تعد معاناة الأطفال في الحروب واللجوء من أكثر المآسي الإنسانية إيلاما في عصرنا الحالي. فهم ضحايا أبرياء لصراعات لم يختاروها، يُجبرون على ترك منازلهم وأحلامهم خلفهم، ليواجهوا عالما جديدا.
وللوقوف على إحدى تجارب الأطفال مع الحرب واللجوء تناولت حلقة جديدة من برنامج "ضحايا وأبطال"، التي تبث على منصة "الجزيرة 360" مأساة الطفل اليمني عزام فهد سلطان، البالغ من العمر 12 عاما، الذي فرّ مع عائلته من ويلات الحرب في اليمن ليجد نفسه أمام تحديات جديدة في تركيا.
وبدأت رحلة عزام مع الحرب في عام 2014، عندما اشتد الصراع في اليمن بعد سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) على العاصمة صنعاء.
ويروي والد عزام للبرنامج تلك اللحظات المصيرية قائلاً: "اندلعت الحرب بشكل كبير بعد دخول الحوثيين إلى صنعاء، وزادت وتيرة الحرب بشكل أوسع، وأصبحنا نحن، خاصة الصحفيين في العاصمة صنعاء، مهددين بشكل كبير".
وأضاف: "في شهر سبتمبر/أيلول 2014، وصلني تحذير من أحد العاملين في السلك الأمني بأن اسمي من ضمن المطلوبين لدى جماعة الحوثيين".
وأجبر هذا التهديد والد عزام على الفرار أولاً، تاركا عائلته خلفه في منطقة الصراع، ويصف هذه التجربة المؤلمة قائلاً: "كانت تجربة صعبة جدا، لم تكن مجرد سفر وعودة، بل كنت بعيدا وأولادي تحت القصف والاستهداف في منطقة مليئة بالحروب والصراعات".
وضع مرير
ومن جانبها، تصف والدة عزام للكاميرا الوضع المرير الذي عاشته العائلة قائلة: "الحرب في اليمن كانت سيئة علينا وعلى الأطفال، لقد عشنا فترة كبيرة في خوف وتهديد، وكان زوجي يختبئ في البيت أياما، ثم ينتقل لمكان آخر محاولاً التمويه على الحوثيين".
ولم يكن عزام بمنأى عن آثار الحرب النفسية العميقة، وفقا لوالدته: "كان عزام متأثرا نفسيا بعد الحرب، وأحيانا كان يصرخ في الليل بشكل لاإرادي من الخوف".
ويروي عزام نفسه للبرنامج تجربته المروعة قائلاً: "كنا نسمع أصوات الطائرات والقذائف والدبابات، وفي أحد أيام رمضان، كنا نلعب ثم فجأة سمعنا صوت صواريخ تُقذف، فأغمي عليّ ووقعت على الفراش من شدة الخوف".
وبعد 4 سنوات من الصراع، تمكنت عائلة عزام أخيرا من الفرار إلى تركيا، ويقول عزام: "نحن في تركيا، في إسطنبول، منذ 4 سنوات، نعيش مع أبي وإخوتي الستة".
ورغم الأمان النسبي في تركيا، واجه عزام وعائلته تحديات جديدة، أبرزها الوحدة حيث لا يوجد في إسطنبول الكثير من المعارف والأصدقاء من اليمن.
حنين متجدد
ومع مرور الوقت، بدأ عزام في التأقلم مع حياته الجديدة، وفق والدته: "مع الأيام، أصبح عزام أقل اهتماما بمشاهدة أخبار الحروب، وبدأ يهتم بالبرامج العلمية والوثائقية".
ولكن الأمن الذي تعيشه الأسرة في إسطنبول لم يمنع قلب عزام أن يخفق بالحنين للوطن فيقول: "اليمن حلو، اليمن بلد عمره 5 آلاف سنة تقريبا، نريد العودة يوما ما".
ورغم كل ما مر به، يحتفظ عزام بأحلامه وطموحاته، ويريد أن "يصبح مبرمجا ومطور روبوتات في المستقبل".
أخبار متعلقة :