دبي: محمد إبراهيم
حظي قرار إلغاء امتحان الإمارات القياسي «إمسات»، باهتمام بالغ بين خبراء التعليم والتربويين والمعلمين والإداريين والمختصين، إذ أكدوا أنه يشكل خطوة جريئة نحو تطوير آليات التقييم الأكاديمي.
لقي القرار تفاعلاً واسعاً واستحساناً كبيراً من جميع الفئات في الميدان التربوي، لما يحمله من تأثير عميق في مسيرة التعليم ومستقبل الطلبة، إذ أكدوا ل«الخليج» أن التوجه الجديد يُمكن للطلبة تحقيق تجربة تعليمية أكثر شمولية وإيجابية، ما يسهم في تهيئتهم لمراحل التعليم العالي بسلاسة ويدعم تحقيقهم لطموحاتهم المستقبلية في بيئة تعليمية مرنة ومحفزة.
«الخليج» رصدت الميدان التربوي بمختلف فئاته عقب الإعلان عن القرار، وجمعت ردود الأفعال للخبراء والتربويين للوقف على مؤثرات إلغاء الامتحان على مسيرة الطلبة الجامعية وما يسبقها.
خطوة نوعية.
يرى الدكتور عيسى البستكي رئيس جامعة دبي أن قرار إلغاء الامتحان خطوة نوعية تمنح الجامعات مرونة أكبر في وضع معايير قبول تتناسب مع احتياجاتها الأكاديمية ومتطلباتها التخصصية، فمن خلال إتاحة الفرصة لكل جامعة لتحديد أسس القبول الخاصة بها، يمكن للمؤسسات التعليمية أن تستقطب الطلبة بناءً على معايير تتماشى مع فلسفتها التعليمية وأهدافها الأكاديمية، ما يعزز التنوع والتنافسية بين الجامعات، ويضمن انضمام طلبة يمتلكون المهارات والمعارف الملائمة لكل تخصص.
كما يسمح هذا القرار للجامعات بالتركيز على تقييم الجوانب الأكاديمية والمهارية التي تتناسب مع برامجها المختلفة، ما يؤدي إلى تجسير الفجوة بين التعليم العام والتعليم العالي.
وأفاد بأن النظام الجديد يُتيح للطلبة فرصة أكبر لاختيار التخصصات التي تتوافق مع ميولهم وقدراتهم دون أن يكونوا محصورين في اختبار موحد قد لا يعكس قدراتهم الحقيقية في بعض الأحيان.
تطوير المهارات.
وأكدت المستشارة التربوية علياء الشامسي أن قرار الإلغاء يعكس التوجه نحو تعزيز وتطوير مهارات الطلبة في المواد الدراسية الأساسية عبر منظومة تقييم أكثر شمولية وحداثة. تهدف هذه الخطوة إلى تحسين عملية قياس أداء الطلبة بشكل أكثر دقة، والتركيز على تنمية قدراتهم الفردية ومهاراتهم الأكاديمية بطريقة تراعي الفروق الفردية وتدعم احتياجاتهم التعليمية.
كما يُظهر القرار حرص وزارة التربية والتعليم على تحديث أدوات التقييم لتتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، ما يعزز جودة التعليم ويدعم الطلاب في رحلتهم التعليمية وفق أسس تعزز من مستوى الاستعداد الأكاديمي لديهم في المستقبل، كما أن التوجه الجديد يسهم في إعداد جيل أكثر استعداداً لمتطلبات سوق العمل ومهارات المستقبل، ما يعزز من تنافسية النظام التعليمي الإماراتي على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
استراتيجية شاملة
في وقفة مع الخبير التربوي الدكتور عبد الله مصطفى، أكد أن القرار يمثل جزءاً من استراتيجية شاملة لتطوير منظومة تعليمية إيجابية تُحوِّل التحديات إلى فرص جديدة أمام الطلبة. فبدلاً من التركيز على اجتياز اختبار قياسي، يتم الآن توجيه الجهود نحو بناء مهارات أساسية لدى الطلاب، مثل التفكير النقدي، والإبداع، والتواصل الفعّال، وهي قدرات أساسية لنجاحهم في المستقبل. هذا التوجه يُعزز من دور التعليم كوسيلة لتنمية القدرات الفردية للطلاب وتهيئتهم للتكيف مع متطلبات العصر، مما يمنحهم فرصاً أوسع للتطوير الشخصي والمهني.
وأضاف: «يفتح القرار المجال أمام الطلاب لاكتساب مهارات قابلة للتطبيق في حياتهم العملية، بدلاً من الاكتفاء بالتعلم النظري المحدود.
توحيد السياسات
من جانبه أكد الدكتور وافي الحاج أن قرار إلغاء (إمسات) يُبرز أهمية توحيد السياسات، وتكاملها بين مختلف الجهات التعليمية، بما يضمن انتقال الطلبة من التعليم العام إلى التعليم العالي بشكل سلس وميسر. فهذا التنسيق يعزز من قدرة الجهات المعنية على تقديم تجربة تعليمية متكاملة وشاملة، ويتيح للطلاب الانتقال إلى مرحلة التعليم الجامعي دون معوقات، ما يخفف من ضغوط اختبارات القبول الموحدة ويضعهم في بيئة داعمة ومشجعة لمواصلة مسيرتهم الأكاديمية بثقة وطمأنينة.
خطوة محورية
وأكد التربويون الدكتور فارس الجبور، ووليد فؤاد، وسلمى عيد، أن قرار إلغاء «إمسات» خطوة محورية لتحسين مستوى أداء الطلبة، حيث إن التركيز على نظام تقييم متنوع وشامل يتيح للطلاب تطوير مهاراتهم الأساسية بدلاً من الاقتصار على التحضير لاختبار موحد وبدلاً من الضغط الناتج عن الاستعداد لاجتياز امتحان محدد، ستتاح للطلبة فرصة أكبر للتركيز على التعلم العميق، واكتساب المهارات للنجاح في المرحلة الجامعية.
كما يعتقد التربويون أن القرار يسهم في تسهيل التحاق الطلبة بالجامعات، حيث يمنحهم مرونة أكبر للانتقال إلى التعليم العالي، ويجعل من تجربة الانتقال بين المرحلتين أكثر سلاسة. فبدلاً من مواجهة تحديات امتحانات القبول المعيارية، يمكن للطلبة الاعتماد على أدائهم الأكاديمي العام وتحصيلهم المستمر في الثانوية كمعيار للقبول.