نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تراجع حزب الله الى شمال الليطاني بين الواقع والخيال, اليوم الأربعاء 6 نوفمبر 2024 03:02 صباحاً
اطلّ بالامس وزير الدفاع الاسرائيلي المشكوك بفاعليته (تم تهديد منصبه اكثر من مرة في اقل من شهرين عقب الحديث عن استبداله من قبل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو)، وحدد هدفاً متجدداً للحرب على لبنان قضى بتراجع حزب الله الى شمال الليطاني، مشيراً الى ان "الانجازات" التي حققتها اسرائيل في هذا المجال تضعها في موقف قوي للمطالبة بهذا الامر.
في نظرة واقعية للامور، وبعيداً عن عاطفة من يرغب في التخلص من حزب الله، ومن يرغب في كسر شوكة اسرائيل، كيف يمكن تطبيق هذا الطلب فعلياً؟ الواقع يقول ان المسألة مجرد كلام لتحقيق نقاط ليس الا، لانه قبل كل شيء، لا بد من تطبيق القرار 1701 ونشر عديد كاف من الجيش اللبناني وقوات "اليونيفيل" وتعزيز صلاحياتهما على رقعة جغرافية كبيرة نسبياً. انما هناك الكثير من الاسئلة حول هذه النقطة تحديداً: اولها كيف يمكن عدم اعتبار اهالي هذه البلدات والقرى الذين تم تهجيرهم منها وتدميرها بالكامل، من المقاومين، او على الاقل متعاطفين مع الحزب؟ وهل يجب منعهم من العودة لتتحول المنطقة بالتالي الى منطقة مغلقة محرّمة على المدنيين؟ وهل سيقبل الجيش اللبناني تحويل هذه المساحة اللبنانية الى منطقة مهجورة ويحرّم على اهلها العودة اليها؟ اضافة الى ذلك، كان الخوف من قدرات الحزب تحت الارض وليس فقط فوق الارض، فمن الذي يمكنه مراقبة هذا النشاط اذا ما تم معاودته، والذي لم تستطع اسرائيل نفسها مع كل قدراتها وتقنياتها التكنولوجية المستوردة من مختلف انحاء العالم، كشفها؟ ولعل هذا ما ادى الى "تلغيم" المفاوضات الاخيرة لوقف اطلاق النار بطلب اسرائيلي يقضي بحرية استهداف اي خرق من هذه المنطقة، ما يعني عملياً عدم الثقة بالجيش ولا بالـ"يونيفيل"، وحتى الشك يتحول الى يقين (بحكم الامر الواقع) ويفضي الى انتهاك سيادة الاراضي اللبنانية تحت اعين الامم المتحدة. والاخطر من كل ذلك، يبقى في معرفة مصير المهجرين قسراً من هذه المنطقة (اي جنوب الليطاني التي تبلغ مساحتها 850 كلم2)، اين سيتوزعون، وكيف سيتأقلمون مع المناطق الجديدة التي ستستضيفهم، خصوصاً وان مساحة لبنان الجغرافية صغيرة بالاصل، وباتت اصغر بطبيعة الحال؟ هذا بالتالي يعني عملياً احتلال اسرائيل للارض من دون تواجدها العسكري الميداني فيها، فلا يمكن استغلال ثروات هذه المساحة وخيراتها، ولا يمكن تأكيد عدم حصول الخروقات الاسرائيليّة في اي وقت "تشتبه" فيه في حصول امر لا يعجبها، في ظل عدم قدرة الجيش (بسبب النقص الفادح في تسليحه)، ولا الامم المتحدة (بسبب الخوف من اسرائيل) على مواجهتها. وهل ستتحول القوات اللبنانية والدولية الموجودة في جنوب الليطاني الى "شرطي" يحمي الاسرائيليين فقط؟.
وفي حال استمر الوضع الميداني على ما هو عليه، اي عدم قدرة اسرائيل على فرض هذا القرار بالقوة العسكرية خلال الفترة الممددة التي أُعطيت لها لتحقيق هذا الهدف، فلن ينفع كل التدمير الممنهج الذي تعتمده القوات الاسرائيلية من خلال تفوقها الجوي الذي يعتبر اساس قدرتها العسكرية، فمن دونه لا يمكنها ان تقاتل ويصبح وجودها في خطر (وفق تحليل غالبية الخبراء العسكريين).
ومع الاتفاق ان هناك استحالة عملية وفعلية في تحقيق هدف ابعاد حزب الله الى ما وراء شمال الليطاني، فالبديل هو القضاء عليه تماماً، وهو امر لم تتمكن اسرائيل من الوصول اليه في كل المرات التي حاولت فيها ذلك، ومن المستيعد جداً ان تصل اليه هذه المرة ايضاً.
لذلك، فإن التسوية التي ستصل، عاجلاً ام آجلاً، ستبنى على الضربات القوية التي تعرّض لها الحزب واضعفته حتما، من دون ان تقضي عليه، ولكنها ستكون مجرد مرحلة تهدئة على غرار ما شهدناه عام 2006 مع القرار 1701، ريثما تنضج الامور مجدداً لاندلاع مواجهات جديدة تكون الاراضي اللبنانية مسرحاً لها في حلقة جديدة من مسلسل مأساوي.
أخبار متعلقة :