دمشق-سانا

وثق الباحثان السوريان الدكتور عمر الجباعي، والدكتور شادي الخطيب الاستخدامات الشعبية لنبات المتة في سورية (علمياً واجتماعياً)، وذلك عبر بحث علمي نشر في مجلة كايوس البريطانية حمل عنوان “التوثيق الإثني النباتي للاستخدام الشعبي لنبات المتة في سورية”.

والبحث وفق الدكتور الجباعي اختصاصي علم النبات والزراعة تم بالتعاون مع الجمعية العلمية السورية للأعشاب الطبية والطب التكميلي والتجانسي والتغذية، وتناول الأهمية الشعبية للمتة في سورية، حيث يُعتبر مشروب المتة من المشروبات العشبية التقليدية التي تُستهلك بسبب تأثيراتها المنشطة وفوائدها الصحية، وتتمتع بارتباط ثقافي عميق في سورية، بعد أن أدخلها المهاجرون من أمريكا الجنوبية في أوائل القرن العشرين.

وأشار الدكتور الجباعي في تصريح لـ سانا إلى أن البحث يوثق الممارسات الثقافية والاجتماعية والصحية المحيطة باستخدام المتة في سورية، مع تسليط الضوء على دمجها في العادات المحلية وتحضيرها بالأعشاب، موضحاً أنه تم استكشاف وتوثيق الاستخدامات التقليدية، والممارسات الاجتماعية، وأساليب تحضير المتة بين المستهلكين السوريين، ودراسة الفوائد الصحية والأهمية الثقافية المرتبطة بها، من خلال توزيع استبيان إلكتروني على 430 مشاركاً من مختلف المناطق في سورية لجمع بيانات حول عادات استهلاك المتة، والممارسات الاجتماعية، وأسباب الاستخدام، والتأثيرات المتوقعة، وطرق التحضير التقليدية.

وأظهرت نتائج البحث بحسب الجباعي بعد تحليل البيانات باستخدام برامج إحصائية، ومؤشر تكرار الاستشهاد النسبي لتقييم انتشار الإضافات العشبية في تحضيرات المتة، أن 89.2 بالمئة من المشاركين يستهلكون المتة بانتظام، وكانت الفوائد الصحية دافعاً رئيسياً لـ 60 بالمئة منهم.

وبين البحث أن السوريين يستهلكون مشروب المتة بطريقة فريدة من خلال إضافة أعشاب محلية ومستوردة، إذ يضيف 68.6 بالمئة من المستهلكين المنتظمين أعشاباً مثل الشيح والبابونج وإكليل الجبل والمليسة والزعتر السوري والحبق وحشيشة الليمون والآس والقرفة والهيل والزوفا والزنجبيل والنعناع والميرمية والوردة الشامية والشاي الأخضر والبنفسج والختمية وزهرة الماسة والقرنفل والياسمين وأوراق الزيتون والغار، والتي تقدم فوائد صحية متنوعة.

ولفت الجباعي إلى أن البحث أظهر أن المتة تستهلك بكميات تزيد على 200 غرام أسبوعياً عند نسبة كبيرة من العينة المدروسة، مؤكداً أنه تم تعزيز النتائج باستبيانات ميدانية لعدد من المناطق التي تشتهر باستهلاك المتة تقليدياً، مثل القلمون في ريف دمشق، السويداء، ريف درعا، ريف حمص الغربي، السلمية والغاب في ريف حماة، اللاذقية، وطرطوس، حيث تم رصد الطقوس الشعبية والاجتماعية وأوقات شرب المتة، واختلاف ذلك من منطقة إلى أخرى.

من جانبه بين الدكتور الخطيب رئيس الجمعية العلمية السورية للأعشاب الطبية والطب التكميلي والتجانسي والتغذية، أن الاستخدامات الطبية للمتة وفقاً لأحدث الدراسات العلمية تشمل عدة مجالات تمت الاستفادة والإشارة إليها بالبحث، ومنها أن المتة تتمتع بخصائص مضادة للأكسدة ومضادة للالتهابات، وقد تساعد في الوقاية من تطور الأمراض المزمنة، وفي الحفاظ على مستويات صحية تتعلق بصحة القلب، وفقدان الوزن وتحسين عملية الهضم، وتعزز معدلات الاستقلاب، ويحفز الكافيين الموجود في المتة اليقظة العقلية والتركيز والمزاج.

ولفت الدكتور الخطيب إلى أن معظم الأدلة الحالية مستمدة من دراسات مخبرية أو نماذج حيوانية، وهناك حاجة إلى تجارب سريرية أكثر دقة لتأكيد هذه الفوائد على البشر، مبيناً أنه رغم وجود الفوائد الصحية العديدة للمتة لكن بعض المشاركين بالبحث أفادوا ببعض الآثار، منهم 38  بالمئة عانوا من زيادة في التبول، و20 بالمئة لاحظوا نشاطاً ذهنياً متزايداً، و24.5 بالمئة لم يلاحظوا أي تغييرات ملحوظة، ورغم ذلك تشير بعض الدراسات إلى أن الاستهلاك المتكرر للمتة، وخاصة عند درجات حرارة عالية أو بكميات كبيرة على مدى فترات طويلة يمكن أن يزيد خطر الإصابة ببعض الأمراض.

وبين الدكتور الخطيب أن البحث أكد أن المتة أصبحت جزءاً متجذراً من الثقافة السورية، مع تكييفات محلية تشمل الأعشاب الطبية التقليدية، حيث تعزز هذه التركيبات الفوائد الصحية للمتة، وتعكس مزيجا من التقاليد المستوردة والمعرفة العشبية السورية.

ولفت الدكتور الخطيب إلى أن البحث أشار إلى الأهمية الاجتماعية للمتة في سورية، داعياً إلى إجراء المزيد من الدراسات حول استخدامها العلاجي المحتمل في الطب التقليدي والتأثيرات الجانبية المحتملة لكثرة الاستخدام بشكل غير مرشد، حيث إنه لا بد من ضبط كمية الاستخدام بشكل معتدل ومتوازن، لتجنب التأثيرات غير المرغوب بها.

هيلانه الهندي

متابعة أخبار سانا على تلغرام https://t.me/SyrianArabNewsAgen