مجلة مباشر الاخبارية

صورة الشرق الاوسط الجديد: تجربة سوريا غير مشجعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صورة الشرق الاوسط الجديد: تجربة سوريا غير مشجعة, اليوم الاثنين 9 ديسمبر 2024 04:12 صباحاً

ما ان بلغ سن الرشد، حتى اطلّ الشرق الاوسط الجديد بصورة واضحة وقوية، بعد تحضير وتمهيد وتخطيط زعزع الدول العربية المعنية، وفي مقدمها العراق وسوريا واليمن، ومن الطبيعي ان يكون لبنان ضمن اللائحة، لكنه انتظر حتى اللحظة الاخيرة نسبة الى الوضع الخاص الذي يتمتع به. سقط نظام بشّار الاسد، والكلام هنا لا ينحصر فقط بالرئيس الاخير المغادر، انما بالنظام الذي ارساه والده الراحل حافظ الاسد.

هكذا، وكما وصل الاسد الوالد الى الحكم قبل 50 عاماً وارسى حكماً بالقوة بدعم دولي علني وسرّي، منهياً بالتالي فترة من عدم الاستقرار شهدتها سوريا حيث كانت الانقلابات فيها على عدد اسابيع السنة تقريباً، تم رفع هذا الدعم منذ فترة، وانتهت حقبة آل الاسد في سوريا بمغادرة بشار البلاد في عتمة الليل، ومن دون رسالة وداع. هذا السقوط المفاجئ كان باكورة التغيير الجدي الاول للاعلان عن الشرق الاوسط الجديد الذي تحدثت عنه كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية في العام 2006، خصوصاً خلال حرب اسرائيل على لبنان في هذا العام، ولكنه لم يحصل ولم تتضح معالمه او صورته، فتم تأجيله من دون تحديد موعد لانطلاقته، ليتبيّن بعدها ان هذا الموعد هو 8 كانون الاول 2024، ومن الاراضي السورية تحديداً.

سقط النظام في سوريا بطريقة "مسرحيّة"، ومع الاحتكام الى المنطق الذي يؤكّد ويشدد على ان لا صلة لكل من يدّعي الفضل في اسقاط الاسد، او تبنّي وضع حد لوصايته، يظهر بما لا يقبل الشك ان الدول الصغيرة والضعيفة ليست سوى ألعوبة في ايدي اصحاب القرار الفعليين الدوليين، والا كيف يمكن تفسير هذا الانقلاب العسكري "الابيض"؟ هل سمع احد بمواجهة حتى، ولو من باب "التمثيلية" بين الجيش السوري والمعارضين الذين لا هيكلية تنظيمية لهم؟ هل تسقط سلطة تم بنيانها لمدة 50 عاماً من دون مقاومة، وفي وجه منظمات مسلحة بشكل خجول لا سلطة مركزية لها ومدعومة من قبل اطراف عديدة، فيما للسلطة الافضلية العسكرية بأشواط، والاهم الدعم الروسي والايراني، بين ليلة وضحاها؟ وما السر الذي ادى الى تغيير جذري في الحالة بين العام 2011 واليوم، حين كاد للنظام ان يسقط فلاقى الدعم المطلوب واستعاد حضوره وسيطرته، فضعف ولم يسقط، أمّا بالامس تناثر في مهب الريح؟.

ما حصل قد حصل، وغالبية اللبنانيين تؤيد رحيل الاسد، بفعل الذكريات والتجارب السيئة التي عاشها لبنان ايّام الوصاية السورية التي فرضها العالم عليه، ولكن، لا بد من التوقف عند ملامح الصورة التي تكتسبها التطورات الجديدة. من الواضح ان سوريا ستعيش فترة من عدم الاستقرار، ولكن الاهم هو وجود قلق جدي من تقسيمها حيث ستتناتش تركيا واسرائيل اراضٍ ومناطق سوريّة بحجة تأمين الحماية فتتقلص المساحة الجغرافية لسوريا بموافقة دولية، فيما من الواضح وجود "غض نظر" تام من روسيا وايران بعد ان حصلتا على ضمانات وتطمينات بان مصالحهما لن يتم المس بها، بحيث ستبقيان على المساحة السورية انما بالتكافل والتضامن مع لاعبين آخرين على هذه الارض.

وكالعادة، لن يحصل لبنان سوى على "المتاعب"، اذ حين تكون سوريا قوية تشكّل تهديداً له بأطماعها، وحين تكون ضعيفة يبقى الخطر موجوداً، اذ يكون التهديد عبر نقل التوتر والمشاكل الى ارضه. وبالتالي، اذا كانت هذه بوادر الشرق الاوسط الجديد الذي يتم رسمه، فالصورة لا تدفع الى الحماس، وسيكون على لبنان التعامل مع واقع جديد تكون حسنته الوحيدة بالنسبة اليه، التخلّص كلياً من فكرة تكليف السوريين الوصاية عليه في المستقبل، قريباً كان ام بعيداً، اما بالنسبة الى المشاكل الاخرى، فسيكون عليه الابقاء على جهوزية لمنع المشاكل من سوريا والاطماع من اسرائيل.

أخبار متعلقة :