هل تشعل حرب السيارات الكهربائية صراعا تجاريا عالميا؟

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل تشعل حرب السيارات الكهربائية صراعا تجاريا عالميا؟, اليوم الجمعة 1 نوفمبر 2024 09:57 مساءً

تتصاعد حدة التوترات التجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي مع فرض الأخير رسوماً جمركية جديدة على السيارات الكهربائية الصينية، في خطوة وصفها خبراء بأنها قد تشعل حرباً تجارية شاملة بين القوتين الاقتصاديتين الكبيرتين.

فقد أعلنت المفوضية الأوروبية، بعد تحقيق استمر لعام، عن فرض رسوم إضافية تصل إلى 45.3 بالمئة على واردات السيارات الكهربائية الصينية، مبررة ذلك بوجود دعم حكومي غير عادل للشركات الصينية، ما يؤثر سلباً على المنافسة في السوق الأوروبية.

هذا القرار لم يلقَ ترحاباً من جانب بكين التي رفضته جملة وتفصيلاً، ووصفته بأنه "ممارسة حمائية" تهدد بتصعيد التوترات التجارية بين الطرفين. ورداً على ذلك، أعلنت الصين أنها ستقوم باتخاذ "جميع الإجراءات اللازمة" لحماية مصالح شركاتها، كما تقدمت بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية.

هذه التطورات تثير تساؤلات حول تداعيات هذه الحرب التجارية على صناعة السيارات الكهربائية العالمية، وعلى العلاقات الاقتصادية بين الصين والاتحاد الأوروبي، فهل ستكون السيارات الكهربائية الشرارة الأولى لحرب اقتصادية عالمية؟

وجاء قرر الاتحاد الأوروبي بزيادة الرسوم على السيارات الكهربائية صينية الصنع إلى نحو 45.3 بالمئة، في ختام تحقيقات تسببت في انقسام في أوروبا، إذ بعد مرور عام على تدشين تحقيقها المتعلق بالتصدي لإجراءات الدعم، إذ ستفرض المفوضية الأوروبية رسوما إضافية تتراوح بين 7.8 بالمئة على منتجات تسلا و35.3 بالمئة على منتجات شركة سايك الصينية، بالإضافة إلى رسوم استيراد السيارات القياسية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والبالغة 10 بالمئة.

وقال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي "إن الرسوم الجمركية الإضافية حصلت على الموافقة رسميا الثلاثاء 29 أكتوبر وتدخل حيز التنفيذ الأربعاء 30 أكتوبر"، فيما قالت المفوضية الأوروبية التي تشرف على السياسة التجارية للاتحاد الأوروبي إن "الرسوم الجمركية ضرورية لمواجهة دعم غير عادل يتلقاه المصنعون في الصين يتضمن تمويلاً تفضيلياً ومنحا بالإضافة إلى الأراضي والبطاريات والمواد الخام بأسعار أقل من أسعار السوق، وإن الطاقة الإنتاجية الاحتياطية للصين والتي تبلغ ثلاثة ملايين سيارة كهربائية سنوياً تعادل مثلي حجم سوق الاتحاد الأوروبي. ولأن الرسوم تبلغ 100 بالمئة في الولايات المتحدة وكندا، فالمنفذ الأكثر وضوحاً لتلك السيارات الكهربائية هو أوروبا".

وأعلنت وزارة التجارة الصينية أنها "لا تقبل" الرسوم الجمركية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على السيارات الكهربائية الصينية، وقالت الوزارة في بيانها إن "الصين أشارت مراراً وتكراراً إلى أن تحقيق الاتحاد الأوروبي المضاد للإعانات في السيارات الكهربائية الصينية يحتوي على العديد من الجوانب غير المعقولة وغير المطابقة، وهو ممارسة حمائية للمنافسة غير العادلة".  

ووصفت بكين الرسوم التي فرضها الاتحاد الأوروبي بأنها حمائية وتضر بالعلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين وسلاسل توريد السيارات، ودشنت تحقيقات هذا العام تتعلق بواردات البراندي ومنتجات الألبان ولحم الخنزير من الاتحاد الأوروبي، كما أقامت دعوى ضد تدابير الاتحاد الأوروبي أمام منظمة التجارة العالمية.

وعقدت المفوضية الأوروبية ثماني جولات من المفاوضات الفنية مع الصين لإيجاد بديل للرسوم الجمركية، وقالت إن "المحادثات يمكن أن تستمر بعد فرض الرسوم"، حيث يبحث الجانبان إمكانية وضع التزامات بحد أدنى لسعر السيارات المستوردة واتفقا يوم الجمعة على عقد جولة أخرى، على الرغم من أن المفوضية قالت إن "فجوات كبيرة" لا تزال هناك.

 وبحسب تقرير لشبكة (سي إن بي سي) اطلعت عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" قال كن بينغ، رئيس استراتيجية الاستثمار في آسيا لدى سي تي ويلث، "كل شيء مدروس، هذا أمر مؤسف، لكنه ليس كبيراً حقاً من حيث الحجم".

وأضاف بينغ "إن مستوى الرسوم الجمركية يبدو معتدلاً" لكنه أشار إلى أن كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سيجبران المنتجين الصينيين على تنويع سلاسل التوريد وزيادة الطاقة الإنتاجية خارج الصين.

وقال إنه إذا ردت الصين، يتوقع أن تركز أي رسوم جمركية على الواردات الزراعية والفاخرة من أوروبا.

الصراع التجاري قائم والصين تتوسع بصمت

 في حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية قال الخبير الاقتصادي، عضو مجلس أمناء مركز الشرق الأوسط للدراسات الاقتصادية هاشم عقل، إن فرض الرسوم الجمركية الأوروبية على السيارات الكهربائية الصينية قد يشعل حرباً تجارية واسعة النطاق. وأوضح أن الصراع التجاري بين الصين والولايات المتحدة قائم منذ إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب ومستمر في ظل إدارة الرئيس جو بايدن، الذي يؤكد أن الصين تُعقد فرص المنافسة العادلة أمام الشركات الأميركية في قطاع المركبات الكهربائية.

ويرى عقل أن الصين، حتى الآن، تتبع سياسة التوسع بصمت دون رد فعل حاد على الإجراءات الأميركية، مستشهداً بتوسع شركات صينية في أسواق قريبة من الولايات المتحدة، مثل تأسيس مصنع لشركة "بي واي دي" في المكسيك، حيث تسهل اتفاقية التجارة الحرة بين المكسيك وكندا والولايات المتحدة وصول السيارات الصينية إلى السوق الأميركية دون رسوم جمركية. ويعتبر عقل أن هذه الخطوة تمثل تحدياً كبيراً لسياسة الحماية التجارية الأميركية التي تفرض رسوماً مرتفعة على السيارات الكهربائية الأجنبية.

وأشار إلى أن الصين ليست فقط متوسعة في السوق الأميركية، بل تستهدف أيضاً أسواقاً جديدة مثل البرازيل وتايلاند وأستراليا، مع تحركات لافتتاح مصانع في أوروبا، حيث وقع الاختيار على المجر كموقع لأول مصنع للسيارات الصينية في القارة، وهناك مفاوضات جارية مع شركات ألمانية لإنشاء مصانع مشتركة في ألمانيا. ويعتقد عقل أن الدول الأوروبية التي عارضت القرار، مثل ألمانيا والمجر، قد تضغط على الاتحاد الأوروبي لتخفيف الإجراءات الجديدة التي فرضت تحت ضغوط أميركية.

كيف يتضرر الاتحاد الأوروبي؟

ويضيف الخبير الاقتصادي عقل أن قرار فرض الرسوم الجمركية على السيارات الصينية قوبل بمعارضة من بعض الدول الأوروبية التي لها مصالح تجارية كبيرة في الصين، حيث تعتمد شركات السيارات الأوروبية الكبرى بشكل متزايد على السوق الصينية، والتي تعد مركزاً رئيسياً للسيارات الفاخرة نتيجة ازدهار الطبقة المتوسطة هناك. ويشير إلى أن فرض الرسوم على السيارات الصينية قد يؤدي إلى تبعات اقتصادية واسعة على الاتحاد الأوروبي، نظراً لما تحققه الشركات الأوروبية من إيرادات كبيرة في السوق الصينية.

وكشفت البيانات التجارية عن ارتفاع كبير في قيمة واردات أوروبا من السيارات الكهربائية المصنعة في الصين، حيث بلغت 11.5 مليار دولار العام الماضي مقارنة بـ 1.6 مليار دولار فقط في عام 2022، بينما زادت صادرات الصين من السيارات الكهربائية حول العالم بنسبة 70% بين عامي 2022 و2023.

ويختم عقل بالإشارة إلى أن شركات صينية، مثل "بي واي دي"، قد تتمكن من امتصاص تأثير الرسوم الأوروبية الجديدة، نظراً لما تتمتع به من ربحية عالية. وبحسب عقل، فإن أرباح "بي واي دي" لكل سيارة في أوروبا ستظل أعلى بمقدار مرة ونصف من أرباحها لكل سيارة في السوق الصينية، حتى بعد فرض الرسوم الجديدة، ما يعكس قوة هذه الشركات وقدرتها على التكيف مع التحديات التجارية المستجدة.

بدوره، قال الخبير الاقتصادي علي حمودي في حديثه لموقع اقتصاد سكاي نيوز عربية": "إن الرسوم الجمركية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على السيارات الكهربائية الصينية تهدف إلى معالجة المخاوف بشأن الإعانات غير العادلة المزعومة التي تقدمها الصين لصناعة السيارات الكهربائية، ولكن من الصعب الجزم بشكل قاطع ما إذا كانت الرسوم الأوروبية الجديدة ستؤدي إلى حرب تجارية شاملة مع الصين".

عوامل متداخلة 

وأشار حمودي إلى عدة عوامل متداخلة يمكن أن تؤدي إلى التصعيد بين الجانبين وهي:

  • رد فعل الصين، بمعنى هل سيكون رد فعل الصين على الرسوم الأوروبية حاسماً؟، فإذا ردت الصين بفرض رسوم انتقامية واسعة النطاق على المنتجات الأوروبية، فمن الممكن أن يتحول الموقف إلى حرب تجارية شاملة. وتاريخيا، لم تتردد الصين في استخدام الرسوم الجمركية كسلاح تجاري.
  • المناخ الجيوسياسي: يتزامن فرض هذه الرسوم مع توتر متزايد في العلاقات بين الغرب والصين على جبهات متعددة، من تايوان إلى التجارة والتكنولوجيا. هذا التوتر قد يُشجع كل من أوروبا والصين على اتخاذ مواقف أكثر تشدداً.
  • الدول الأخرى: يمكن أن يؤدي الصراع التجاري بين أوروبا والصين إلى انضمام دول أخرى إليه، مما يُوسع نطاق الحرب التجارية.

كما تطرق الخبير الاقتصادي حمودي إلى العوامل التي قد تُخفف من حدة الموقف وهي:

  • الحوار والمفاوضات: فقد تلجأ أوروبا والصين إلى الحوار والمفاوضات لتجنب تصعيد الموقف، وهناك رغبة متبادلة في تجنب حرب تجارية شاملة، لأنها حيث تضر كلا الطرفين.
  • الاعتماد المتبادل: هناك اعتماد تجاري كبير متبادل بين أوروبا والصين. حرب تجارية شاملة ستُلحق الضرر باقتصادات كلا الطرفين.
  • الضغوط الداخلية: يوجد في كل من أوروبا والصين ضغوط داخلية لتجنب حرب تجارية، وتُفضّل الشركات الأوروبية والصينية علاقات تجارية مستقرة.
  • المنظمات الدولية: يمكن أن تؤدي منظمات مثل منظمة التجارة العالمية دوراً في تهدئة الموقف، أو التحكيم في النزاع.
  • ويرى حمودي أنه "في الوقت الحالي، من الصعب التنبؤ بشكل دقيق بتطور الموقف، إذ أن فرض الرسوم الأوروبية يُمثل خطوة تصعيدية، لكنه ليس حتمياً أن يؤدي إلى حرب تجارية شاملة، ولكن الاحتمال موجود ويعتمد بشكل كبير على الخطوات التي سيتخذها كلا الطرفين في الأيام والأسابيع القادمة".
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق