مجلة مباشر الاخبارية

من "طوفان الأقصى" إلى رحيل الأسد: طهران بين قراءة خاطئة وعجز عن المواجهة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من "طوفان الأقصى" إلى رحيل الأسد: طهران بين قراءة خاطئة وعجز عن المواجهة, اليوم الخميس 12 ديسمبر 2024 05:24 صباحاً

كشفت المواقف التي أعلنها المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي، أمس، عن مجموعة من المؤشرات المرتبطة بالتحولات التي شهدها الملف السوري في الأيام الماضية، أبرزها أن طهران لم تكن شريكاً مباشراً في المسار الذي سلكته الأمور، حيث كان واضحاً في الحديث عن المشهد، سواء كان من خلال الإشارة إلى الدورين الإسرائيلي أو التركي، عبر الحديث عن دور لدولة مجاورة لسوريا من دون تحديدها.

ما تقدم، يفرض العودة إلى الواقع الإيراني في الأشهر الماضية، نظراً إلى أن التحول السوري لم يكن معزولاً عما يحصل على المستوى المنطقة، بل هو جزء من مسار عام، بدأ يوم السابع من تشرين الأول من العام 2023.

في ذلك الوقت، كانت طهران واضحة في أنها لم تكن شريكة في قرار حركة "حماس" الذهاب إلى تنفيذ عملية "طوفان الأقصى"، بغض النظر عن خلفيات العملية، لكن هذا لا يلغي أنها كانت معنيّة بالتداعيات، لا سيما أنه كان من الواضح أن إسرائيل في طور الذهاب إلى خطوات غير مسبوقة.

هنا، قد يكون من الطبيعي الحديث عن قراءة لم تكن سليمة لمسار الأحداث، بدءاً من قرار فتح جبهة الإسناد عبر الحدود اللبنانية، بدليل النتائج التي ترتبت على ذلك، لكن لا يمكن اليوم حسم ما إذا كانت المعركة الموسعة، التي ذهبت إليها تل أبيب في شهر أيلول الماضي، كانت أمراً مسلّماً بحدوثه، بغض النظر عن مبادرة "حزب الله" إلى فتح المعركة، في اليوم الثاني لعملية "طوفان الأقصى".

ما يهم في هذا المجال، هو أنّ الجانب الإيراني، في اللحظة التي وافق فيها على الذهاب إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، بادرت إسرائيل إلى تنفيذ عمليّة إغتيال أمين عام "حزب الله" السابق السيد حسن نصرالله، من ضمن مسار كان الهدف منه القضاء على أبرز قدرات الحزب العسكرية.

لاحقاً، لم تتأخر إسرائيل، في الوقت الذي كان فيه التفكير، بعد الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، في الخطوات التي سيبادر إليها "حزب الله" في عملية إعادة بناء نفسه، عبر المبادرة إلى الخطوة الثانية، التي كان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو قد ألمح إليها مسبقاً، من خلال الرسالة التي وجهها إلى الرئيس السوري السابق بشار الأسد، بالقول: "لا تلعب بالنار".

في هذا الإطار، قد يكون من الممكن طرح مجموعة واسعة من السيناريوهات حول ما حصل قبل التحول الكبير في سوريا، بالنسبة إلى المشاورات الروسية التركية الإيرانية، تحديداً بالنسبة إلى موقف الرئيس بشار الأسد مما كان يطرح عليه من مبادرات، لكن ما يهم في نهاية المطاف هو أن طهران وجدت نفسها أمام خديعة أو قراءة جديدة خاطئة لمسار الأمور، دفعت ثمنها غالياً على مستوى نفوذها ومصير المحور الذي كانت تقوده على مستوى المنطقة.

وبعيداً عمّا حصل في الأشهر الماضية، من الضروري التوقف عند إصرار السيد خامنئي على تأكيد الإستمرار بالمواجهة في المستقبل، لكن هذا لا يلغي أن طهران ستكون أمام موجة واسعة من التحدّيات، تنطلق من معادلة أنّها متأخرة على مستوى الإطار العام، بعد الضربات التي كان قد تعرّض لها أبرز الحلفاء.

هنا، من الضروري الإشارة إلى أنّ الجانب المقابل لن يعطي إيران الفرصة لإعادة بناء قوتها الإقليمية بسهولة، لا بل هو، على الأرجح، سيبادر إلى إستكمال عمليّة ضرب باقي الحلفاء، تحديداً في الساحتين اليمنية والعراقية، بالإضافة إلى زيادة الضغوط المباشرة على طهران.

بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن تجاهل أن إيران، على مستوى المواجهة مع إسرائيل، خسرت ما يمكن وصفه بالعمق الإستراتيجي للمحور، أيّ سوريا، التي باتت ساحة معادية لها أو على الأقل غير صديقة، الأمر الذي سيؤثّر على عدد من الحلفاء الآخرين، الذين سيجدون أنفسهم أمام موجة عالية من الضغوطات.

في المحصّلة، المسار الإيراني العام كان مساراً تراجعيا، في المرحلة الماضية، الأمر الذي يجب الإعتراف به من قبل طهران نفسها، قبل التفكير في أي أمر يتعلق بالمستقبل، في حال كان لديها الفرصة أو القدرة على إعادة البناء، مع العلم أنها قد تستفيد من حالة الفراغ التي قد تحصل في سوريا، في حال كان مسار التجربة الحالية الفوضى.

أخبار متعلقة :