وخطت المملكة العربية السعودية خطوات رائدة في مجال التخطيط الحضري من خلال دمج الخبرات المحلية مع أفضل الممارسات الدولية لصياغة سياسات تسهم في بناء مدن مستدامة ومرنة، قادرة على تلبية احتياجات سكانها المتنوعة، مما يعزز جودة الحياة ورفاهية الأجيال الحالية والمستقبلية.
في هذا السياق، اختتم برنامج جودة الحياة مشاركته ضمن وفد المملكة بقيادة وزارة البلديات والإسكان في الدورة الثانية عشرة للمنتدى الحضري العالمي، الذي يعقده برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية "موئل الأمم المتحدة" في القاهرة، بهدف إبراز المبادرات السعودية الناجحة في مجالات جودة الحياة وإتاحة سبل العيش المستدام، خصوصًا في ظل التحديات العالمية المتزايدة كالتغير المناخي وارتفاع تكاليف المعيشة.وتسعى المملكة من خلال هذا المحفل إلى تبادل المعارف والخبرات مع الدول الأخرى، والاطلاع على أفضل الممارسات العالمية في مجال التنمية الحضرية المستدامة.
وركزت الجلسة الحوارية "نحو مدن المستقبل: وضع جودة الحياة ورفاهية الأفراد في صميم التخطيط الحضري" التي نظمها البرنامج بحضور نخبة من الخبراء والمتخصصين من بريطانيا وأستراليا وإسبانيا وتايلند, بالإضافة إلى ممثلين من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، على أهمية دمج مفاهيم جودة الحياة ورفاهية الأفراد في الأجندة التنموية، كما ناقش المشاركون الأساليب والمنهجيات والإستراتيجيات التي يمكن تطبيقها لتحسين ظروف الحياة في المناطق الحضرية، وكيفية تحقيق نتائج ملموسة من خلال التعاون والشراكة بين القطاعات المختلفة.
وأكّد الرئيس التنفيذي لبرنامج جودة الحياة خالد بن عبد الله البكر، خلال مشاركته في جلسة "الإنسان أولاً في العصر الرقمي" الحوارية, أن البرنامج يسعى إلى وضع ثلاث مدن سعودية ضمن قائمة أفضل 100 مدينة قابلة للعيش عالميًا بحلول عام 2030، وذلك من خلال اتباع نهج للتخطيط الحضري المستدام يضع الإنسان في صميم الاهتمام.
وسلّط الضوء على جهود البرنامج في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 لتعزيز جودة الحياة في المملكة، مع التركيز على علاقة الابتكار والتقنية الحديثة في تلبية احتياجات الناس، والاستفادة من التحول الرقمي لتحقيق تطلعات السكان وتلبية احتياجاتهم, مشيرًا إلى أن التحول الرقمي بات عنصراً رئيسًا في تحسين جودة الحياة، حيث يوفر أدوات تعتمد على البيانات لدعم التخطيط الحضري المستدام، وأن هذه التقنيات تتيح اتخاذ قرارات تستجيب للاحتياجات الفردية وتسهم في بناء مدن ذكية ومستدامة.
كما شارك وفد برنامج جودة الحياة في جلسة حوارية بعنوان "نبض المدينة"، حيث تحدثت نورة اليوسف عن أهمية تصميم المدن بطرق تعزز صحة ورفاهية السكان، مشددةً على ضرورة دمج الصحية في عمليات الاعتبارات التخطيط الحضري.
وأوضحت اليوسف أن التصميم العمراني الجيد يلعب دورًا محوريًا في تحسين صحة المجتمع، ما يجعله عاملاً مهمًا في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 وبرنامج جودة الحياة.
فيما قدّم الدكتور الصالح سقطي، ممثل برنامج جودة الحياة، دراسة متكاملة حول مراقبة "القمم الحرارية" في المدن الكبرى, وتناول في دراسته تحليل الفجوات في المؤشرات الدولية المتعلقة بقابلية العيش، وأهمية استخدام تقنيات الأقمار الصناعية لمراقبة النمو العمراني, حيث ناقشت الدراسة أثر هذا النمو على ارتفاع درجات الحرارة في المدن، وطرحت الورشة عددًا من الحلول والتدخلات الحضرية، واقترحت تشريعات تنظيمية تهدف إلى الحد من هذه التأثيرات المناخية.
وعلى هامش المنتدى، التقى الرئيس التنفيذي لبرنامج جودة الحياة بوفود من إسبانيا وكوريا، لبحث فرص التعاون في مجالات التنمية المستدامة وتحقيق أهداف التحول الحضري وتعزيز الابتكار في التخطيط العمراني.
وركزت المناقشات على تعزيز الجهود المشتركة لتبني حلول مبتكرة ودمج التقنيات الحديثة في التخطيط الحضري وإدارة الموارد الطبيعية، بما يسهم في تحسين المشهد الحضري وفقًا لأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
كما تناولت اللقاءات سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتبادل الخبرات في مجالات جودة الحياة، واستدامة المدن، وإدارة الموارد، بهدف دعم رفاهية المجتمعات. وتمت مناقشة أهمية استكشاف فرص جديدة، وتبني استراتيجيات مشتركة تسهم في استدامة المدن ورفاهية سكانها، مع وضع الإنسان في صميم أولويات مشاريع التنمية الحضرية.
وتأتي مشاركة وفد البرنامج في المنتدى الحضري العالمي في إطار التزام برنامج جودة الحياة بمواكبة أهداف التنمية المستدامة، إذ يسهم البرنامج من خلال 170 مبادرة في تحقيق 10 أهداف مرتبطة بقطاعات الرياضة، والثقافة والتراث، والسياحة، والترفيه، والتصميم الحضري، والقطاع الأمني، التي تسهم بدورها في توليد الوظائف، وتعزيز النمو الاقتصادي، والصناعة والابتكار، وأنسنة المدن.
كما يعمل البرنامج وبالتعاون مع شركائه، للوصول إلى نتائج ملموسة في مجالات التخطيط الحضري في مختلف مناطق المملكة، وتسهم هذه المبادرات في تعزيز جودة الحياة للأفراد، وتحقق التنمية المستدامة للمجتمعات.
أخبار متعلقة :