استضافت العاصمة المصرية القاهرة أول أمس الاثنين، جولة ثانية من المشاورات مع الجانب التركي حول تطورات الأوضاع في ليبيا، حيث ترأس الوفد المصري في المشاورات مساعد وزير الخارجية لإدارة ليبيا السفير طارق دحروج، ومن الجانب التركي السفيرة إليف أولجن، مدير عام إدارة شرق وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية التركية. وقد جاءت المشاورات تنفيذًا للتوجيهات الرئاسية بأهمية استمرار التشاور وتبادل الرؤى بين البلدين حول ليبيا، بما يحقق مصالح الشعب الليبي الشقيق.
وتتوافق مصر وتركيا فى عدة ملفات حول ليبيا أبرزها دعم إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أقرب وقت ممكن لحل الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات، والعمل على تعزيز الثقة بين كافة المكونات والأطراف الليبية للقبول بنتائج العملية الانتخابية التي تشرف عليها المفوضية العليا للانتخابات.
أكد مراقبون أن القاهرة وأنقرة ترتبطان باتصالات واسعة مع كافة الأطراف السياسية والعسكرية الليبية الفاعلة وهو ما يدفع البلدان للعمل على تشجيع الليبيين على الذهاب نحو عملية ديمقراطية شاملة، مشددين على أن تفعيل المسار العسكري الليبي ضروري باعتباره قاطرة الحل السياسي في البلاد.
وتعاني ليبيا خلال السنوات الماضية من عودة الانقسام السياسي في مؤسسات الدولة لا سيما التنفيذية، مما يتطلب جهدا أمميا ودوليا مضاعفا لإعادة توحيد المؤسسات الليبية الفاعلة والدفع نحو إنجاز المصالحة الوطنية التي يقودها المجلس الرئاسي، والعمل لإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب وفق القرارين 2570 و2571.
أشار المراقبون أن مصر وتركيا تمتلكان القدرة على التأثير بشكل إيجابي لحل أزمة ليبيا ووقف التدخلات الخارجية في الشأن الليبي، والعمل على إصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية داخل ليبيا لمواصلة دورها في مكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة وإرساء الأمن والاستقرار في الساحة الليبية.
في ذات السياق، استضافت القاهرة الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين مصر وتركيا حول أفريقيا، والتي ركزت على منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، وقد ترأس الوفد المصري السفير إيهاب عوض، مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية، وترأس الوفد التركي السفيرة إليف أولجن، مدير عام إدارة شرق وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية التركية، وذلك بمشاركة السفير التركي بالقاهرة صالح موتلو شن.
استعرض الجانبان خلال المباحثات - بحسب بيان لوزارة الخارجية الثلاثاء - رؤيتيهما للتطورات المتسارعة التي تشهدها منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، حيث عكست المشاورات وجود مساحة كبيرة من التفاهم حول سبل تثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة، مما قد يسمح باستعادة معدلات مرور السفن التجارية الدولية عبر البحر الأحمر إلى طبيعتها. واتفقا على تعزيز التعاون من خلال أطر ومسارات متعددة لتحقيق أهدافهما المشتركة بالقرن الأفريقي والبحر الأحمر. كما اتفق الجانبان على مواصلة دعم الجهود الصومالية في مكافحة الارهاب وتعزيز قدرات الجيش الوطني الصومالي في هذا المجال، واتفقا على استمرار التشاور الدوري بينهما حول الملفات الأفريقية ذات الاهتمام المشترك.
وتكثف الدولة المصرية من جهودها وتحركاتها لدعم الدولة الصومالية في عملياتها لمكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة لا سيما حركة الشباب، ولم تبخل القاهرة على مقديشيو في نقل خبراتها الطويلة في مجال مكافحة الإرهاب وتدريب عناصر صومالية في إطار برنامج لتطويرات وحدات الشرطة.
أكد مراقبون أن الدولة الصومالية تعتمد على مصر والعشائر المحلية في مقديشيو لإرساء الأمن والاستقرار ومساعدتهم للحكومة الاتحادية في مواجهة حركة الشباب الإرهابية، وهو ما يتطلب دعما إقليميا ودوليا للجهود الكبيرة التي تبذلها القاهرة لمعالجة حالة عدم الاستقرار في القرن الأفريقي.
وأشار مراقبون إلى أن القاهرة بإمكانها قيادة الدول التي تسعى لدعم الصومال في مكافحة الإرهاب من خلال تنسيق مشترك عبر منصة للتعاون مع الأطراف الفاعلة التي تسعى لدعم الحكومة الإتحادية في الصومال بعملياتها العسكرية ضد حركة الشباب الإرهابية، مؤكدين أن تركيا باعتباره من الدول التي لها دور فاعل في تدريب الجيش الصومالي يمكن أن تنضم لهذه المنصة في إطار التعاون المشترك لمكافحة الإرهاب.
ويحتاج الجيش الصومال إلى دعم كبير جدا لمساعدته في رفع كفاءته القتالية لمواجهة حركة الشباب الصومالية المتطرفة، وتمتلك مصر خبرات كبيرة في عمليات مكافحة الإرهاب والتطرف وذلك من خلال الاستراتيجية التي وضعتها القيادة السياسية قبل عدة أعوام والتي ركزت على محاربة الفكر بالفكر وكذلك بالبناء والتنمية، وتتحرك مصر لدعم وحدة الأراضي الصومالية برفع كفاءة قواتها المسلحة، وتعزيز مشاركة دولة الصومال في تأمين الملاحة بمنطقة البحر الأحمر في ظل التوترات التي يشهدها الإقليم.