بينما سيطرت موضوعات الهجرة غير الشرعية والإرهاب والحريات السياسية على السينما التونسية في السنوات القليلة الماضية، اختار المخرج وليد مطار، أن يسلط الضوء في فيلمه الجديد «قنطرة» على أخطار أخرى تهدد الشباب منها أوهام الثراء السريع والمخدرات وتأثير الإنترنت.
الفيلم هو الروائي الثاني في مسيرة مخرجه بعد سلسلة من الأفلام القصيرة ومن بطولة سارة حناشي وسيف عمران ومحمد أمين حمزاوي، وينافس ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية» بالدورة الخامسة والأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
وتنطلق أحداث الفيلم من الضاحية الشمالية في تونس العاصمة التي يغلب عليها الطابع الشعبي، حيث يتطلع مغني الراب الصاعد طارق (تيتا) لتصوير أغنية لإطلاقها على يويتوب فيستعين بصديقه المصور والمخرج فؤاد الذي يحلم بصنع فيلم وثائقي عن الكلاب الضالة، لكن لا يجد التمويل الكافي للعمل، وتنضم لهما صفاء مصممة الحلي والناشطة على إنستجرام، لتكون موديل الأغنية.
وأثناء تصوير جزء من الأغنية في البحر يرتطم صندوق كبير بالقارب الذي يستقله الثلاثة وبعد استخراجه يكتشفون أنه معبأ بكمية من مخدر الكوكايين تقدر قيمتها بالملايين ويبدأ الجدل بين تسليم الشحنة للشرطة أو التخلص منها أو استغلالها والتربح منها.
وبعد ليلة سادها القلق يحسم الثلاثة قرارهم باستغلال الفرصة والبدء في بيع المخدر، لكنهم لا يعرفون من أين يبدأون إلى أن تقودهم سهرة في صالة ديسكو بالضاحية الجنوبية الراقية للتعرف إلى شبان يدمنون المخدر ويبدأون في جني الأموال.
ويمضي الثلاثة في رحلتهم المسائية يومياً بين الشمال والجنوب لبيع المخدر عبر الجسر الرابط بين الضاحيتين والذي يمثل في الوقت ذاته فاصلاً بين عالم الأحلام التي تركوها خلفهم وعالم الأوهام التي تبدت لهم طريقاً أسرع وأسهل لاختصار الزمن نحو أهدافهم.
لكن لسوء حظهم تلحظ عاملة نظافة في صالة الديسكو نشاطهم المريب وتخبر شقيقها الذي يعمل معها حارس أمن بالمكان ويعملان على ابتزاز صفاء مادياً وتهديدها بالإبلاغ عنها.
وأثناء تهديد حارس الأمن لصفاء يستمع تيتا للحديث عبر الهاتف ويعتقد خطأ أنها وقعت في قبضة الشرطة فيسارع إلى التخلص من كمية المخدر الباقية كلها في المرحاض.
وعلى الرغم من إفلات صفاء من قبضة حارس الأمن يظل يتعقبها إلى أن يصل لبيتها ويسلبها كل ما جنت من أموال ثم يتوجه إلى بيت تيتا وعندما يكتشف أنه تخلص من المخدر يسلبه هو الآخر كل أمواله، وعلى الجانب الآخر يبدد فؤاد حصته من المخدر على مجموعة من الأثرياء تعرف إليهم وظن أنهم سيأخذون بيده إلى عالم السينما.
وينتهي حلم الثراء السريع بصدمة كبيرة للثلاثي ودرس مؤلم، لكن الصدمة تعيدهم إلى أرض الواقع ويتذكر كل منهم أحلامه التي بددها قبل هذا الوهم ويحاولون استئناف رحلتهم من جديد.
وقال مغني الراب المعروف في تونس وأحد أبطال الفيلم محمد أمين حمزاي في ندوة بعد العرض، أمس الثلاثاء: «أعجبت بفكرة الفيلم من البداية، والشخصيات قريبة من الشباب في أي مكان بالعالم العربي، أغلبية المجتمعات اليوم تحب تعمل برشا (كتير) فلوس وبسرعة ولا يهتمون بالعواقب أو الأخلاق أو غيرها».
وشارك حمزاوي، في وضع موسيقى وأغاني الفيلم التي أدت دوراً مؤثراً في الأحداث وكانت أداة تعبير فعالة عن تباين الطبقات وأحلام الشباب.