تجمع مصر والسودان، علاقات تاريخية ضاربة في عمق التاريخ، إذ يجمعهما تاريخ مشترك ومصير واحد، إذ تعتبر مصر أن أمن السودان، هو امتداد للأمن القومي المصري، لعدة اعتبارات تاريخية وجغرافية، وتؤكد مصر دائما حرصها على الحفاظ على أمن السودان وسلامة أراضيه.
وانطلاقا من اهتمام مصر العميق بالشأن السوداني وحرصها على أمن السودان الشقيق ومحاولاتها الحثيثة لإنهاء الحرب في السودان، قام وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي، بزيارة إلى بورتسودان، العاصمة المؤقتة للسودان، والتقى خلالها الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الأزمة، والاشتباك بين القوات المسلحة السودانية، وميليشيا الدعم السريع إبريل 2023.
وخلال الزيارة، التقى الدكتور بدر عبد العاطي، بالفريق أول ركن، عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد القوات المسلحة، وسلمه رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وخلال الزيارة، أكد عبد العاطي، على اعتزاز الرئيس السيسي، بالعلاقات التاريخية والأخوية بين مصر والسودان، والعزم على بذل كل المساعي الممكنة من أجل تحقيق الأمن والاستقرار للسودان، وفقا للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية.
وشدد وزير الخارجية، على أن مصر تتضامن بشكل مُخلص مع السودان في هذا المنعطف التاريخي الخطير، وتقف بجانب دولة شقيقة في ظل الروابط العميقة والعلاقات الاخوية بين الشعبين الشقيقين.
وحرص وزير الخارجية على التأكيد على الانخراط بشكل فعال في الجهود الإقليمية والدولية الرامية لتحقيق الاستقرار في السودان، وبما يصون مصالحه وسيادته ووحدة أراضيه، منوهًا إلى جهود مصر لاستئناف السودان لأنشطته في الاتحاد الأفريقي.
ومن جهته وجه عبد الفتاح البرهان، الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي، على حسن استقبال السودانيين الذين لجأوا لدى مصر هربا من الحرب، وفقا لوكالة أنباء سونا.
وخلال الزيارة التقى الدكتور بدر عبد العاطي بنظيره السوداني، على يوسف الشريف، بحضور وفدي البلدين، حيث أكد عبد العاطي، على حرص مصر على بذل الجهود لرفع المعاناة عن الشعب السوداني، واستعرض موقف مصر الداعي لوقف فورى لإطلاق النار والإسراع من وتيرة نفاذ المساعدات الإنسانية، وأشار إلى أهمية التعاون مع مبادرات الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظمات الإغاثة الدولية لتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية.
كما حرص الجانبان على تناول ملف الأمن المائي باستفاضة، في ظل مواقف البلدين المتطابقة باعتبارهما دولتي مصب على نهر النيل، واتفقا على الاستمرار في التنسيق والتعاون الوثيق بشكل مشترك لحفظ وصون الأمن المائي المصري والسوداني.
وأفردت الصحف السودانية، مجال كبير للحديث عن زيارة وزير الخارجية للسودان، ونقل موقع المحقق السوداني عن وزير الخارجية السوداني، أن زيارة وزير الخارجية بدر عبد العاطي للسودان، تعكس مدى قوة وتطور علاقات البلدين، مشيرا إلى أنها تأتى في توقيت مهم في مسارات تطور الوضع في البلاد.
وقال وزير الخارجية السوداني في تصريحاته، إنه ناقش مع عبد العاطي القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها السلام، وعودة السودان للاتحاد الإفريقي ودور مصر في ها الصدد، كما ناقشا أوضاع السودانيين في مصر، وكشف وزير خارجية السودان، اللقاء ركز تحديدا على قضية المدارس والإقامات وتأشيرات الدخول.
وأكد وزير خارجية السودان، أن الدكتور بدر عبد العاطي عبر عن تفهمه للمشاكل، ووعد بمتابعة هذه القضايا مع الجهات المختصة في مصر، كما تعهد بالعمل على استعادة السودان لعضويته في الاتحاد الإفريقي، وأشار إلى مناقشة قضايا الأمن المائي.
ومن جهته أشاد عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام الفريق مهندس إبراهيم جابر إبراهيم بمواقف مصر الداعمة والمساندة للسودان، حكومة وشعبا، وثمن خلال لقاءه بالدكتور بدر عبد العاطي، المستوى المتطور الذي وصلت إليه العلاقات الثنائية بين السودان ومصر، وفقا لوكالة أنباء سونا.
وتناول اللقاء التعاون والتنسيق المشترك وسبل تعزيز وترقية آفاق التعاون المشترك، كما تطرق أيضا لموقف السودان من المبادرات المطروحة لحل الأزمة السودانية مشيرا الي أن اتفاق جدة هو المرجعية الأساسية، مشيرا إلى أن ميليشيا الدعم السريع لم تلتزم به.
وقدم جابر لعبد العاطي، شرحا مفصلا حول الأوضاع في السودان والتطورات على الأرض والأزمة الراهنة وتأثيرها على المحيطين الاقليمي والدولي، وموقف بعض الدول المتدخلة في الشأن السوداني بما يخدم مصالحها، مثمنا دور مصر في دعم ومساندة الشعب السوداني.
وتبدى مصر على وجه التحديد اهتماما بالغا بالأوضاع في السودان الشقيق، ففي مطلع أكتوبر الماضي وفور تولى مصر رئاسة مجلس الأمن والسلم الأفريقي، حرصت على زيارة بورتسودان، ومناقشة الأوضاع في السودان مع الجهات المعنية، في أول تحرك لها كرئيس لمجلس الأمن الأفريقي.
وأبدى مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقى، وقتها مرونة في موقفه من عودة السودان لعضويته للاتحاد الإفريقي، ودعا لفتح مكتب اتصال في بورتسودان، لدعم جهود السلام.
وأكد المجلس على ضرورة التواصل مع جميع الأطراف السودانية المعنية، ووجه المجلس الدعوة لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، بإعادة فتح مكتب اتصال في بورتسودان، بأدنى حد من الموظفين مراعاة للوضع الأمني، للتواصل مع الأطراف الفاعلة وتقديم الدعم الفني.
ومن جهة أخرى، تستضيف مصر أكبر عدد من اللاجئين السودانيين الفارين من الحرب، إذ أعلنت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، أن مصر أصبحت الآن أكبر دولة مستضيفة للسودانيين الفارين من النزاع المستمر، حيث إنه منذ اندلاع النزاع في السودان قبل 19 شهرًا، نزح قسراً أكثر من ثلاثة ملايين شخص، بحثًا عن اللجوء في البلدان المجاورة.
وأشارت بيانات حديثة إلى أن أكثر من 1.2 مليون سوداني فروا إلى مصر منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023.
ولم تنقطع الاتصالات المشاورات بين مصر والسودان على مختلف المستويات فى محاولة لإيجاد حل لاحتواء الحرب، آخرها استقبال الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة، الخميس 14 نوفمبر، رمطان لعمامرة المبعوث الشخصي لسكرتير عام الأمم المتحدة للسودان، وذلك لبحث آخر التطورات ذات الصلة بالأزمة في السودان وسبل تجاوزها.
وأكد وزير الخارجية والهجرة خلال اللقاء على حرص مصر على الانخراط بفاعلية في مختلف الجهود الإقليمية والدولية الرامية لوقف إطلاق النار، وتحقيق تسوية في السودان الشقيق ورفع المعاناة عن الشعب السوداني، مشدداً على أن الهدف الأساسي للتحرك المصرى هو صون مصالح السودان والحفاظ على سيادته ووحدة أراضيه.