أكدت د. نورة الغيثي وكيل دائرة الصحة بأبوظبي، أن مجلس الإمارات للجينوم برئاسة سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، يسهم في ترسيخ مكانة دولة الإمارات مركزاً رائداً للبحوث والابتكار في علوم الجينوم، وتوفير رعاية صحية عالمية المستوى في الدولة، واعتماد البرامج العلاجية الوقائية والاستباقية، فضلاً عن تمكين القطاع الطبي من الحد من انتشار الاضطرابات الوراثية والإعاقات الجسدية والعقلية.
وقالت إن المجلس يشرف على تطوير وإنجاح برنامج الجينوم الإماراتي، ليتمكن البرنامج من أن يصبح إحدى أكبر مبادرات الجينوم السكانية وواحدة من أكبر قواعد البيانات الجينومية في العالم، من خلال جمعه أكثر من 650 ألف عينة ليمضي في تحقيق هدفه القائم على الوصول إلى مليون عينة.
وكشفت خلال جلسة رئيسية بعنوان «لماذا برنامج الجينوم الإماراتي؟» ضمن الاجتماعات السنوية لحكومة الإمارات 2024، عن إدراج الاختبار الجيني ليُصبح جزءاً أساسياً من برنامج فحوص ما قبل الزواج لجميع المواطنين المقبلين على الزواج على مستوى الدولة وذلك اعتباراً من يناير 2025.
مستقبل أكثر صحة
قالت نورة الغيثي إن الاختبار الجيني ضمن فحوص ما قبل الزواج يغطي 570 جيناً لأكثر من 840 اضطراباً جينياً، وهو تدبير وقائي يحمي أفراد المجتمع من الأمراض الوراثية، ويتيح للمقبلين على الزواج الخضوع لفحوص جينية لتحديد فيما إذا كانوا يحملون طفرات جينية مشتركة وقد ينقلونها لذريتهم مستقبلاً، وتتسبب لأطفالهم بأمراض وراثية يمكن الوقاية منها، حيث قد تؤدي الطفرات الوراثية الأكثر شيوعاً بين الأزواج إلى تعرض الأطفال إلى فقدان البصر والسمع، وتخثر الدم، وتأخر في النمو، وفشل في وظائف الأعضاء، واختلال التوازن الهرموني والنوبات المرضية الحادة وغيرها.
وأضافت: يسهم الاختبار الجيني في الحفاظ على صحة وعافية أفراد المجتمع، وتوفير مستقبل أكثر صحة للأجيال القادمة، كما يُمكن المقبلين على الزواج من اتخاذ قرارات مدروسة واعية عند التخطيط لتأسيس الأسرة، إضافة إلى الوقاية من انتقال الأمراض الوراثية إلى الأبناء.
ودعت جميع المقبلين على الزواج إلى إجراء الاختبار مع مراعاة أن الفترة اللازمة لصدور النتائج تستغرق 14 يوماً.
برنامج تدريبي
أكدت نورة الغيثي أنه بفضل البيانات التي يوفرها برنامج الجينوم الإماراتي، تم اكتشاف 12% من المتغيرات الجينية الجديدة التي تتضمن أن أكثر من 25% من الإماراتيين لديهم جينات تجعلهم أكثر قدرة على التعامل مع الضغوط النفسية، وأن 46% من الإماراتيين لديهم متغيرات جينية تساعد على هضم اللاكتوز في منتجات الألبان، وأن 20% من الأجيال القادمة من الإماراتيين لديهم مخاطر أعلى للإصابة بداء السكري من النوع الأول.
ولفتت إلى أن دائرة الصحة بأبوظبي أطلقت بالتعاون مع جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، ومستشفى بريغهام للنساء، وكلية الطب بجامعة هارفارد، والمركز الدولي للأمراض الجينية، البرنامج التدريبي لطب الجينوم السريري والاستشارات الوراثية الذي شهد تخريج 100 طبيب إماراتي من مختلف منشآت الرعاية الصحية في دولة الإمارات.
إنجازات متميزة
قالت نورة الغيثي إن مجلس الإمارات للجينوم حقق منذ تأسيسه عام 2021 العديد من الإنجازات على صعيد منظومة البحث والتطوير في علوم الجينوم.
وأضافت أن المجلس اعتمد إطلاق منصة الجينوم المرجعي الإماراتي، التي طوّرتها الدائرة بالتعاون مع جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، وشركة 42M، لتمثل التركيب الجيني لأكثر من 140 ألف مواطن إماراتي، وهي أكبر مجموعة في الشرق الأوسط حتى الآن، وذلك لتوفير بيانات ونتائج الدراسة للأطباء والباحثين لمساعدتهم في تحديد عوامل مخاطر الأمراض الوراثية الشائعة بين المواطنين وتسريع وتيرة تطوير حلول الرعاية الصحية الشخصية والوقائية.
وأوضحت أن الباحثين المشاركون في الدراسة، أكتشفوا من خلال تحليل 50 ألف عينة جينية، 5,296,683 متغيراً جينياً، تمثّل 12% من المتغيرات الوراثية الجديدة وغير المكتشفة في خريطة الجينوم الإماراتي، وهي الدراسة الأولى من نوعها على مستوى العالم من حيث التركيز على التنوع الجيني بالمنطقة العربية.
مبادرة رائدة
أكدت نورة الغيثي أن دائرة الصحة أطلقت بالتعاون مع شركة M42 مبادرة رائدة تهدف لتعزيز المعرفة العالمية بالأمراض النادرة والارتقاء بجهود تطوير حلول الرعاية الصحية الشخصية لدى المجتمعات وأضافت أن المبادرة تستهدف 100000 مشارك من جنسيات مختلفة، وتقدم رؤى حول الطفرات الجينية التي تؤثر على أكثر من 2.5 مليار شخص حول العالم، ويتم استخدام تقنيات تحليل التسلسل الجيني المتقدمة والذكاء الاصطناعي للارتقاء بإمكانات الطب الدقيق واكتشاف التنوع الجيني والمتغيرات الجديدة والمسارات العلاجية، ما يُمكن من القيام بتشخيص أكثر دقة وتطوير استراتيجيات وقائية وبالتالي الحصول على نتائج محسنة لدى أفراد المجتمع من مختلف الأعراق.
وذكرت أنه من خلال هذه الدراسة، تم جمع بيانات حول السلوكيات الصحية، والقياسات الجسدية مثل الوزن، والعينات البيولوجية من أكثر من 14000 مواطن، حيث تهدف الدراسة الى تقييم أسباب التغييرات الجينية باستخدام تقنية كريسبر، وهي أحد الأدوات الثورية في مجال البحث الجيني.
تقارير الصيدلة
قالت نورة الغيثي إن دائرة الصحة وفرت تقارير الصيدلة الجينية في أبوظبي لمزوِّدي خدمات الرعاية الصحية عبر منصة تبادل المعلومات الصحية «ملفي» لتيسير وضع خطط علاجية شخصية للمرضى تقلِّل الآثار الجانبية للأدوية، وتحسِّن فاعليتها بناءً على النموذج الجيني للمريض، ما يُعزِّز صحة وسلامة أفراد المجتمع.
وتابعت: بفضل قاعدة البيانات الجينومية التي يوفِّرها برنامج الجينوم الإماراتي، يتمكَّن مزوِّدو خدمات الرعاية الصحية من الاطِّلاع على هذه التقارير عبر منصة تبادل المعلومات الصحية «ملفي»، ما يُسهم في تحسين جودة خدمات الرعاية الصحية وكفاءتها في أبوظبي،.
ومن خلال تحليل 23 جيناً دوائياً يؤثِّر في 128 دواءً مختلفاً، تُمكِّن هذه التقارير من اتخاذ قرارات مدروسة بشكلٍ دقيق، بصرف النظر عن اختيار الأدوية، وتحدُّ من أخطار الآثار الجانبية الشديدة، وتتوقَّع التفاعلات الدوائية المحتمَلة، وتحسِّن من المخرجات العلاجية.