مجلة مباشر الاخبارية

الإمارات والكويت.. محطات بارزة في علاقات أخوية على مدى عقود

إعداد:راشد النعيمي
يبدأ صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، اليوم الأحد زيارة دولة إلى دولة الكويت الشقيقة.
ويبحث سموّه، خلال الزيارة، مع أخيه الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، العلاقات الأخوية التاريخية وجوانب التعاون والعمل بين البلدين، خاصة الاقتصادية والاستثمارية والتنموية وغيرها من المجالات الحيوية التي تعزز رؤيتهما تجاه تحقيق التنمية والازدهار لشعبيهما والسلام والاستقرار في المنطقة.
في خطوة مهمة لترسيخ العلاقات وتوسيع قاعدة الشراكات، يزور صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، دولة الكويت الشقيقة في وقت ترى فيه الإمارات في شقيقتها الكويت شريكاً استراتيجياً في كل المجالات، وجزءاً أصيلاً من مسيرة التقدم والازدهار في الخليج العربي والمنطقة، حيث اجتمعت قيادتا البلدين على توثيقها باستمرار وتعميقها بذاكرة الأجيال المتعاقبة، حتى تستمر على النهج والمضمون والزخم ذاتها.
العلاقات بين دولتي الإمارات، الكويت الشقيقتين، شهدت محطات بارزة بالتميز أسهمت في ترسيخها والمضي بها قدماً بشكل ثنائي أو عبر مسيرة مجلس التعاون، بما ينعكس على تحقيق مصالح البلدين الشقيقين، وقد أرسى دعائم هذه العلاقة المغفور لهما بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأخيه الشيخ جابر الأحمد الصباح، رحمهما الله، في إطار العلاقة الأخوية التي ترسخت عبر عقود من الزمن وتوطدت منذ اللقاء الذي جمع المغفور له الشيخ زايد، بالمغفور له الشيخ صباح السالم الصباح عام 1973.


ومنذ قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، في الثاني من ديسمبر عام 1971، كانت دولة الكويت من أوائل دول العالم التي أقامت علاقات دبلوماسية رسمية مع الاتحاد الوليد، وبعدها لم تتوقف العلاقات الأخوية عن التطور والنمو، وترجمت الإمارات قوة هذه العلاقات التي تربطها بالكويت الشقيقة، قيادة وشعباً، بموقفها التاريخي المشرف أثناء احتلال الكويت في أغسطس 1990، إذ استضافت عشرات الآلاف من الأسر الكويتية على أرضها، كما شاركت القوات المسلحة الإماراتية في حرب تحرير الكويت، وهو موقف مشهود للإمارات يستند إلى رؤية الأب المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، صاحب الرؤية الحكيمة الداعمة لأمن واستقرار الأشقاء، لأن الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ، حفاظاً على قيم العروبة وروابط الجيرة بالمنطقة عموماً وللأشقاء بمنطقة الخليج العربي خصوصاً.
وكانت العلاقات الإماراتية - الكويتية بدأت زخمها منذ خمسينات القرن الماضي حين بدأت البعثة التعليمية الكويتية عملها في الإمارات عام 1955، بإنشاء عدد من المدارس وتجهيزها ودعمها بالكتب والأدوات المدرسية للطلبة قبل إعلان الاتحاد. فيما دشنت البعثة الطبية الكويتية عملها في الإمارات عام 1962 وأنشأت عدداً من المراكز والمستشفيات.
وقد أسهمت دولة الكويت مالياً وإدارياً في تقديم تلك الخدمات والإشراف عليها.. وعملت على إنشاء محطة إرسال تلفزيوني في إمارة دبي، بدأ العمل بها عام 1969 أُطلق عليها «تلفزيون الكويت من دبي».
زخم جديد
وتُواصل العلاقات الإماراتية الكويتية مسارها التصاعدي في جميع المجالات الآن، بفضل توجيهات ودعم القيادة الرشيدة في البلدين، حيث تحرص قيادتا الدولتين وممثلو حكومتيهما على تبادل الزيارات لدفع العلاقات نحو آفاق جديدة واسعة من التعاون المثمر. وجاءت زيارة أمير دولة الكويت الشقيقة، إلى دولة الإمارات، في مارس الماضي، التي صدر في ختامها بيان مشترك أكد متانة العلاقات بين البلدين واستمرار دفعها إلى الأمام لما فيه الخير وتحقيق مصالحهما المشتركة.
كما زار سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رسمياً دولة الكويت الشقيقة في 8 أكتوبر الماضي، بعد نحو شهر على زيارة الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وزير الداخلية في دولة الكويت الشقيقة، إلى الدولة.
وشهدت السنوات الماضية مجموعة من الخطوات التي برهنت مدى التزام البلدين الشقيقين بتطوير العلاقات وتعزيز التقارب والتنسيق في مختلف المجالات، ومن ضمنها تشكيل اللجنة العليا المشتركة التي تعمل على تطوير العلاقات.
وتتميز علاقات الإمارات والكويت بالمتانة والرسوخ، وشهدت تطوراً ملحوظاً على مدى العقود الماضية، ويتضمن التعاون بينهما في مجالات بارزة، كالسياسة والاقتصاد والتجارة، والتعاون العسكري والأمني، والثقافي والتعليمي، وأسفر عن عشرات الاتفاقات ومذكرات التفاهم.


التعاون السياسي
ويتشارك البلدان رؤية للسلام والاستقرار في المنطقة، ويؤديان دوراً نشطاً في تشجيع الحوار الدبلوماسي، حيث يدعوان إلى إيجاد سبل دبلوماسية لحل النزاعات الإقليمية، والحفاظ على موقف يتماشى مع القوانين الدولية، ومنع أي تصعيد إضافي في المنطقة، كما يؤديان دوراً فعالاً في دعم الحلول السلمية للصراعات الراهنة في المنطقة، بالتعاون مع المجتمعين الإقليمي والدولي.
ويجسد المستوى العالي للتنسيق المتبادل بينهما حيال جميع القضايا الثنائية والعربية والدولية، حجم التطور في العلاقات السياسية بما يخدم مصلحة الجانبين ويعزز وحدة البيت الخليجي والعربي وتماسكه.
لجنة عليا
وتواصل اللجنة العليا المشتركة عملها لتمتين التعاون بين البلدين، حيث ترأس سموّ الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، في سبتمبر الماضي، أعمال الدورة الخامسة بحضور عبدالله اليحيا، وزير الخارجية في دولة الكويت الشقيقة.
وتضمن الاجتماع توقيع 8 مذكرات تفاهم بشأن التعاون في البنية التحتية وأنشطة التقييس، والعمل في الاتصالات وتقنية المعلومات والتعاون التربوي بين حكومتي الإمارات والكويت 2024 - 2027، والبرنامج الرياضي 2024 – 2026 والتعاون الثقافي 2024 – 2026.
كما وقعت الحكومتان على مذكرة تفاهم بين مجلسي الأمن السيبراني، ومذكرة تفاهم بين وزارتي الدفاع بشأن المشتريات والصناعات الدفاعية.


شراكة اقتصادية
تُبرز العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والكويت مستوى الشراكة الراسخة بينها، حيث يؤمن البلدان بأهمية التعاون الاقتصادي والتجاري وضرورة تفعيله عبر زيادة التبادل التجاري وتعزيز العلاقات الاقتصادية في مختلف المجالات الصناعية والتجارية والاستثمارية في القطاعين الخاص والعام، حيث بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين 12.198 مليار دولار عام 2023 بنمو 2% مقارنة بعام 2022 و16% مقارنة بعام 2021.
وتحتل الإمارات المرتبة الأولى عالمياً، كونها أكبر مستقبل لصادرات الكويت غير النفطية، مستحوذة وحدها على 22% من الصادرات الكويتية إلى العالم، وفي الوقت نفسه تأتي الإمارات في المركز الثالث لأهم أسواق الواردات الكويتية بعد الصين والولايات المتحدة.
وبلغ حجم الاستثمارات المتدفقة من دولة الإمارات إلى الكويت من 2019 إلى 2023 نحو 1.087 مليار دولار، بينما بلغت الاستثمارات المتدفقة من دولة الكويت إلى الإمارات نحو 194.7 مليون دولار.
وحلت دولة الكويت في المرتبة 12 بين أهم الشركاء التجاريين في العالم. كما جاءت في المركز العاشر بين أهم الدول المستقبلية للصادرات الإماراتية، وفي المرتبة السادسة عالمياً في استقبال عمليات إعادة التصدير من الإمارات، وتستحوذ الإمارات وحدها على 55% من إجمالي تجارة الكويت مع دول مجلس التعاون، بحسب بيانات 2023. كما تزيد حصة دولة الإمارات على 46%من تجارة الكويت مع الدول العربية مجتمعة.
وشكَّل «معرض وملتقى الشركات الإماراتية» الذي عقد في إبريل الماضي بدولة الكويت، فرصة مثالية لالتقاء الشركات والمؤسسات الاستثمارية في البلدين وفتح آفاق جديدة للتعاون بينها. وفي المجال السياحي، بلغ عدد السياح الكويتيين الذي أقاموا في فنادق الدولة في عام 2023 نحو 381 ألف سائح مقارنةً ب 250 ألفاً عام 2022، بينما بلغ عدد السياح الإماراتيين في الكويت 42 ألفا و236 خلال الفترة من يناير حتى سبتمبر 2024.
وبلغ عدد الرحلات الجوية للناقلات الوطنية إلى دولة الكويت خلال النصف الأول من العام الجاري، 122 رحلة أسبوعياً، بينما بلغ إجمالي رحلات الجانب الكويتي إلى الإمارات 53 رحلة أسبوعياً.


تعاون مستمر
في الوقت نفسه، اتسعت رقعة التعاون لتشمل الكثير من المجالات، فقد أبرمت الإمارات والكويت اتفاقات عدة في الثقافة والتربية والتعليم، بغرض تبادل الخبرات وتطوير التعاون، بما يصب في مصلحتهما. وبلغ عدد الطلبة الكويتيين الذين يدرسون في الجامعات الإماراتية 1240 طالباً. وقد أصدرت الكويت أخيراً قرارات شجعت الطلبة أكثر على الدراسة في الإمارات، ما سيسهم في تعزيز التعاون في التعليم.
كما يستمر تعاون البلدين في الأمن والتدريبات العسكرية المشتركة، ما يسهم في تعزيز الأمن الإقليمي. وفي نوفمبر الماضي استقبل «ميناء الشويخ»، الفرقاطة «بينونة» فخر الصناعة الإماراتية.
وشاركت دولة الكويت بفعالية في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ «COP28» الذي عقد في مدينة إكسبو دبي، من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023، وطرحت مبادرات عدة في تطوير مشروعات منخفضة الكربون لدعم الاستدامة البيئية العالمية.
كما قدم الصندوق الكويتي للتنمية مشروعات في الطاقة المتجددة، والمياه، والزراعة المستدامة، ونظم محاضرات عن التغير المناخي، حيث أدّى التمثيل الكويتي دوراً مهماً في مؤتمر «COP28» بدعم المبادرات البيئية لحقيق أهداف المؤتمر. كما انضمت الكويت إلى تحالف القرم من أجل المناخ الذي أطلقته دولة الإمارات.

أخبار متعلقة :