مسرحية "مُستوَجْ" ليحيى الفايدي تسخر من العبث السياسي بعد الثورة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مسرحية "مُستوَجْ" ليحيى الفايدي تسخر من العبث السياسي بعد الثورة, اليوم الأربعاء 6 نوفمبر 2024 01:11 مساءً

مسرحية "مُستوَجْ" ليحيى الفايدي تسخر من العبث السياسي بعد الثورة

نشر في باب نات يوم 06 - 11 - 2024

babnet
انطلاقا من مسرحية "في أعالي البحار" للكاتب البولوني "سلافومير مروجيك"، أعاد الفنان والمخرج المسرحي التونسي يحيى الفايدي صياغة هذا العمل، محوّلا أحداثه لتصبح مرآة للواقع التونسي في أعقاب ثورة 17 ديسمبر 2010، حيث عرفت تونس أوج العمل الحزبي والسياسي مقابل غياب إنجازات اقتصادية واجتماعية وثقافية ملموسة الأمر الذي أدى إلى أزمة شملت جميع هذه المجالات.
يحمل هذا العمل الجديد عنوان "مُستوَجْ" وهو من إنتاج شركة "ماسك" للإنتاج الفني، أداء مصطفى منصوري وإيهاب مراد وحازم فنيرة وسالم سلامة. وقد تمّ تقديم عرضه ما قبل الأول مساء أمس الثلاثاء بقاعة المبدعين الشبان بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي.
...
تدور أحداث المسرحية بأكملها في البحر، حيث الشخصيات الرئيسية الناجية متشبثة في طوافة عائمة بعد غرق السفينة. هذه الشخصيات الثلاث لرجال يتضورون جوعا، ويحاولون تحديد أي منهم يصلح عشاء للاثنين الآخرين، لذلك يقومون بالتفاوض فيما بينهم على أكل لحم أحدهم ويلجؤون إلى أساليب عديدة منها إجراء انتخابات حول تحديد من سيتطوع ليكون لحمه عشاء للبقية.
اختار المخرج يحيى الفايدي أن يوجه أحداث المسرحية إلى أسلوب "العبث"، فجعل الشخصيات أكثر كلاما في مقابل غياب الفعل والإنجاز على أرض الواقع، ولذلك بدا الحوار أكثر دلالة على عنوان المسرحية "مُستوَجْ" بما هو مصطلح دارج بقوة في اللهجة التونسية، ويعني كثرة كلام الشخص الثرثار إلى حدّ أن كلامه يصبح مصدر إزعاج بالنسبة إلى المتلقي.
هذا التبادل العبثي في اتخاذ القرار، الذي يبدو كأنه لعبة سياسية، يعكس جحيم الواقع الذي يعيشه هؤلاء الأشخاص في وضعهم الإنساني المأسوي. وهو ما يجعل من كل لحظة في المسرحية صورة رمزية لأزمة جماعية أكبر، تتجاوز الشخصيات إلى ما هو أعمق في السياسة والمجتمع.
ويبرز الفايدي من خلال اختيار هذا الأسلوب الحواري الساخر، الذي تتسارع فيه الكلمات الخاوية، لتفقد الشخصيات القدرة على اتخاذ قرارات حقيقية وملموسة. لذلك جاءت أحداث المسرحية ومواقفها بمثابة نقد لاذع للممارسات السياسية التي انطلقت بعد الثورة، حيث لجأ السياسيون إلى أساليب تلاعب بالسلطة عبر المفاوضات العبثية، تماما كما يفعل هؤلاء الرجال في البحر الذين يبحثون عن "ضحية" لتغذيتهم، بدلا من إيجاد حلول عملية لمشاكل الشعب.
وانبنت الخصائص الفنية المميزة للمسرحية على تقنية "الإضحاك"، فكانت المواقف والتعبيرات المسرحية هزلية ومحاكاة ساخرة عبثية. وقد تمّت ترجمة هذه المواقف الهزلية عبر ملابس الشخصيات وهي ملابس بحرية صيفية شبيهة بأزياء المهرّج لكنها تبدو أكثر غرابة وخروجا عن المألوف. وأما تقنية الإضحاك المعتمدة بكثافة فهي "سخرية سوداء" كشفت عن رؤية متشائمة وبشعة لوجه الإنسانية والحضارة الحديثة، إذ عوض البحث عن حلول جذرية وعملية، لمقارعة أزمة الجوع، تلجأ هذه الشخصيات إلى التضحية بأحدها ليسدّ رمق البقية.
مسرحية "مُستوَجْ" عمل يتأمل الأخلاق الإنسانية في المشهد السياسي التونسي بعد ثورة 17 ديسمبر 2010، حيث رجال السياسة يتلاعبون بالحلقة الأضعف وهو الشعب الكادح، إلى حدّ التآمر عليه باسم الانتخابات والديمقراطية للتلاعب بقوته. لذلك كانت المسرحية نقدا لاذعا للأزمة السياسية التونسية بعد الثورة، وتأمل عميق في الانهيار الأخلاقي الذي يطال الأفراد والمجتمعات في الأوقات الحرجة والعصيبة. فقد انتقد يحيى الفايدي في عمله تلك الألعاب السياسية التي تؤدي إلى تهميش المواطن البسيط في معركة من أجل البقاء، ليعكس عبر العبث والفوضى الانحدار الأخلاقي للإنسان إلى أسوأ درجات انعدام الإنسانية.
تابعونا على ڤوڤل للأخبار

.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق