المحلل والباحث والمهتم بالشئون الاقتصادية والمالية العالمية والإقليمية والمحلية، يتوقف كثيرا عند ظواهر اقتصادية، قد تكون هي من أهم أسباب الأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية التي ضربت العالم في العشرين سنة الاخيرة.
ومن هذه الظواهر، التزاوج بين رجال الأعمال ورجال السياسة، وآخر صورة لهذه العلاقة: هي علاقة إيلون ماسك (أغني رجل على كوكب الأرض الآن) والرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، والذي بدوره عينه فى مسؤولة عن إدارة رفع الكفاءة الإدارية في الادارة الامريكية الجديدة (وسنتناول هذا الموضوع في مقال قادم)، فقد قام إيلون بالتبرع بمبلغ 130 مليون دولار أمريكى، ثم تبعها بمبلغ آخر بلغ 44 مليون.. ويتساءل المحللون هل هي هدية أم مكافأة أم رشوة انتخابية؟.. يبدو أن السيد ترامب هو النسخة المستنسخة من السيد برلسكوني، رئيس وزراء ايطاليا السابق (الراحل) والذي وصل لسدة الحكم، رغم ملاحقته قضائيا في كثير من القضايا السياسية والمالية وحتي الأخلاقية! فكلاهما على دراية وكفاءة بدهاليز الانتخابات وقواعد اللعبة في ظل نظام ديمقراطي جديد يعاني كثيرا من السلبيات والمتناقضات.
كما أن هناك أسباب عديدة ومؤشرات تبين طبيعة الاقتصاد الذي يعيشه العالم اليوم، وهذا بعض منها:
لك أن تعلم القارئ الكريم، أن حجم الأموال المهربة حول العالم، وحسب آخر الاحصاءات بلغت 2 تريليون دولار امريكي.
وأن تعلم أيضا أن حجم تداول الأسهم والسندات (الأوراق المالية) أحجام هائلة، بورصة نيويورك وحدها (أكبر بورصات العالم) يتداول بها ما يقرب قيمتة 30 تريليون دولار امريكي.
وأن تعلم إن حجم تجارة المخدرات يبلغ سنويا مايزيد عن تريليون دولار امريكي.
وأن حجم الخمور والأعمال المنافية للاداب والرقيق الابيض، في بعض دول الشرق الاوسط تزيد عن 100 مليار دولار امريكي سنويًا، وان ضحايا الرقيق الابيض يبلغ تعدادهم ٢% سنويًا من عدد سكان العالم الذي يقترب من 7 مليار نسمة.
وأن حجم الشراء والبيع والتداول على منصات العملات المشفرة في المنصة الواحة، لا يقل عن 4 تريليون دولار امريكي سنويا، وأن حجم التداول علي بعضها زاد بمقدار 165% أوائل شهر نوفمبر الجاري.
هل تصدق عزيزي القارئ، أن سعر عملة البيتكوين في بدايتها عام 2008 كان عشر سنتيم، ومع نهاية شهر نوفمبر الجاري إقترب من ال100 ألف دولار!!
وأن حجم الذهب المهرب من إفريقيا إلى دول العالم، وخاصة دول الخليج، لا يقل عن 500 طن سنويًا!!
ولك أن تعرف أيضا أن حجم المسروقات من التحف والمجوهرات واللوحات والاعمال الفنية، يقدر سنويا بحوالي 65 مليار دولار امريكي.
ووصل حجم الاستثمار العقاري العالمي وفقا لتقديرات يناير الماضي الي 637 تريليون دولار امريكي.
وأن حجم الإنتاج الغذائي العالمي يقترب من 3000 مليون طن بقيمة 20 تريليون دولار امريكي، وأن الذين يعانون من الجوع والفقر الغذائي يقترب من 1 مليار نسمة (15 %) تقريبًا.
فمن المؤكد ادأن الاقتصاد العالمي يمر بأزمات وصعاب ومشاكل كثيرة ومتنوعة مختلفة الأسباب والنتائج، وأن ذلك إنما يدل على أن الاقتصاد العالمي اقتصاد هش قائم أغلبه على الغش والخداع، بل والنصب والاحتيال، وفي الأساس يعتمد علي الاستهلاك وليس الإنتاج، دون اي قيم إنتاجية مضافة، وأنه اقتصاد قام على إنتاج المال، عكس الدورة الاقتصادية والمالية الصحيحة للاقتصاد والمتعارف والمتفق عليها في كافة النظم الاقتصادية منذ بداية علم الاقتصاد وهي أن المال ينتج سلع وخدمات، ومن ثم ينتج المال.. إنتبهوا ايها السادة.
باحث ومحلل فى الشؤون السياسية والاقتصادية - باريس