أصدرت المحكمة الدستورية العليا في مصر حكمًا تاريخيًا يقضي بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الأولى والثانية من القانون 136 لسنة 1981، المعروف بـ"قانون الإيجار القديم"، وهو ما يمهد الطريق لإحداث تغييرات جذرية في العلاقة بين المالك والمستأجر، التي استمرت على حالها منذ 43 عامًا.
القانون الذي صدر عام 1981 حدد الإيجارات السكنية بثبات دون مراعاة التغيرات الاقتصادية أو معدلات التضخم، ما تسبب في خلل كبير في العلاقة بين الطرفين. هذا الوضع جعل المستأجر يتمتع بمزايا غير متناسبة مع واقع الاقتصاد، بينما يعاني الملاك من قيمة إيجارية لا تواكب تطورات الزمن.
حكم المحكمة الدستورية، الذي يُعد ملزمًا لجميع مؤسسات الدولة، لن يسري بأثر رجعي أو فورًا، بل بعد انتهاء دور الانعقاد التشريعي الحالي، وذلك حفاظًا على استقرار المراكز القانونية للأطراف المتأثرة.
وأشار البرلمان إلى تكليف لجنة الإسكان بإعداد دراسة مستفيضة حول القضية، تشمل خلفية القوانين السابقة وتوصيات المحكمة الدستورية، مع الأخذ في الاعتبار حماية حقوق جميع الأطراف بشكل عادل.
هناك مخاوف متزايدة لدى الملاك من مماطلة المستأجرين في إخلاء الوحدات السكنية بعد انتهاء عقود الإيجار. وللتصدي لهذه الظاهرة، يُقترح أن يتضمن التشريع الجديد ضوابط صارمة لتنفيذ بنود العقود، مع تسهيل إجراءات إخلاء الوحدات المستأجرة بعد انتهاء المدة القانونية.
كما يقترح الخبراء إعادة تقييم القيمة الإيجارية وفقًا لمعايير تعتمد على:
الموقع والمساحة: تختلف الزيادة في المناطق الراقية مثل المهندسين عن المناطق الشعبية.
المرحلة الزمنية: تطبيق الزيادات تدريجيًا خلال فترة لا تتجاوز ثلاث سنوات مع إعادة التقييم الدوري.
حماية المالك: تسهيل الإجراءات القانونية لضمان حق المالك في استعادة العقار دون تعقيدات.
الإيجار القديم بين الماضي والحاضر
بدأت تشريعات الإيجار في مصر منذ عام 1920 عندما مُنع المالك من طرد المستأجر إلا بحكم قضائي. ثم جاءت قوانين 1941 و1952 لتضع قيودًا إضافية، أبرزها منع رفع الإيجار وتثبيته بقيم منخفضة.
وفي عام 1981، حدد القانون 136 العلاقة بين الطرفين، مع فرض نسبة 7% من قيمة الأرض كإيجار سنوي للوحدات السكنية، وزيادات طفيفة للعقارات غير السكنية. ولكن مع مرور الوقت، أصبح هذا القانون غير مواكب للتغيرات الاقتصادية، ما دفع إلى صدور حكم الدستورية الأخير.
الحكم الأخير يُعد خطوة كبيرة نحو إعادة التوازن المفقود في العلاقة الإيجارية. ومع التعديلات المقترحة، من المتوقع أن تُعالج المظالم التي تراكمت على مدار عقود.
يظل التحدي الأكبر هو التوفيق بين حقوق المالك والمستأجر، والحفاظ على العدالة الاجتماعية دون الإضرار بالاستقرار الاقتصادي. إذا نُفذت التعديلات بروح التوازن، فقد تصبح فرصة لبناء علاقة إيجارية تعود بالنفع على الاقتصاد والمجتمع ككل.
أخبار متعلقة :