“… لا يمكنك أن تأتي وتقاتل في لبنان وتقصف في لبنان و”تشم الهواء” بالمستعمرات الشمالية أو بحيفا أو بما بعد حيفا أو ما بعد ما بعد حيفا أو ما بعد ما بعد ما بعد حيفا. هذا انتهى، هذا الزمن انتهى…”، كلام سبق ان قاله سيد شهداء الامة الشهيد السيد حسن نصر الله(قده) في كلمة له يوم 13-6-2016 وهذا ما يحصل اليوم في دنيا الواقع ونرى مشاهد حية له في الضربات المؤلمة التي يتلقاها العدو الاسرائيلي في عمق الكيان الغاصب.
فالمقاومة الاسلامية تصدّ العدوان على لبنان وتمنع الدخول البري لجيش العدو الاسرائيلي منذ ما يقارب الشهرين، وحتى الساعة يعاني الجيش الذي كان يعتبر من أقوى جيوش العالم والمنطقة للدخول الى أي قرية من قرى الحافة الامامية للحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، والعدو يحاول ويحاول للدخول الى لبنان من مختلف محاور القتال، وبعد فشله يعود أدراجه حاملا معه قتلاه وجرحاه وخيبته، حيث لمن تستطيع “إسرائيل” من ترميم قوتها البرية بعد اكثر من 18 عاما على فشلها في حرب تموز 2006.
وها هي “إسرائيل” اليوم تعاود نفس الكرة بالدخول الى لبنان معتقدة ان تقدمها التكنولوجي الذي يساعدها استخباريا بالاضافة الى تفوقها بسلاح الجو، يمكن ان يعطيها نصرا، إلا ان الوقائع تعيد التأكيد ان لا حسم من بعيد بل على الجيش ان ينزل بالقوات البرّية على الارض لإظهار مدى قوته ومن ثم إعلان النصر المطلوب، وهذا ما لم ولن يتحقق مع الجيش الاسرائيلي حيث القوة على الارض هي لرجال الله في الميدان، وهذا ما أثبتته المعارك الضارية في بلدة الخيام حيث فشل جيش العدو لما يثارب الشهرين من الدخول وتثبيت تواجده في أي من أحياء هذه القرية الحدودية رغم ان العدو حاول الدخول الى الخيام من الجهات الاربع، بما فيها الجهة الشمالية محاولا الالتفاق عبر الوصول من كفركلا الى محاذاة دير ميماس وصولا الى مرجعيون، لكن كل المحاولات باءت بالفشل مترافقة مع ازدياد الخسائر البشرية في صفوف جيش العدو، بالاضافة الى تكبيده خسائر بالعدة والآليات.
والضربات التي يتلقاها العدو الاسرائيلي لا تقتصر على قرى الحافة الامامية الحدودية، وإنما صواريخ المقاومة تلاحق الصهاينة في تجمعاهم ومركزهم في مستوطنات شمال فلسطيين المحتلة، وصولا لاستهداف الكيان في حيفا وعكا حتى تل ابيب، عملا بالقاعدة التي رسمها سماحة الشهيد القائد السيد حسن نصر الله ان ضرب عاصمة لبنان وجنوبه وبقاعه والضاحية الجنوبية ليس نزهة للعدو وإنما هناك تكاليف وأثمان عليه دفعها وهي باهظة، وهذا ما تظهره ضربات أبناء وأخوة السيد الشهيد في حزب الله.
وبالسياق، فقد نفذت المقاومة الاسلامية يوم الأحد 25-11-2024، 51 عملية تنوعت بين استهدافات لتجمعات العدو في جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة بالاضافة الى استهداف قواعد العدو في عمق الكيان وصولا الى الوسط، مع تسجيل استهدافات جديدة لقواعد عسكرية واستراتيجية لم يتم قصفها سابقا، ما يشمل تصاعدا إضافيا في عمليات المقاومة كمّا ونوعا يتناسب مع طبيعة وظروف المعركة كما وعدت المقاومة منذ بداية العدوان، ويترافق مع اصعيد العدو عبر استهدافاته للعاصمة اللبنانية بيروت وضاحيتها الجنوبية.
وبالتالي بقي الميدان وبطولات المقاومين وثباتهم، هو معيار الرهان الأول لاعلان فشل العدو عن تحقيق أهدافه وتاليا هزيمته المدوية بعد رفع في بداية العدوان سقوف غاياته، فسبق لرئيس حكومة العدو ان حدد أهدافه من العدوان على لبنان، ومنها:
-إعادة المستوطنين الصهاينة الى شمال كيان العدو.
-منع إطلاق الصواريخ باتجاه كيان العدو.
-ومن ثم إنهاء قدرات حزب الله العسكرية والصاروخية بشكل خاص.
-العمل لإحداث تغييرات سياسية في لبنان بعد إنهاء حزب الله سياسيا.
-الاستفادة من العدوان على لبنان لإحداث تغييرات في المنطقة ككل.
ليتضح في نهاية المطاف ان هذا العدو بقيادة نتانياهو غير قادر على تحقيق أي هدف من الاهداف المعلنة، وجلّ ما يستطيع فعله فقط هو ضرب المناطق السكنية في الجنوب والبقاع وبيروت والضاحية الجنوبية، وبالتالي عاد خطوات الى الوراء والقبول بما فرضه المفاوض اللبناني بضرورة إلزام العدو الاسرائيلي بالالتزام بتطبيق القرار الدولي رقم 1701 الذي يمنع انتهاك السيادة اللبنانية.
وبالسياق، من المفيد التذكير بما سبق ان قاله الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم يوم 6-11-2024 حيث أكد “.. الأيام آتية، والأيام الماضية كانت نموذجًا، والذي سيحصل سيكون أكثر فأكثر. نحن لن نبني توقع وقف العدوان على حراك سياسي، ولن نستجدي لإيقاف العدوان، سنجعل العدو هو الذي يسعى إلى المطالبة بوقف العدوان…”، وفي كلمة سابقة له يوم 15-10-2024 قال الشيخ قاسم إن “الطريق الوحيد لوقف العدوان واستعادة الأرض هو صمود المقاومة والتفاف شعبها حولها”، واضاف “نحن أمام وحش هائج لا يتحمل أن تمنعه المقاومة من تحقيق أهدافه ولكننا نحن من سيمسك رسنه ونعيده إلى الحظيرة…”، وهذا ما سيحصل عما قريب.
المصدر: موقع المنار