“… الجوامع المشتركة بين المسلمين وهي كبيرة وعظيمة جداً يجب أن يلتقوا على أساسها، وبالتالي يجب أن يتقاربوا وأن يتعاونوا وأن يتناصحوا وأن يكونوا كالجسد الواحد وكل واحد له شخصيته وله خصوصيته، هذه الفكرة التي يجب إعادة التأكيد عليها والعمل من أجلها، طبعاً، في كل الساحات حيث تقاربوا وتعاونوا وتناصحوا انتصروا…”، بهذه الكلمات سبق لسيد شهداء الامة السيد حسن نصر الله(قده) ان لخّص جوهر الوحدة الاسلامية في ذلك خلل كلمة له بمناسبة ولادة الرسول الاكرم ولادة الامام الصادق وأسبوع الوحدة الاسلامية بتاريخ 22-10-2021 الموافق 15 ربيع الاول 1443.
وهذه الرؤية الشاملة والواضحة التي طرحها الشهيد السيد نصر الله تتركز على قاعدة انه ليس مطلوبا من السنة او الشيعة ان يذوبوا ببعض بل ان يتعاونوا على البر والتقوى.. وان لا يتنازعوا فيفشلوا وتذهب ريحهم.. فليس المقصود بالوحدة كما أوضح سماحة السيد الشهيد “.. الوحدة الاندماجية والوحدة الالغائية والوحدة الذوبانية.. كلا، المقصود انه عند السنة سنة وعند الشيعة شيعة، وعند السنة يوجد مذاهب وعند الشيعة يوجد مذاهب واجتهادات… لا يوجد مشكلة في هذا الموضوع، أيضا هناك فرق إسلامية أخرى، المقصود هنا التعاون بين المسلمين والتقارب بينهم والتعاضد والتناصر والتكافل والتكامل…”.
وبهذا الإطار، أكد رئيس “الهيئة الإدارية في تجمع العلماء المسلمين” الشيخ حسان عبد الله أن “السيد نصر الله كان وحدويا في كل منهج افكاره وعمله وكانت الوحدة الاسلامية كانت هي المنهاج الذي يسير على اساسه، وكان دائم العمل لمواجهة الفتن والوحدة في الامة الاسلامية.
واشار الشيخ عبد الله الى ان “السيد نصر الله سعى الى التقريب بين المذاهب وليس إلغاء أي مذهب بل التكامل في إطار الدين الواحد، فالدين هو الاسلام”.
والحقيقة ان للوحدة الاسلامية الكثير من الفوائد على المستويات المختلفة سواء الاجتماعية والانسانية التي تؤدي الى رضى الله أولا، وتاليا الى الاستقرار والطمأنينة في الدنيا بما يساعد المجتمع الاسلامي على النشاط والعمل وإعمار البلدان بعيدا عن الخلافات والمشاكل، كما تعين الدول والشعوب الاسلامية على مواجهة الأخطار المحدقة بهم من الأعداء، وهذه المسألة تبرز في عصرنا الحاضر من خلال ان العدو الاسرائيلي ومن يقف خلفه ويدعمه لا سيما الادارة الاميركية والكثير من الانظمة الغربية وبعض العرب يعملون دائما ومنذ عشرات السنوات على إدخال الفتن المذهبية والطائفية للتفريق بين المسلمين سنّة وشيعة بما يساعد العدو على التفرقة بيننا بما يسّهل له تنفيذ ما يريد من مخططات وسرقة خيرات الامة والسيطرة على مقدراتها وبلدانها والضغط على حكامها وأنظمتها.
ولفت الشيخ عبد الله الى انه “طوال فترة مسؤولية السيد نصر الله في قيادة حزب الله والمقاومة حصل الكثير من محاولات الفتن بين المسلمين من قبل أعداء الامة، وكان في كل مرة يواجه الفتن بالدعوة الى الوحدة الاسلامية وإنهاء هذه المحاولات الفتنوية من اي فعالية ما أدى الى تجاوز الفتن”.
من جهته، لفت “الامين العام للمركز الاسلامي للاعلام والتوجيه وعضو تجمع العلماء المسلمين” الشيخ محمد سليم اللبابيدي الى ان “الهم الاكبر لسماحة السيد الشهيد كان الوحدة الاسلامية، وقد ترجم ذلك بالقول والفعل على حد سواء”.
وقد شدد سماحة الشهيد السيد نصر الله(قده) على ان الانتصار والاقتدار للأمة لا يكون إلا بنذ الخلافات والتنبه للمؤامرات التي تحاك لأبنائها والإبتعاد عن التقاتل بينهم، فمن خلال التعاون نصل الى حيث نريد من السيادة والحرية والحفاظ على الأوطان والدول والنهوض بمؤسساتها بعيدا عن التدخلات الخارجية، وبهذا الإطار، قال سماحته “المقاومة في لبنان انتصرت بهذا التقارب وبهذا التعاون وبهذا التعاضد، المقاومة في فلسطين تنتصر عندما تتوحد في داخل فلسطين وفي خارج فلسطين مع بقية محور المقاومة كما يحصل فعلا”، وتابع “اليوم محور المقاومة الذي فيه سنة وشيعة هو عامل قوة أساسي للمقاومة في فلسطين وهكذا عندما قاتل السنة والشيعة سوياً كتفاً إلى كتف بعض هذه الجماعات ومنها داعش، تَمكنوا من الانتصار عليها في أكثر من بلد عربي وإسلامي”، وأكد “عندما نتعاون ننتصر، عندما نتنازع نفشل، عدونا الذي يريد الهيمنة على المنطقة والسيطرة على المنطقة وإبقاء احتلاله لفلسطين، يُريدنا دائماً أن نتنازع وأن نتخاصم وأن نتقاتل، يُريد أن يُحول أي مشكل سياسي ليعطيه طابع طائفي ومذهبي، أي خلاف شخصي، أي خطأ شخصي من هنا أو من هناك ليكبر الموضوع ليشعل فتنة كبيرة…”.
وانطلاقا من ذلك، أوضح سماحة السيد الشهيد انه “هنا تقع المسؤولية العظمى”، وهي من أعظم المسؤوليات على المسلمين، وبالدرجة الأولى على علمائهم وزعمائهم وقادتهم ونخبهم وكبارهم، فكل شخص من موقعه عليه مسؤولية بمنع الفتن وبالعمل على التواصل والتقارب مع أخيه المسلم ومنع أي اختراق في أي ساحة من الساحات قد يؤدي الى الشقاق والخلاف بما يضر بالامة وبأفرادها، ويصب فقط في خدمة اعدائها، “كل ما يُقرب هو واجب وكل ما يُبّعد هو حرام ويجب أن نعمل على تجنبه..” أكد سيد شهداء الامة.
وبهذا السياق، أكد الشيخ حسان عبد الله “كانت رعاية السيد نصر الله لتجمع العلماء المسلمين كانت بارزة ومركزة ويتابع عملنا بالارشاد او التصويب والمتابعة بهدف الحفاظ وتمتنين الوحدة الاسلامة وحماية الامة من الفتن”.
وقال الشيخ محمد اللبابيدي “لتجمع العلماء المسلمين تجربة خاصة مع سماحة السيد الشهيد لانه كان يوليه الدعم الكبير والتواصل مع العلماء من السنة والشيعة وبكل مجالس التجمع وهيئاته”، واوضح ان “السيد الشهيد كان يعتقد ان للتجمع دوره الجهادي العظيم بمواجهة الفتن التي تحاك للامة”.
وبنفس الإطار، قال الشهيد السيد نصرالله بتاريخ 19-10-2021 الموافق 12 ربيع الاول 1443 هجرية وذلك في كلمة له خلال “المؤتمر الدولي الخامس والثلاثين للوحدة الإسلامية” في العاصمة الايرانية طهران بمشاركة شخصيات من 52 دولة إن “الأمة تجاوزت التهديد بحروب طائفية بفعل الصبر والبصيرة”، ودعا الى “الاستفادة من الأحداث الماضية من أجل تحقيق الوحدة لإحباط المؤامرات المعادية”، وأكد على “أهمية ما أنجز خلال السنوات السابقة والتأسيس على ما مضى ووضع خطوات للمرحلة اللاحقة”.
واكد الشيخ اللبابيدي ان “السيد نصر الله كان حريصا على درء الفتن في المجتمع والبلد، وكان يعتمد بذلك بشكل كبير على تجمع العلماء المسلمين ويتابع مع التجمع جهوده في هذا الإطار”.
وبقدر ما سعى السيد الشهيد(قده) للعمل على التقارب بين المسلمين والوحدة بينهم، كانت شهادته مفصلا هاما للتقريب بين الاخوة، سواء من المسلمين سنة وشيعة وأيضا للتقريب بين المسلمين والمسيحيين على حد سواء، وبهذا المعنى قال رئيس مجلس الأمناء في “تجمع العلماء المسلمين” الشيخ غازي حنينة في تصريح له على هامش مؤتمر “مدرسة نصرالله” الدولي المنعقد في طهران السبت 9-10-2024 إن “شهادة سماحة السيد نصرالله عزّزت الوحدة بين المسلمين، خاصة الشيعة والسنة والمسيحيين اكثر فأكثر..”.
المصدر: موقع المنار