نظمت مدينة الشارقة للإعلام «شمس» جلسة فنية حوارية حول مستقبل صناعة الدراما، بمشاركة أصحاب الاختصاص، وبحضور ممثلين عن المدينة، إلى جانب عدد من المهتمين والموهوبين والإعلاميين.
وتهدف «شمس» من خلال هذه الفعاليات إلى دعم الإبداع الإعلامي، وتعزيز دور الإمارة كمركز عالمي للإنتاج الفني والثقافي.
ركّزت الجلسة على سبل الارتقاء بمستقبل صناعة الدراما والتحديات التي تواجه هذه الصناعة في ظل التطور التكنولوجي والتقني والرقمي ومنصات البث واحتياجات الجمهور المتجددة.
يأتي تنظيم هذه الجلسة التي عُقدت مساء الأربعاء في مقر المدينة، في إطار ما توليه «شمس» لتطوير المجتمع القائم على الأفكار الابتكارية التي تعزز الصناعات الإبداعية، وشارك فيها، المخرج والممثل حبيب غلوم، والممثلة يارا صبري، والسيناريست محمد حسن أحمد، والمنتج محمد حسين، وأدار الجلسة الإعلامي محمد رمضان.
حيث أكد صُنّاع الدراما، أهمية تعزيز المحتوى وتقديم أعمال تعكس الهوية الثقافية، بالإضافة إلى فرص التعاون الإقليمي والدولي.
واستعرضت تجارب ناجحة لبعض الإنتاجات الدرامية التي حققت تأثيراً واسعاً في المنطقة، وأهمية السيناريو لضمان النهوض بسوق الإنتاج، مشيرين إلى أن السيناريو هو العمود الفقري لتسويق الأعمال الإنتاجية التي تحتاج إلى مجموعة من المهارات المتطورة لتطوير صناعة الدراما.
مواكبة التغيرات
شدّد المخرج والممثل حبيب غلوم على أهمية دعم إنتاج الحركة الدرامية المحلية عبر زيادة الدعم الحكومي والخاص، في ظل النهضة الحضارية التي تعيشها الدولة، مؤكداً أهمية تطوير الصناعة الدرامية لتواكب التحولات الثقافية والاجتماعية والتكنولوجية.
وقال غلوم: إن «مستقبل صناعة الدراما يعتمد على الابتكار ومواكبة التغيرات السريعة في ذائقة الجمهور وأساليب تقديم المحتوى، الدراما ليست فقط وسيلة للتسلية، بل هي مرآة للمجتمع وأداة لتشكيل الوعي ونقل القيم، علينا التركيز على إنتاج نصوص عميقة ومعالجة قضايا معاصرة بأسلوب يجمع بين الإبداع والواقعية، كما أن الاستثمار في المواهب الشابة واستخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي ومنصات البث الرقمي أصبح ضرورياً للوصول إلى جمهور أوسع وتعزيز تأثير الدراما في عالم مليء بالمنافسة».
ملامسة الواقع
قالت الممثلة يارا صبري: إن «مستقبل صناعة الدراما مرهون بقدرتنا على تقديم قصص تعكس الواقع وتلامس وجدان الجمهور، مع الحفاظ على جودة النصوص وأداء الممثلين، ويجب أن نرتقي بالدراما لتكون أداة للتغيير الإيجابي، تنقل قضايا الإنسان بمصداقية وتسهم في بناء وعي ثقافي واجتماعي، كما أن احتضان التطورات التكنولوجية والمنصات الرقمية يفتح آفاقاً واسعة لتوسيع جمهورنا وتقديم أعمالنا بأسلوب أكثر تنوعاً وجاذبية، في النهاية، الدراما ستبقى صوت الناس، وعلينا أن نحافظ على هذا الصوت قوياً وصادقاً».
صدق وجرأة
أكد السيناريست محمد حسن أحمد أن صناعة الدراما تواجه العديد من التحديات، وقال إن «مستقبلها يعتمد جوانب عدة منها النص، فهو العمود الفقري لأي عمل ناجح، علينا أن نركز على كتابة قصص تعكس روح العصر، وتتناول قضايا الناس بصدق وجرأة، مع تقديم أبعاد إنسانية تلامس الجمهور أينما كان، التحدي هو أن نجمع بين الأصالة والتجديد، وأن نقدم محتوى ينافس على المستوى المحلي والدولي».
وتابع: إن «التكنولوجيا الحديثة ومنصات العرض الجديدة تتيح لنا فرصاً غير مسبوقة، ولكنها تضعنا أيضاً أمام مسؤولية كبيرة لتقديم أعمال بجودة عالية، نصاً وإنتاجاً، والإبداع وحده هو الذي سيضمن بقاء وتألق الدراما في المستقبل».
الاستثمار الذكي
كشف المنتج محمد حسين أن «مستقبل صناعة الدراما يرتبط بالاستثمار الذكي في المواهب والقصص التي تستحق أن تُروى، اليوم نحن أمام جمهور متنوع ومتطلب، ما يضعنا أمام تحدي تقديم محتوى جذاب ومبتكر يتماشى مع تطور المنصات الرقمية وأساليب العرض، والجودة هي المفتاح سواء في النصوص، التمثيل، أو الإنتاج، لأنها ما يميز العمل ويجعله قابلاً للمنافسة محلياً وعربياً».
وأضاف أن «التعاون بين المبدعين في مختلف المجالات، ودعم المشاريع التي تعكس هويتنا الثقافية والإنسانية، يضمن للدراما مكانتها في المستقبل، وعلينا أن ننظر للدراما كاستثمار طويل الأمد يحمل رسائل مؤثرة ويصنع قيمة مضافة في المشهد الفني».
مواجهة التحديات
أكد المشاركون أن مستقبل صناعة الدراما المحلية والخليجية والعربية يواجه العديد من التحديات التي تتطلب منا العمل الجاد والمستمر للتغلب عليها.
من أبرز هذه التحديات ضعف النصوص التي تفتقر إلى التجديد والعمق، وقلة الاستثمار في الإنتاج الضخم الذي يعكس هويتنا بشكل يليق بالمنافسة العالمية، كما أن محدودية اكتشاف المواهب الجديدة والتدريب الاحترافي يؤثر سلباً في الإبداع والتنوع في هذه الصناعة، خصوصاً في ظل عصر المنصات الرقمية والتقنيات الحديثة.
وقال المشاركون: «نواجه تحدياً كبيراً في مواكبة تطلعات الجمهور الذي بات يبحث عن محتوى مختلف ومبتكر بجودة إنتاجية عالية، ورغم كل ذلك، تظل الدراما وسيلة قوية لتشكيل الوعي ونقل القيم الثقافية والاجتماعية، بشرط أن نقدم قصصاً جريئة تعكس واقعنا وتطمح إلى العالمية».
وشدّدوا على الحاجة إلى دعم مؤسسي ومجتمعي أكبر، مع رؤية واضحة تركز على تطوير النصوص، الاستثمار في المواهب، واستخدام التكنولوجيا الحديثة. بهذه الخطوات، يمكن أن تسهم في تطوير الدراما المحلية والخليجية والعربية والإنتاج الفني على المستوى الإقليمي، كما تطرق محمد حسن إلى دور «شمس» في اكتشاف كتّاب سيناريو جدد عن طريق مشروع حكاية «غرفة الكتابة» الذي رفد السوق بعدد من الكتّاب والمسلسلات التي بلغ عددها أحد عشر مسلسلاً.
زيادة الدعم
ناقش المشاركون سبل إنعاش إنتاج الحركة الدرامية عبر زيادة الدعم، ما يسهم في زيادة العملية الإبداعية على جميع المستويات، ويُحسّن الأعمال الإنتاجية، ويصنع النجومية الدرامية الجديدة.
ودعوا إلى ضرورة اتخاذ خطوات جادة في اتجاه وضع سياسات متكاملة تضمن تسويق صحيح لإبداعات الدراما المحلية والعربية، وتحقق نقلة نوعية في واقع هذا القطاع الفني المهم.
توازن
ناقشت الجلسة كيفية تحقيق التوازن بين الإبداع الفني والجدوى التجارية خلال صناعة الدراما، وتطوير سيناريوهات الدراما، والتحديات الرئيسية التي تواجه صناعة الدراما وكيفية التغلّب عليها.
وتطرّقت إلى دور التعاون بين كُتّاب السيناريو والمخرجين والمنتجين في تشكيل النتيجة النهائية لإنتاج الدراما، وعرّجت إلى سُبل التكيّف مع التغييرات في تفضيلات المشاهدين والتقدّم التكنولوجي أثناء تطوير وإنتاج محتوى درامي.