مجلة مباشر الاخبارية

لا يمكنني أن أتغيَّر

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لا يمكنني أن أتغيَّر, اليوم الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 12:50 صباحاً

لا يمكنني أن أتغيَّر

نشر بوساطة حنان درويش عابد في الرياض يوم 26 - 11 - 2024


كثير من الناس في المجتمعات على اختلاف ثقافاتها يرفضون الانتقال من حالات الضعف الإنساني إلى حالات القوة منه، لأننا دوماً نقول بأن سلبيات الإنسان ما هي إلا تمثيل حقيقي لحالة ضعف، ونقل تصرفات الإنسان إلى أشكال الإيجابية ما هو إلا نقل من حالة ضعف إلى حالة قوة.
ومن الشائع أن نسمع شخصاً يقول "أنا هكذا، ولن أتغيّر"، وهو يكون في حديثه هذا يتحدث عن رفضه تغيير صفة سيئة فيه تعبِّر عن سلوك سلبي يصر على أنه جزء منه وأنه لن يغيره إلى آخر عمره!
عبارة "لا يمكنني أن أتغيّر إلى الأفضل"، الدارجة أيضاً بين عدد من الشباب هي عبارة مردود عليها لأننا وإن أردنا تحليل عددا من النماذج الاجتماعية في كل المجتمعات، سنجد بأن عدداً لا بأس به من الذين يصرون على عدم نقل أنفسهم إلى الأفضل هم بالفعل يقومون عاماً بعد آخر بنقل أنفسهم إلى الأسوأ! حيث تزداد في بعضٍ منهم العادات السلبية ولا تتوقف عند عادات قديمة فقط، بل إنهم يكتسبون المزيد من العادات السلبية، وذلك في الواقع يمثل حالة من حالات الانتقال وإن كان انتقالاً سلبياً.
فالإنسان إذاً وعلى امتداد سنوات العمر يقوم بالفعل بحالات انتقال، وهنا تسقط أكذوبة "لا أستطيع أن أتغيَّر"، ويتضح لنا بأن المشكلة ليست في أن الإنسان عاجز عن القيام بحالة الانتقال نفسها، وإنما الأمر من الواضح جداً أنه يتعلق بقرار الإنسان وإرادته!
الإرادة إذاً هي الحقيقة، والقرار هو الحقيقة، وغير ذلك يعتبر أوهاماً يطلقها الإنسان في نفسه ربما وهو لا يعلم، أو ربما يطلقها وهو يعلم ليخدع المجتمع!
التغيير ممكن جداً نحو الأفضل، والتغيير إلى الأفضل قرار وإرادة، وكلما أدركنا بأن الحياة التي نحن نعيشها تمثل اختباراً حقيقياً لإرادتنا ولقراراتنا، سنفهم بأننا في الأصل موجودون لكي نختبر في قدرتنا على الاختيار بين إرادة التحول إلى الأفضل أو إلى الأسوأ، ومن الواضح أن كثر لديهم الإرادة الكافية والقوية للتحول إلى الأسوأ!
وحتى في العمل المؤسسي، هناك الكثير من القرارات التي تؤخذ في اتجاهات غير صحيحة، ويصر مدراء كثر والنماذج حول العالم كثيرة، على تطبيق سياسات فردية مخالفة لقرار هيئة مستشارين، أو لرأي مجموعة خبراء، في تطبيق سلوكي يتوافق مع اعتقاد البعض بأن أفكارهم السيئة هي أفضل ما أنتجه تاريخ الإنسان!
هذا الشكل من أشكال رفض التغيير إلى الأفضل هو الأخطر من بين كل الأنواع، لأن صاحب هذه المعتقدات العقلية يظن بأن ممارساته وقراراته السلبية هي بالفعل تسير في الاتجاه الصحيح، وهذا يدفعنا بأن نقول أن على الإنسان أن يتراجع قليلاً ويتوقف للحظة ويطلق العنان لروحه لكي تشعر بالحقائق وليس فقط أن يجعل عقله الذي من الممكن أن يخطئ هو الحكم على كل شيء، وأرواحنا تدرك جيداً حقيقة وأهمية وفائدة مقولة "ما خاب من استشار".




أخبار متعلقة :