وكالة زهوة برس للأنباء

الذكاء الاصطناعي يمهد طريق تعليم الطلبة الصم والبكم

تحقيق: محمد إبراهيم

يثبت الذكاء الاصطناعي يوماً تلو الآخر، قدرته وإمكانياته على معالجة إشكاليات حياتية مؤثرة، لاسيما في قطاع التعليم الذي استعان بالتقنيات الذكية وأدواتها مؤخراً، ليذيب حواجز ومعوقات التواصل لدى الطلبة أصحاب الهمم من فئة الصم والبكم، لينهي معاناتهم «بكبسة زر».

وزارة التربية والتعليم أكدت ل«الخليج» أهمية تذليل التحديات كافة أمام الطلبة أصحاب الهمم، لدمجهم وتمكينهم من التعليم، مشيرةً إلى مشروعها الوطني الواعد، لتمكين طلبة الصم والبكم من التواصل مع المجتمع بفاعلية، بتقنيات ذكية تترجم لغة الإشارة لكلمات وعبارات «منطوقة ومسموعة».

عدد من التربويين أكدوا أن نجاح الذكاء الاصطناعي في وضع نهاية لمعاناة أصحاب الهمم «الصم والبكم»، يعد دلالة قوية على قدرته في تمكين الفئات الأخرى من عملية التعليم والتعلم بكل يسر ومرونة وتسهيل.
معلمو التربية الخاصة، أكدوا أهمية استخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم، إذ تسهم في رفع المعاناة عن فئات أصحاب الهمم، وتحل إشكاليات تعليمية وتربوية تؤرق المعلمين والمتعلمين.
أولياء الأمور أفادوا بأن «تقنية عفراء» ثورة تكنولوجية جديدة، تسهم في تمكين أصحاب الهمم وتساعد الوالدين في تأهيل أبنائهم وبناء شخصيتهم، تعليمياً واجتماعياً.
خبراء أكدوا أن هناك تحديات محتملة قد تواجه استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا الجانب، أبرزها الكلفة، عدم دقة الترجمة في بعض الأحيان، أو التفاوت في تعلم اللغة بين الأشخاص المختلفين.
«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي، قدرة الذكاء الاصطناعي على سد الفجوة بين ذوي الإعاقة السمعية والمجتمع، ومدى تأثيره في التعليم والتفاعل الاجتماعي.
لغة الإشارة
البداية كانت مع وزارة التربية والتعليم، التي تبنت ابتكاراً جديداً، لتمكين الطلبة أصحاب الهمم من فئة الصم والبكم، من خلال توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تحول لغة الإشارة إلى كلمات ونصوص وعبارات مقروءة ومسموعة، ما يمكنهم من التواصل الفعال في البيئة المدرسية وجميع أطرافها بكل سهولة ويسر.
وفي تصريحاتها ل«الخليج» أفادت فاطمة الحمادي مسؤول التعلم الذكي في الوزارة، بأن مترجم لغة الإشارة الإماراتية إلى الصوت، يدعم أصحاب الهمم من فئة الصم والبكم الذين يواجهون صعوبة في التواصل مع زملائهم في مجتمع التعليم، إذ تعمل هذه الأداة على تحويل الإشارة إلى صوت، حيث يقوم الطالب بإدخال الإشارات عبر جهاز يعمل بالذكاء الاصطناعي والذي يترجمها إلى كلمات ولغة منطوقة ومفهومة للجميع.
تقنية جديدة
وأفادت بأن كل إشارة يقوم بها الطالب من أصحاب الهمم، لها صوت معين وترجمة ومعنى خاص بها، إذ إن التقنية الجديدة تمكن طلبة هذه الفئة من الحديث في أي موضوع والمشاركة في المناقشة والحوار.
وأوضحت أن الطالبة عفراء تعد نقطة انطلاقة المشروع الذي يحمل اسمها، وقد كانت إحدى طالبات الدمج في الحلقة الأولى، وتعاني صعوبة في التواصل مع زملائها ومعلميها في المدرسة، لذلك تم استنساخ صوتها وصورتها بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتقوم بترجمة لغة الإشارة وتحويلها إلى نصوص وعبارات واضحة للجميع.
وسيلة مؤثرة
وأكدت أن التطبيق يعد وسيلة مؤثرة ومهمة لتسهيل التواصل بين أصحاب الهمم مع المجتمع المدرسي والخارجي بسهولة وبساطه، مشيرةً إلى أهمية تقنيات المترجم الذي يستند في نطاق عمله على الذكاء الاصطناعي، لاسيما أن هناك الكثير لا يستطيع فهم لغة الإشارة في المجتمع.
وفي ردها على سؤال عن نطاق التطبيق، أكدت أنه تم تفعيل التطبيق بشكل متكامل في مدرستين، وعقب النتائج المبهرة التي حققها، فإن وزارة التربية والتعليم في طريقها لتعميمه على جميع مدارس الدولة الحكومية في خطوة جديدة لتمكين التعليم الدامج في مؤسسات التعليم.
تحليل الإشارات
في وقفة مع عدد من التربويين المتخصصين، أكد كل من ريما عبدالله وأحمد حسين، وموهب مراد، أن الذكاء الاصطناعي يسمح بتحليل الإشارات بشكل دقيق وتحويلها إلى كلمات مسموعة، ما يسهل على الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية التواصل مع الآخرين بدون الحاجة لمترجم لغة الإشارة..
وأفادوا بأن هذه التقنية تعد قفزة هائلة في مجال التعليم.
إشارات معقدة
في وقت يرى المعلمون سامح الزهراني، وخلدون الحسن، وميثاء خالد، أن ترجمة لغة الإشارة إلى كلمات يفهمها الجميع مجال واسع ومتنوع، إذ إن هناك تطبيقات حديثة وأبحاثاً متعمقة متعددة، أبرزها استخدام الكاميرات أو أجهزة الاستشعار لتحليل حركة اليدين وترجمتها إلى نصوص أو صوت.
وقالوا: إن تجربة هذه التقنية الجديدة في بعض مدارس الدولة ركزت على تطبيق ترجمة لغة الإشارة الذكي مع طلاب، وجاءت النتائج مذهلة ومتميزة، إذ أصبح الطلاب الذين كانوا يشعرون بالعزلة في الفصل قادرين على المشاركة الكاملة.
فرق كبير
وفي وقفة مع عدد من أولياء الأمور أكد كل من نادية منصور، وسعيد عبدالله، وعلياء حسين، أن أبناءهم يستخدمون لغة الإشارة منذ طفولتهم، وكنا دائماً نخشى على مستقبلهم الأكاديمي، لكن بعد استخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات التعليم والتعلم والتواصل، لاحظنا فرقاً كبيراً في طريقة تفاعلهم مع زملائهم والمعلمين والمجتمع الخارجي، إذ أصبحوا أكثر قدرة على التواصل والمشاركة.
وقالوا: إن أبناءهم قادرون الآن على مواجهة الصعوبات، وبإمكانهم متابعة الحصص دون مشاكل تُذكر، مؤكدين أن هذه التقنية خففت من عبء استخدام مترجم دائم وأسهمت في زيادة استقلاليتهم.
وقفة مع التحديات
وفي وقفة مع التحديات، أكد عدد من المتخصصين في التربية الخاصة «فضلوا عدم ذكر أسمائهم»، أن هناك تحديات محتملة قد تواجه استخدام هذه التقنية، أبرزها الكلفة، وعدم دقة الترجمة والإشارات المعقدة والعاطفية في بعض الأحيان، أو التفاوت في تعلم اللغة بين الأشخاص المختلفين.
وأفادوا بأنه على الرغم من الفوائد الكبيرة التي تأتي مع استخدام الذكاء الاصطناعي في ترجمة لغة الإشارة، فإن هناك بعض التحديات التي قد تواجه التربويين أبرزها الاعتماد الكامل على التكنولوجيا، وهناك حاجة للتأكد من أن الطلاب لا يفقدون العلاقة الشخصية مع معلميهم وزملائهم بسبب الاعتماد المفرط على التكنولوجيا.
وأضافوا أن الكلفة والتدريب يشكلان تحدياً آخر خاصة في المدارس الخاصة.
تكامل بين الطلاب
أكدت مديرة مدرسة شملتها مرحلة التجريب أنه تم إدخال تقنية الذكاء الاصطناعي في ترجمة لغة الإشارة لجميع المراحل التعليمية، إذ توفر مستوى جديداً من التكامل بين الطلاب، وقبل هذه التقنية كان الطلاب الصم يحتاجون إلى مترجم دائم أو جلسات خاصة، لكن الآن يمكنهم التفاعل مع المحتوى التعليمي في الوقت الفعلي.
حواجز تتلاشى
أكد الخبير الدكتور محمد عبد الظاهر: «يبرز الذكاء الاصطناعي كأحد أعمدة التحول في مختلف مجالات الحياة، ليحدث ثورة حقيقية في طرق التواصل بين البشر، وبالنسبة لملايين الأشخاص الذين يعتمدون على لغة الإشارة كوسيلة أساسية للتواصل، كانت الحواجز اللغوية تفصلهم عن العالم المحيط بهم، وتحدّ من قدرتهم على التفاعل الكامل مع المجتمع، ولكن اليوم، تتلاشى هذه الحواجز بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي التي نجحت في ترجمة لغة الإشارة إلى كلمات مسموعة ومفهومة من الجميع».
وقال: إن التقنية أثبتت فعاليتها في تعزيز التواصل وفتح آفاق جديدة للطلاب من ذوي الإعاقة السمعية، لكن التحديات التقنية والمالية تبقى عوائق تحتاج إلى حلول مبتكرة، ومع تقدم الذكاء الاصطناعي يمكن أن نرى تحسناً مستمراً في تلك الأدوات، ما يجعل الفصول الدراسية أكثر شمولية للجميع.

أخبار متعلقة :