نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المسؤولية الاجتماعية دعامة للتنمية الاقتصادية, اليوم الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 01:44 مساءً
نشر في الشروق يوم 26 - 11 - 2024
أصبحت المسؤولية الاجتماعية للشركات في العقود الأخيرة، موضوعًا محوريًا في مجال الأعمال، ليس فقط على المستوى العالمي، ولكن أيضًا في تونس. تعني المسؤولية الاجتماعية للشركات تبني الشركات للممارسات التي تعزز التنمية المستدامة، وتشمل هذه الممارسات الجوانب الاقتصادية، البيئية والاجتماعية. أهمية المسؤولية الاجتماعية للشركات في تونس، من شأنها تعزيز الثقة والمصداقية. حيث تعتبر المسؤولية الاجتماعية للشركات أداة قوية لتعزيز الثقة بين الشركات والجمهور، من خلال الانخراط في أنشطة تخدم المجتمع، يمكن للشركات بناء سمعة إيجابية تزيد من ولاء العملاء وتدعم مكانتها في السوق.
بالإضافة الى دعم التنمية المستدامة، من خلال مساهمة الشركات التي تعتمد على المسؤولية الاجتماعية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تساهم في تقليل البطالة من خلال برامج التدريب والتوظيف، أو في تحسين البيئة من خلال مشاريع الطاقة المتجددة وإدارة النفايات، واستعمال مواد صديقة للبيئة. وعموما أصبحت المسؤولية الاجتماعية للشركات مفهومًا أساسيًا في المشهد الاقتصادي العالمي، حيث تلعب دورًا حاسمًا في التنمية المستدامة للشركات والمجتمعات.
وفي تونس، يكتسب هذا المفهوم أهمية متزايدة، ليس فقط باعتباره حافزا للأداء الاقتصادي، بل أيضا باعتباره ضامنا للانتقال وللتقدم الاجتماعي والبيئي. في هذا الإطار، أصدرت هيئة السوق المالية نتائج مسح احصائي شمل عينة تمثيلية من الشركات المدرجة في بورصة تونس للأوراق المالية تمحور حول منهج المسؤولية الاجتماعية للشركات بمختلف أبعادها وتحدياتها. ويرمي المسح الاحصائي، حسب الهيئة، أساسا الى تقييم ممارسات المسؤولية الاجتماعية للشركات على مستوى عشرون مؤسسة مدرجة في البورصة وهي تمثل حسابيا أكبر قيمة سوقية.
وحسب البيانات التي تم تجميعها، فإن التزام الشركات المذكورة في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات مرضي تماما، وهو ما ينعكس، على نحو خاص، في وضع استراتيجيات ديناميكية للمسؤولية الاجتماعية وتخصيص اعتمادات للبرامج والمشاريع المندرجة، في هذا الإطار.
بينت النتائج التي تم جمعها من هذا المسح أن جميع الشركات التي استجابت للتقييم تعتبر نفسها معرضة لمخاطر المسؤولية الاجتماعية للشركات، باعتبار أن نشاطها يتأثر بشكل كبير بتغير المناخ واستنزاف الموارد والتدهور البيئي والقضايا الاجتماعية، من جهة وبالنظر الى أنها تعاملاتها الخارجية لا سيما على مستوى التصدير، وبالتالي يمكن أن تتأثر بالتوجيه الأوروبي بشأن واجب اليقظة حول مسؤولية الشركات الأوروبية فيما يتعلق بسلسلة التوريد المتعلقة بها، من جهة اخرى.
كما كشفت المقابلات التي أجريت مع مديري هياكل المسؤولية الاجتماعية للشركات المدرجة في البورصة أن التنظيم يمكن أن يشكل رافعة هامة لتطوير المسؤولية الاجتماعية للشركات، لا سيما من خلال إطار قانوني مناسب مع مراعاة النصوص التطبيقية للقانون عدد 35 لسنة 2018 المؤرخ في 11 جوان 2018 والمتعلق بالمسؤولية الاجتماعية للشركات، مما يسمح بتحديد وتحقيق أهداف المسؤولية الاجتماعية للشركات المنصوص عليها في القانون المذكور مع مراعاة الإجراءات الأكثر دقة فيما يتعلق بإعداد التقارير حول انشطة المسؤولية الاجتماعية للشركات. قدمت سلطات الإشراف سلسلة من الحوافز تدعم استدامة أنشطة المؤسسات علما ان هذه الحوافز عرضت في مذكرة لهيئة السوق المالية تتعلق بالمزايا المالية والضريبية لصالح الاقتصاد الأخضر والأزرق والدائري والتنمية المستدامة.
وتستحق هذه الأنظمة تعزيزها من خلال إدخال تدابير ومزايا جديدة بهدف تعبئة الموارد لصالح المسؤولية الاجتماعية للشركات، الأمر الذي يمكن أن يلعب دورا رائدا في إشراك المؤسسات التونسية في تنفيذ مناهجها في ميدان المسؤولية الاجتماعية. في جانب آخر، تبدي جميع الشركات، بغض النظر عن شكلها وحجمها، اهتماما خاصا بالمسؤولية الاجتماعية للشركات وقضايا التنمية المستدامة. وبالإضافة إلى التأثير الذي لا يمكن إنكاره والذي يمثله ذلك على المجتمع، فإن المعالجة المثلى لقضايا المسؤولية الاجتماعية للشركات أصبحت اليوم ضرورية لنجاح الشركات. وسلط المسح الإحصائي الضوء على الاتجاه المتزايد للالتزام بالمسؤولية الاجتماعية للشركات من قبل الشركات المدرجة، على الرغم من استمرار التحديات فيما يتعلق بتنفيذها وتقييمها، لا سيما فيما يتعلق بالامتثال التنظيمي وإشراك مختلف المتدخلين.
ويعد التزام هيئة السوق المالية، باعتبارها جهة تعديلية وتنظيمية للسوق المالية، بنهج المسؤولية الاجتماعية للشركات انعكاسا لرغبة السلطات في تعزيز الممارسات المسؤولة والمستدامة داخل السوق المالية التونسية.
.