقل دنيوي. فتارة نجده يعيش في ظل أخلاق ضميره وتارة يتبع الأخلاق السائدة المقننة اجتماعيًا. وهذه القضية من أعقد القضايا على مدى تاريخ الإنسان؛ أي منذ أن وعى عقله وتطور وأدرك وجوده. وهنا لا نستطيع الجزم حول أسبقية الفكرة هل هي قبل كينونته؟! أم العكس؟
وبما أن الفكرة العظمى سبقت كل الوجود (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا) رحلة كونية وجودية عبر الأسفار والمسارات فكل شيء يبدأ في هذا الوجود من كينونة صغيرة إلى أكبر شيء له فكرة، والفكرة هنا هي الروح التي أحاطت بجميع الذوات خاصة ذلك الكائن الذي يستشعر وجوده، وهو الإنسان الذي لا سواه في الكمال الذاتي. أما ما دون ذلك من مخلوقات فهي تتفاوت في النقص؛ فالطبيعة مفوضة من الله في إدارة شؤونها آليًا وفق القوانين والنواميس.
هل هذا يعني أن الإنسان يسير وفق دروب الطبيعة؟ لا في أمور محددة، ونعم في أمور أخرى، مثالًا: يستطيع الشخص منا أن يختار أسلوب حياته ومعيشته من مسكنٍ ومأكل وعمل ...إلخ، وأما الأمور الأخرى فهو يسير وفق نظام الطبيعة فهو لا يعلم الحوادث المستقبلية التي غير مسبوقة بفكرة؛ أي يجهلها تمامًا؛ كحادث سير أو تحديد ساعة انقضاء أجله.
ومن هنا نستشف أن هناك أموراً طبيعية وأخرى غير طبيعية أي تخفيها عنا الطبيعة ونقول عنها ميتافيزيقية أي ما وراءها، فهي ربما تأتي عن طريق الحدس ولكن هذا الحدس نادرًا ما يتوافق، فهو يأتي في منامات الأحلام أو التفكير الخارق كتنبؤات مثلًا. والذي يصح دائمًا التحليل المبني على أسس معرفية سواء عقلية أو حسية. ولكن لا نغفل عن الحدس أي الروح المفكرة فهي إشارات كونية وتحتاج إلى بصيرة وفق المساعدة من المنهج المعرفي. وهنا تكتمل الدائرة بين مكوني الإنسان، أي بشقيه الميتافيزيقي والطبيعي، ولعل الذي يدهشك المصطلح الأول!
أخبار متعلقة :