الخليج: متابعات
لم تأت تحذيرات المخابرات الأمريكية باحتمال وقوع أعمال عنف خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي تنطلق خلال ساعات، من فراغ، إذ جرى رصد العديد من الدعوات التي تشي بما يمكن أن تؤل إليه الأوضاع في بلد يشهد انقساماً واستقطاباً كبيراً، حيث وصلت الدعوات إلى حد المطالبة بـ«ثورة» واستخدام القوة.
جماعات يمينية حثت أتباعها عبر وسائل التواصل الاجتماعي على مراقبة صناديق الاقتراع والدفاع عن حقوقهم، في نذير بفوضى محتملة، كما أرسلت المجموعات الداعمة للرئيس السابق دونالد ترامب مؤخراً رسائل لتنظيم مراقبي الاقتراع ليكونوا مستعدين للاعتراض على الأصوات في المناطق الديمقراطية، بالتزامن مع تحذيرات ترامب من محاولة «سرقة الانتخابات» أو القيام بعمليات تزوير.
ونشر البعض صوراً لرجال مسلحين، ونشر آخرون نظريات المؤامرة القائلة: إن أي شيء أقل من فوز ترامب الثلاثاء سيكون بمنزلة إجهاض للعدالة يستحق الثورة.
وجاء في أحد المنشورات على تطبيق تيليغرام، لمنظمة Proud Boys في ولاية أوهايو، وهي المنظمة اليمينية المتطرفة التي كان لها دور فعال في هجوم 6 يناير على مبنى الكابيتول: «إن اليوم يقترب بسرعة عندما لن يعد الجلوس على السياج ممكناً.. إما أن تقفوا مع المقاومة أو تركعوا وتقبلوا عن طيب خاطر نير الاستبداد والقمع»، وفق ما نقلت صحيفة نيويورك تايمز.
ويرى مراقبون أن هناك حركة مترامية الأطراف ومترابطة تهدف إلى التشكيك في مصداقية الانتخابات الرئاسية، والتدخل في عملية التصويت واحتمال الاعتراض على النتيجة. وتم رصد رسائل من مجموعات «نزاهة الانتخابات» في عشرات الولايات، بما في ذلك الولايات الحاسمة مثل بنسلفانيا وجورجيا وويسكونسن ونورث كارولينا وميشيغان. وتضمنت المنشورات نظريات مؤامرة وصوراً عنيفة.
وتضمن أكثر من 4000 من منشوراتهم تشجيع الأعضاء على التحرك من خلال حضور الاجتماعات الانتخابية المحلية، والانضمام إلى المسيرات الاحتجاجية وتقديم التبرعات المالية. وحثت منشورات من مجموعات يمينية أخرى أتباعها على الاستعداد للعنف.
وفي نيو هامبشاير، وجهت إحدى قنوات تيليغرام الناس لاستجواب المسؤولين المحليين شخصياً حول أرقام الاقتراع الغيابي. وفي جورجيا، تم حث أعضاء على حضور اجتماعات مجلس الانتخابات للدفاع عن حدود التصويت الغيابي. وفي نيو مكسيكو، طُلب من الناس مراقبة مراكز الاقتراع بالكاميرات، وتقديم تقارير للشرطة إذا لزم الأمر، والاستعداد «للقتال مثل الجحيم».
وجاء في أحد منشورات مجموعة تركز على ولاية بنسلفانيا: إذ سبق لك أن قلت: «ماذا يمكنني أن أفعل، فهذه فرصتك».
وقالت كاثرين كينيلي، محللة الاستخبارات السابقة في قسم شرطة نيويورك: إن الآراء التي يتم مشاركتها لا ينبغي استبعادها باعتبارها تأملات أقلية هامشية، بل ينبغي اعتبارها تحذيراً بشأن ما يمكن أن يحدث في يوم الانتخابات وما بعده.
وتنشر القنوات الإعلامية اليمينية سيلاً من الأخبار والصور والمعلومات المضللة حول مخالفات التصويت المتصورة، والتي يتم التقاطها بعد ذلك من قبل مجموعات أخرى تستخدمها للقول بأن الديمقراطيين بدأوا في سرقة الانتخابات. وتتخللها دعوات للأمريكيين للحضور إلى صناديق الاقتراع ورصد المخالفات والإبلاغ عنها أو القتال إذا لزم الأمر.
وتتضمن حركة «نزاهة الانتخابات» على تيليغرام شبكة فضفاضة من الحسابات المخصصة «لتدقيق» الأصوات وتضخيم نظريات المخالفات الانتخابية، مثل الادعاءات الكاذبة بأن العاملين في الانتخابات يعطون الناخبين الجمهوريين أدوات حادة لا تتوافق مع آلات التصويت.
وركزت إحدى القنوات على تدقيق الانتخابات في نيويورك وعرضت إعلانات توظيف، من مجموعة تطلق على نفسها «الدفاع عن صلاحية الانتخابات»، وأحد محاميها هو المحامي العام السابق لولاية بنسلفانيا الذي دافع عن ترامب في عام 2021 بعد اقتحام الكابيتول.
وتحت صورة العم سام وعلامة حمراء غامقة كتب شعار «نحن بحاجة إليك!»، وزعمت المجموعة مؤخراً أن سجلات الناخبين لعام 2022 أظهرت «ملايين«المخالفات»، والتي عند تجاهلها تعتبر تزويراً انتخابياً».
وعرضت مجموعة أخرى، تركز على مراجعة الأصوات في ولاية بنسلفانيا، تعويضات مدفوعة الأجر لمراقبي الانتخابات، ولكن فقط إذا كانوا يعملون في مقاطعة أليغيني، معقل الديمقراطيين التقليدي، حيث تقع بيتسبرغ. ثم قالت المجموعة: «املأ معلوماتك، وسنتصل بك لتدريبك وتجهيزك ليوم الانتخابات!».
ونشرت قناة أخرى على Telegram تديرها مجموعة تسمى People's Audit مقطع فيديو يعرض «وضعاً افتراضياً ممكناً، استخدمت فيه وزارة الأمن الداخلي رخص القيادة للمهاجرين غير الشرعيين للإدلاء بأصواتهم بشكل جماعي للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، وطرح الفيديو السيناريو على الرغم من أنه من غير القانوني ومن النادر أن يصوت غير الأمريكيين في الانتخابات الفيدرالية. وخلص الفيديو إلى أنه «نعم، سيشاركون في سرقة الهوية والتدخل في الانتخابات والخيانة، التي يُعاقب عليها بالإعدام».
قال كريس جورسكي، الذي نشر الفيديو، على Telegram: إنه استخدمه لاحقاً للإعلان عن ندوة عبر الإنترنت لتعليم الناس كيفية تأمين قوائم الناخبين.
وتساءلت منشورات Proud Boys عن سبب عدم قدرة الولايات على إحصاء نتائج الانتخابات بشكل كامل ليلة الانتخابات وكررت الادعاءات المضللة حول أرقام تسجيل الناخبين في ميشيغان. وفي أحد مقاطع الفيديو، تطارد شاحنة تحمل أطفالاً مهاجرين، مع تعليق يقول: «20/01/25: ترامب يؤدي اليمين كرئيس. 21/1/25: أنا والأولاد الفخورون نبدأ عملية الترحيل.
وقالت ويندي فيا، مؤسسة المشروع العالمي ضد الكراهية والعنف: «عندما تنظر إلى المنشورات، حتى لو لم تكن تدعو في الواقع إلى العنف أو حتى لو لم تكن تقول: إننا بحاجة إلى القبض على أي شخص، فستجد أن هناك لهجة قبيحة للغاية».
في الأشهر الأخيرة، احتفلت العديد من قنوات تديرها فروع جماعة Proud Boys بالعودة إلى أهميتها، بما في ذلك الاهتمام الملحوظ من ترامب وحلفائه. وأشارت عدة روايات إلى ربطات العنق والقبعات باللونين الأسود والأصفر - وهي ألوان «براود بويز» - التي ارتداها ترامب خلال لقاء تلفزيوني. ورداً على سؤال عما إذا كان ترامب كان يتعمد إرسال إشارة، أجابت المتحدثة باسم حملته ضاحكة «لا».
قال مايكل لودنثال، الباحث في العنف السياسي في جامعة سينسيناتي: «إنهم يشعرون بالنشاط»، مضيفاً أن مجموعات «براود بويز» كانت تتجمع علناً بشكل أقل مما كانت عليه قبل انتخابات 2020، حيث يسود «هناك شعور بأنهم على حق».
سعت رسائل التجنيد على حسابات Proud Boys إلى الاستفادة من مخاطر تزوير الانتخابات، ما يشير في كثير من الأحيان إلى اعتقادهم بأنهم بحاجة إلى العنف. وأظهرت إحدى الصور الشائعة رجلاً مسلحاً يرتدي قناعاً. وجاء في الرسالة: «الرجال الأحرار لا يطيعون الموظفين العامين».