من الدماء المشتركة إلى الشراكة الاستراتيجية: تونس والجزائر.. عنوان للتحرر الإفريقي

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من الدماء المشتركة إلى الشراكة الاستراتيجية: تونس والجزائر.. عنوان للتحرر الإفريقي, اليوم الاثنين 21 أكتوبر 2024 04:56 مساءً

من الدماء المشتركة إلى الشراكة الاستراتيجية: تونس والجزائر.. عنوان للتحرر الإفريقي

نشر بوساطة فؤاد العجرودي في الشروق يوم 21 - 10 - 2024

2330591
يأتي تكثيف التشاور بين تونس والجزائر خلال الأيام الأخيرة في نطاق مواصلة التأسيس لمرحلة واعده عنوانها «الشراكة الإستراتيجية».
والواضح أن الجارتين تنطلقان من الممارسة الفعلية لمفهوم السيادة الوطنية نحو أفق جديد يستوعب توق الشعبين التونسي والجزائري إلى اقتلاع المكانة التي تليق بإرثهما التاريخي والنضالي الغزير في ذروة مخاض إقليمي وعالمي قوي يدفع نحو قيام خارطة جديدة لمراكز التأثير ويمنح الأسبقية للشعوب الحرة المالكة للدافع الحضاري.
والواضح أيضا أن الشعبين الشقيقين قدما ما يكفي من تضحيات منذ انبلاج العصر الإستعماري الأوروبي عام 1830 وواجها ما يكفي من انتكاسات بعد نيل الإستقلال ليدركا أن امتلاك عناصر القوة بشكل حاسم ومستديم لا يمكن أن يتحقق إلا بالتشبيك الحقيقي للقدرات ودمج مسارات التنمية بكل أبعادها الإقتصادية والإجتماعية والثقافية في نطاق تصور شامل يكرّس وحدة التفكير المستمدة من وحدة الجغرافيا.
ولا شك أنه من خلال نجاحهما في صد موجة الاستعمار الجديد الذي عبرت عنه سنوات الجمر في الجزائر خلال تسعينات القرن الماضي والعشرية السوداء في تونس ينطلق البلدان الشقيقان إلى هذا الأفق الجديد على قواعد صلبة ومستديمة تكفل لهما المضي إلى أبعد مدى في تثمين عناصر القوة الخامدة عبر تكثيف الجهد والتفكير المشترك الذي يقوم على الاعتقاد الراسخ في التمازج بين متطلبات تحقيق تطلعات الأجيال الجديدة داخليا وحتمية التموقع كنموذج اقتصادي وثقافي وسياسي يؤثر بعمق في مخاض التحرر من الإستعمار والتخلف الذي تعيش على وقعه كل أرجاء القارة الإفريقية التي تمثل بكل المقاييس احتياطي الاقتصادي العالمي ومفترق السباق الحضاري الجديد الذي سيحسمه تحالف دول الجنوب.
والواضح في هذا الصدد أن التاريخ المعاصر يبرهن بكل وضوح على قوة التأثير الإقليمي للجارتين الشقيقتين تونس والجزائر حيث أن الدماء الزكية المشتركة التي سالت على تراب «ساقية سيدي يوسف» يوم 8 فيفري 1958 صنعت تداعيات استراتيجية عميقة من أهمها سقوط الجمهورية الرابعة في فرنسا وتسريع مسار تحرر القارة الإفريقية بأسرها من الاستعمار الأوروبي .
والواضح أيضا أن مسار التشييد المتصاعد الذي تعبر عنه عدة مؤشرات منها عودة النقل الحديدي بين البلدين بعد انقطاع دام ثلاثة عقود والتصور الجديد للتنمية في تونس الذي يقوم على دور نشيط للشريط الوسيط والنقل الحديدي إلى جانب عضوية الجزائر في بنك «البريكس» والطريق السيارة الممتدة على مسافة 840 كلم الجاري تشييدها بين الجزائر وموريتانيا يبرهن بكل وضوح عن عزم البلدين الشقيقين على بناء شراكة استراتيجية قوية تتفاعل جيدا مع المخاض الإقليمي والعالمي ولاسيما مسار تحرر إفريقيا وتمدد طريق الحرير الذي يشكل النواة الصلبة للإقتصاد العالمي الجديد.
وبالمحصلة اكتسبت كل من تونس والجزائر من خلال تقديم تضحيات جسام في سبيل السيادة الوطنية المناعة الكافية للمضي قدما في بناء شراكة استراتيجية يرجح أن تصل إلى مراحل عميقة مثل توحيد السياسات النقدية وتكريس مفهوم الأمن القومي المشترك رغم نباح الكلاب الذي تعبر عنه المحاولات اليائسة لإفساد العلاقات التونسية الجزائرية والتي لا تخرج عن دائرة التضليل الصهيوني الذي يراهن على تحويل التحديات المشتركة مثل ملف المخدرات وتدفق المهاجرين الأفارقة إلى أسباب للفتنة.

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق