وكالة زهوة برس للأنباء

وزيرة العدل تضرب في الصميم... أزمة تونس أزمة أخلاق

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
وزيرة العدل تضرب في الصميم... أزمة تونس أزمة أخلاق, اليوم الاثنين 28 أكتوبر 2024 02:22 مساءً

وزيرة العدل تضرب في الصميم... أزمة تونس أزمة أخلاق

نشر بوساطة فؤاد العجرودي في الشروق يوم 28 - 10 - 2024


جاء قرار وزيرة العدل ليلى جفال المتعلق بملاحقة المواقع الإلكترونية التي تروج للتفسخ الأخلاقي إعلانا عن بداية صحوة تكرّس مسؤولية مؤسسات الدولة في صون منظومة القيم والأخلاق.
إنها بالفعل خطوة أولى في الإتجاه الصحيح تحمل بقية مؤسسات الدولة بما في ذلك وزارة تكنولوجيات الاتصال وضع ضوابط صارمة وابتكار أدوات فعالة لتحصين الفضاء الإفتراضي والاتصالي في تونس ضد السموم التي تفسد العقل وتفرغ الوجدان وتحرض بالإيحاء على سلوكيات هجينة تلغي الخصوصية التونسية عبر تقويض منظومة القيم والأخلاق التي تمثل أهم مرجعيات وحدة المجتمع.
وفي خضم حالة العزلة ولإنبتات التي تخيم على سائر مكونات المجتمع المدني العاجز عن مسايرة التطلعات الجديدة للمجتمع تتحمل مؤسسات الدولة مسؤولية تكاد تكون حصرية في فسخ آثار المسخ الأخلاقي الذي تعرض له المجتمع التونسي على امتداد ما لا يقل عن أربعة عقود من الزمن وأدرك ذروته خلال عشرية الخراب التي انفجرت خلالها على أشكال الفساد بشكل غير مسبوق في تاريخ تونس حيث انقلبت المفاهيم رأسا على عقب لدرجة أن الوجاهة الاجتماعية أو الحصانة السياسية صارت تقاس بقدر الإندماج في الفساد والتآمر على الوطن.
وبالنتيجة فإن الجدل الدائر حول السؤال المركزي «من أين يبدأ الإصلاح» يجب أن يعود إلى الطبيعة الأصيلة للشعب التونسي إلى حدّ نهاية ثمانينات القرن الماضي حيث كان المواطن متجذرا في خصوصيته الثقافية يعطي لالتزامات الجيرة حق قدرها ويحيط بهالة كبيرة مفاهيم الحياء والحشمة والعفة والشرف مثلما يخاف من لعنة المال الحرام ودعاء المظلوم كما كان يستمد قيمته من الخدمة التي يقدّمها لل مجتمع بكل تفان وحرص سواء كان عامل بناء أو سائق حافلة أو مربيا أو طبيبا أو وزيرا.
وعلى هذا الأساس كان الشعب التونسي في تلك الحقبة شعبا متماسكا ومتحديا للصعاب ومندفعا بقوة لكسب معركة التقدم وهو ما تعبر عنه قيمة الدينار التونسي التي كانت تعادل أكثر من ثلاثة أضعاف الدولار الأمريكي عندما وقعت الإطاحة بحكم الرئيس الراحل الزعيم الحبيب بورقيبة إعلانا عن انبلاج عصر الإنحطاط الأخلاقي الذي فعل فيه الفيروس الصهيوإخواني فعله في المجتمع بوصفه ضالعا في إفساد الشعوب.
وبالمحصلة فإن المعالجة الجذرية للأزمات الموروثة التي تحرق أعصاب التونسيين تبدأ بإعادة تجذير منظومة القيم والأخلاق في المجتمع لأن التناقضات القائمة هي أولا وأخيرا نتاج أزمة أخلاق.
لقد حان الوقت لفرض معايير التحضر والعيش المشترك بقوة القانون حتى يستعيد الفضاء العام حرمته وتتضلع العلاقات الإجتماعية من سموم ما يسمى التدافع الإجتماعي الملغوم فالمعلم الذي يحول مهنة التدريس النبيلة إلى تجاره سيجبره الطبيب على دفع عمولة «العيادة الخصوصية» والعامل أو الموظف الذي يقصر في عمله مهما كان موقعه إنما يغلق أمام أبنائه أبواب الأمل.
وفي المقابل تشكل استعادة القيم الأصيلة للمجتمع التونسي ركيزة محورية لإكتساب التوازن الثقافي والدافع الحضاري الذي يحصّن المجتمع ضدّ خطر الإرتداد إلى التخلف ويحول الطاقات الخامدة إلى فعل وجهد مسترسل يعيد تونس إلى مكانتها الرفيعة في سلم الحضارة الكونية.
إن كثيرا من الظواهر الهجينة التي اكتسحت الفضاء العام تحت تأثير نظرية «المجتمع الإستهلاكي» والمفاهيم الغربية المسمومة مثل الحقوق والحريات هي أفعال تضعف حسّ الإنتماء ووحدة المجتمع كما تصنع تداخلا في المفاهيم لدى الأجيال الجديدة وبالتالي تتحمل مؤسسات الدولة والسلطة التشريعية مسؤولية تنظيف الفضاء العام من كل المظاهر الهجينة التي تلغى الخصوصية الثقافية التونسية التي تراكمت على امتداد 3000 عام حيث أن أول دستور تونسي يعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد كما يعتز الشعب التونسي بتجذره في حضارته العربية الإسلامية.
الأولى

.




أخبار متعلقة :