أحداث العالم تلقي بظلالها على المنطقة.. ولبنان في مفترق طرق

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أحداث مهمة ومترابطة شهدتها الأيام الماضية تمثلت في قمة بريكس ومؤتمر باريس لدعم لبنان وتزامنت مع اشتعال المنافسة في السباق الانتخابي للرئاسة الأمريكية. وجميعها تلقي بظلالها على الصراع المتأزم في الشرق الأوسط مع استمرار الهجمات الإسرائيلية على لبنان وتدهور الأوضاع في جنوبه وفي قطاع غزة.   

فقد أنهت قمة بريكس الـ16 في قازان الروسية أعمالها، وكانت أول قمة بالتشكيلة الموسعة بعد انضمام مصر والسعودية والإمارات وإيران وإثيوبيا العام الماضي. ودعمت القمة المساعي الرامية لإقامة نظام عالمي عادل متعدد الأقطاب ومتنوع الاقتصاديات. 

وفيما يخص الفائز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ فقد أصبح هذا السؤال هو الأكثر تداولاً الآن داخل وخارج الولايات المتحدة، حيث ما زال السباق محتدما حتى أيامه الأخيرة. فنتائج استطلاعات الرأي متقاربة للغاية وتركت التكهنات مفتوحة. 

أما مؤتمر باريس لدعم لبنان فقد انتهى دون إشارة لاستعداد إسرائيلي لوقف الحرب، رغم أن الأمر الملح الآن هو وقف إطلاق النار. وجاءت النتائج عبارة عن تعهدات بجمع مليار دولار، منها 200 مليون دولار مساعدات للجيش، وهي تعهدات يراها اللبنانيون غير كافية لإعادة تعمير شارع واحد داخل الأحياء التي قصفتها وهدمتها قوات الاحتلال الإسرائيلي. 

ووسط دوامة الأحداث العالمية، نستطيع أن نقول أن لبنان على مفترق طرق خطير في ظل استمرار التصعيد يومياً مما ينذر باتساع دائرة الحرب إلى جبهات أخرى في المنطقة، حيث هناك سباق محموم على تفجير الداخل اللبناني مع صمت دولي تجاه الكيان الإسرائيلي وفشل في إيقاف دبابات يوآف جالانت عن الاجتياح البري، تمامًا كما فُتِح ذات يوم ليس بالبعيد أمام دبابات أرييل شارون. وهناك أصوات داخل الدولة العبرية أصبحت تحذر نتنياهو من مصير سياسي محتوم على أرض لبنان. هذا ما يحدث عادة لمن لا يكترث بـ"جدلية الأماكن" أو "جدلية الأزمنة"، حيث أن التاريخ مليء بالدروس والعبر حول من يصنع انتصاراته على ظهر الدبابات وجثامين المدنيين ويحفر بأسنانه الطريق إلى الجحيم. ولا شك أن الحكومة الإسرائيلية تخسر معركة الرأي العام العالمي مجدداً في لبنان بعد خسارتها في غزة، كما تخاطر الآن بإبعاد الحلفاء التقليديين. ويراهن البعض على الضغوط الإسرائيلية الداخلية لوقف الحرب، مشيرين إلى أن الموقف لن يستمر كما هو عليه في ظل الغضب الداخلي والتذمر المعلن والمتنامي بين الجنود خاصةً بعد نهاية أسبوع موجعة لجيش الاحتلال من حيث عدد الضحايا والجرحى وتحديداً في صفوف العسكريين، من بينهم قيادات من ضباط الصف الأول، رغم تعتيم الحكومة الإسرائيلية عن إعلان معظم خسائرها. وقد انتشرت على نطاق واسع وللمرة الأولى استغاثة جنود الاحتلال على الحدود الشمالية حيث اشتكوا من كونهم يواجهون إهمالاً ونقصاً في تدابير الحماية والدروع، واتهموا حكومتهم بتجاهل تحذيراتهم وإهمال سلامتهم في الميدان مما أدى لقتل وجرح العشرات في إحدى هجمات حزب الله الصاروخية.

كما أن غالبية الرأي العام العالمي لم تعد تثق في الوساطة الغربية لإيقاف الحرب الدائرة لأنها وساطة غير محايدة ولم تصدر بيان إدانة واحد ضد الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين والعاملين في مجال الإغاثة والإسعاف والخدمات الصحية والإنسانية وبشكل كارثي وغير مسبوق. وقد اكتفى المبعوثان الأمريكيان بنقل شروط الطرف الإسرائيلي المجحفة لوقف إطلاق النار ومنها ولايتهما على الأجواء اللبنانية والعودة لاستيطان غزة. وفي ظل الطريق المسدود، يميل العديد من السياسيين حالياً إلى الرهان على أن نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستقام يوم 5 نوفمبر المقبل ستغير اتجاهات الحرب في المنطقة وتقلِّمُ أظافر قوات الاحتلال الاسرائيلي وتقلص الدعم العسكري لها؛ في حين يرى البعض الآخر إنه لا يجب الذهاب بعيدًا في هذا الرهان على أن أحد الرؤساء الأمريكيين قد يكون أقل انحيازًا لإسرائيل من آخر، وكأن التاريخ لم يكشف أنه منذ دوايت أيزنهاور وجون كينيدي، كان كل الرؤساء في البيت الأبيض منحازين للدولة العبرية. 

كما تراهن مجموعة أخرى على طول الصراع في حدوث تغيير فارق داخل المجتمع الأمريكي وآليات وأولويات القوة العظمى نفسها. في كتابه صعود وسقوط القوى العظمى (التغير الاقتصادي والصراع العسكري خلال 5 قرون من 1500 إلى 2000) يقول المؤرخ بول كينيدي إن القوة الاقتصادية والقوة العسكرية كانتا مرتبطتين ارتباطًا وثيقًا بصعود وسقوط الدول الكبرى منذ عام 1500. ويوضح أن الالتزامات الاستراتيجية المتوسعة تؤدي إلى زيادات في الإنفاق العسكري الذي يثقل كاهل القاعدة الاقتصادية للدولة في نهاية المطاف، ويتسبب في انحدارها على المدى الطويل. ويطالب الولايات المتحدة بأن تتعامل مع "هذا التوسع الإمبراطوري المفرط" ومتوقعاً خلال عقود ثلاثة بدء تراجع السيطرة القطبية الأمريكية على مجريات الأحداث العالمية لصالح قوى جديدة سياسية واقتصادية صاعدة مثل الصين والهند ستحتل مكانة متقدمة مع تحالفات وشراكات وثيقة مع الدول النامية ذات الثقل الجغرافي والاستراتيجي. ورغم أن هذه التكهنات ذكرها بول كيندي منذ حوالي ربع قرن إلا أن الساحة تشهد صعود هذه القوى الجديدة الباحثة عن عالم أكثر عدالة كما هو الحال في تجمع بريكس.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق