نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التسوية في المنطقة الى ما بعد بعد الثلاثاء المقبل, اليوم الاثنين 4 نوفمبر 2024 07:04 صباحاً
ربط الكثيرون بين حصول التسوية المنتظرة في المنطقة وبين الانتخابات الرئاسية الاميركية التي تجرى يوم غد الثلاثاء، والتي لا مجال فيها للتعادل وستؤدّي الى وصول اول امرأة الى عرش البيت الابيض، او عودة الرئيس السابق دونالد ترامب الى الحلم الذي اخفق في استكماله منذ اربع سنوات. ويأمل العديد من الاشخاص ان تحصل التسوية ابتداء من يوم الاربعاء المقبل، وان تعود الحياة الى مجراها الطبيعي في المنطقة بعد هذا التاريخ، ولكن في الواقع هناك الكثير من المعطيات والامور التي يجب اخذها في الاعتبار والتي توحي بأن الاستقرار في المنطقة لا يزال بعيد المنال، حتى بعد الاستحقاق الاميركي.
اولى هذه المعطيات، ترقب الردّ الايراني على اسرائيل، في ظلّ التوتر السائد في العلاقات الاميركية-الايرانية والتي زادت حدّتها في الفترة الاخيرة، فيما يعمل الجانب العُماني على كسر الحواجز التي تم وضعها بين الجانبين. ومع اقتراب التشويق حول الردّ الايراني وماهيته وتداعياته، تبقى العلاقات الاميركية-الايرانية هي الاكثر تأثيراً على الوضع في المنطقة، وربما في العالم. هذا الرد ستتوقف عليه بشكل كبير طبيعة ما سيشهده الشرق الاوسط من تطورات، وايضاً طبيعة الردّ الاميركي والغربي والاسرائيلي على الردّ الايراني، وما اذا كان سيستتبع في نهاية المطاف تدخل دول من هنا وهناك فتتّسع رقعة المواجهات وتتدحرج كرة الثلج...
العامل الايراني ليس وحده المؤثر على تأخير التسوية، فهناك عوامل اخرى لا يمكن اغفالها، لانه اياً يكن الفائز في الانتخابات، هناك فترة تمتد الى كانون الثاني ليستلم رسمياً مهامه، ايّ نحو شهرين، وهي مدة غير قصيرة في الحسابات العسكرية والسياسية، ويمكن ان تشهد الكثير من التطورات والاحداث التي تغيّر سيناريوهات موضوعة. ناهيك عن انه في حال فوز ترامب، فالسياسة الموضوعة ستتغير بشكل جذري عن تلك التي كانت تعتمدها ادارة الرئيس الحالي جو بايدن، ولو انّ القاسم المشترك بين السياستين هو اولوية حماية اسرائيل ومصالحها، وبالتالي ستحتاج المسألة الى وقت لوضع الخطط واعتماد الاشخاص الذي سيتولون تنفيذها والقيام بالاتصالات اللازمة لتحقيق اهدافها. وحتى في حال فوز المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس وهي حالياً نائبة الرئيس، فلن يكون من السهل الدفع باتجاه تسوية سريعة، لانّ عليها التعامل مع تعنّت رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يدرك جيداً انه بات في موقع يسمح له بالمواجهة وقول "لا" للاميركيين في كثير من الامور، بعد ان نجحت تجربته في هذا المجال حين كان ضعيفاً على المستوى الداخلي والخارجي، فيما بات ينعم اليوم بحضور اقوى على الساحتين، ولا يمكن "فرض" الامور عليه حتى لو رغبت واشنطن بذلك (علماً انها لم تظهر ايّ رغبة جدية حتى الآن)، وهو مطمئن جداً الى بقائه في منصبه لسنوات، ما يفرض على اي وافد الى البيت الابيض ان يتعامل معه ربما حتى نهاية الولاية الرئاسية.
ومن العوامل ايضاً، قدرة اللبنانيين على "التأقلم" مع الاوضاع المأساوية التي يعيشونها، وعدم تشكيلهم اي خطر على مصالح الدول الاخرى، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، هجرة جماعية سورية-لبنانية باتجاه الدول الاوروبية، التي ستضطر عندها الى الضغط على "الاخت الكبرى" اي اميركا لتسريع الخطى نحو التوصل الى اتفاق او تسوية تنهي الوضع الشاذ في المنطقة، وتعيد الامور الى ما كانت عليه. ولكن، طالما ان اللبنانيين "راضون" عما يحصل معهم، فلا مشكلة في تأخير الامور بالنسبة الى الغرب، ريثما تصبح الامور اكثر ملاءمة لهذه الدول ولاسرائيل، فيما يكون الرأي اللبناني آخر من يتم الاستماع اليه.
قد تكون النظرة متشائمة، ولكن الواقع يفرض ذلك، فيما يبقى الامل في كل لحظة ان تحصل امور تدفع الى تغيير هذه المعطيات بما يؤدي الى تقليص امد الحرب التي يبشّر الجميع انها لا تزال طويلة، بعد ان سقطت القراءات الموضوعية وسياسة المنطق في قراءة الاحداث على يد نتنياهو وباقي الاطراف...