وكالة زهوة برس للأنباء

تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى..يخطف الأنظار فى "أبوسمبل"

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى..يخطف الأنظار فى "أبوسمبل", اليوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024 03:01 مساءً

أكد  اللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان على أن المحافظة بالتنسيق مع مديرية الأمن وأيضا وزارات السياحة والآثار والطيران المدنى والثقافة نجحت فى تنظيم وتأمين وصول الأفواج السياحية والزائرين إلى مدينة أبو سمبل فى سهولة ويسر، فضلاً عن تسهيل حركة دخول وخروج المشاهدين لظاهرة تعامد الشمس إلى بهو المعبد، ووضع شاشة عملاقة لتمكين كافة المتواجدين من مشاهدة هذه الظاهرة الفلكية الفريدة من نوعها ، لافتاً إلى أنه تم أيضاً توفير بوابات بمسارات الدخول والخروج، علاوة على عربات الجولف لنقل الزائرين من كبار السن وذوى الإحتياجات لمشاهدة ظاهرة التعامد.

وأشار المحافظ  بأنه كانت هناك استعدادات مسبقة للإحتفال بمهرجان تعامد الشمس هذا العام بمدينة أبو سمبل.. حيث قامت الهيئة العامة لقصور الثقافة بتنظيم الفعاليات، والتى انطلقت فى 10 مواقع ثقافية  بمشاركة 9 فرق للفنون الشعبية المصرية وهى أسوان والأقصر توشكى التلقائية وملوى والوادى الجديد والانفوشى والغربية وبورسعيد والتنورة التراثية وقدمت فقراتها الفنية والفلكلورية مما ساهم فى خلق متنفس ترفيهي وفني للمواطنين في مختلف أنحاء المحافظة.

ظاهرة تعامد الشمس تعتبر ظاهرة فريدة من نوعها.. حيث يبلغ عمرها 33 قرناً من الزمان والتي جسدت التقدم العلمي الذي توصل له القدماء المصريين، خاصة فى علوم الفلك والنحت و هذه الظاهرة تتم مرتين خلال العام إحداهما يوم 22 أكتوبر إحتفالاً ببدء موسم الحصاد، والأخرى يوم 22 فبراير إحتفالاً بموسم الفيضان والزراعة، وتحدث الظاهرة من خلال بتعامد شعاع الشمس على تمثال الملك رمسيس الثانى وتماثيل الآلهة (أمون ورع حور) لتخترق أشعة الشمس الذهبية صالات معبد رمسيس الثانى داخل قدس الأقداس.

تعد ظاهرة تعامد أشعة الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى فى معبده الكبير بمدينة أبوسمبل السياحية فى أقصى جنوب مصر، واحدة من الظواهر الفلكية الفريدة التى تثير إعجاب جميع الزائرين المصريين والعرب والسائحين الأجانب على حد سواء.

فطن أهالى أبوسمبل مبكرا إلى أهمية هذه الظاهرة العجيبة، واحتفلوا بها لأول مرة على طريقتهم الخاصة بشكل رائع فى 22 فبراير من عام 1986 فى مبادرة محلية تضافرت فيها كل الجهود المخلصة لكى تخرج هذه الاحتفالية فى أبهى صورها، وذلك بهدف تسليط الضوء والاهتمام بأبوسمبل الذى تقع فى أقصى بقعة جنوب أسوان.

وخلال سنوات قليلة تحقق للأهالى ما كانوا يصبون إليه بالفعل، وتحولت ظاهرة تعامد الشمس من احتفالية محلية إلى مناسبة عالمية تخطف الأفئدة و الأبصار فى كافة أقطار العالم.

يتذكر سامح فتحى الطاهر الأمين العام لمؤسسة أبو سمبل الخير أول احتفالية أقيمت بمناسبة تعامد أشعة الشمس فى أبوسمبل فى منتصف الثمانينات قائلا لقد عاصرنا هذه الاحتفالية وكنا أطفالا وقتها، وكانت تتضمن العديد من الفعاليات على مدار 3 أيام كاملة وليس يوما واحداً فقط،

موكب الشمس

ولفت إلى أن هذه الاحتفالية كانت تبدأ بتنظيم موكب للشمس بمشاركة جميع أطفال المدينة الذين كانوا يرتدون زياً فرعونياً ويمسكون بمفتاح الحياة، ويحملون مركب شمسى يشبه المركب المرسوم على جدران المعبد، وكان هذا الموكب يتقدمه طفل وطفلة يرتديان زي الملكة والملكة، وينطلق هذا الموكب من بداية المدينة وصولاً إلى صحن المعبد لاستكمال الفعاليات هناك.

وأضاف أن الاحتفالية كانت تتضمن أيضا عروضاً لمسرحيات تحكى إحدى قصص الفراعنة، علاوة على تنظيم مسابقات ثقافية، ومعارض فنية ورسم،ماراثون للجري لجميع الأعمار السنية.

المدينة الأسرية

وقال سامح فتحي الطاهر أن جميع أهالى مدينة أبو سمبل السياحية  يشاركون بلا استثناء فى تنظيم احتفالية تعامد الشمس فى نموذج فريد للمشاركة المجتمعية كما ينبغى أن تكون، خاصة وأن مدينة أبو سمبل فى منتصف الثمانينيات كانت تتسم بقلة عدد السكان ربما لا يزيدون عن ألف نسمة على أقصى تقدير، ويمكن وصفها بأنها كانت فى ذلك الوقت "مدينة أسرية" وجميع سكانها يعرفون بعضهم البعض، لذلك كان الجميع يشاركون فى هذه الاحتفالية لكى تظهر فى أجمل وجه وأبهى صورة، فعلى سبيل المثال كان محل "النجارة" بالمدينة هو الذي يتولي صناعة مركب الشمس، بينما كان محل " الترزى" يقوم بحياكة الزى الفرعونى للأطفال، فيما تحرص جميع المنازل على تقديم ما لديها من طعام للضيوف المشاركين فى الاحتفالية .

قوة الترابط

احتفالية تعامد الشمس خلقت حالة فريدة من الانتماء والتفانى والترابط فى نفوس الأهالى وزادت من قوة الترابط بينهم وبين معبد أبو سمبل، هذا ما تؤكده سامح فتحى، ويضيف أن هذه الاحتفالية خلقت جيلاً جديداً ذو طابع خاص و متمرس على المشاركة المجتمعية، ومتقبل لجميع الثقافات الأخرى القادمة من مختلف بلاد العالم لمشاهدة ظاهرة تعامد الشمس.

وقال إن احتفالية تعامد الشمس بدأت مبادرة مجتمعية بمشاركة أهلها فقط منذ ما يقرب من 40 عاما، بمبادرة من هيئة الآثار ومجلس مدينة أبو سمبل، ومركز إعلام أبو سمبل التابع للهيئة العامة للاستعلامات وبمشاركة مجتمعية غير مسبوقة من كافة أبناء المدينة الذين تم تقسيمهم إلى مجموعات عمل متنوعة نجاح هذه الاحتفالية الرائعة التي تعد بمثابة العيد القومي لمدينة أبو سمبل السياحية.

يقول الأثرى أحمد مسعود كبير المفتشين بمنطقة أثار أبو سمبل إن ظاهرة تعامد الشمس يحتضنها معبد "أبو سمبل" الذى يعد واحداً من أشهر الآثار المصرية على الإطلاق، وتم نحته فى القرن الثالث قبل الميلاد فى عهد واحد من أشهر ملوك مصر أيضا وهو الملك رمسيس الثانى، موضحاً أن الظاهرة كانت تحدث مرتين سنويا فى يومى 21 فبراير وأكتوبر من كل عام، وذلك قبل نقل الموقع من موقع القديم، ثم تأخر موعد حدوثها لمدة يوم واحد فقط عقب إنقاذ المعبد على يد منظمة اليونيسكو من خطر الغرق بسبب إنشاء السد العالي في الستينيات من القرن الماضي.

ولفت إلى أن أشعة الشمس تخترق المعبد بعمق 45 مترا كاملة بداية من المدخل الرئيسى حتى تصل إلى قدس الأقداس، وهو عبارة عن مقصورة تضم أربعة تماثيل جالسة، و تتعامد أشعة الشمس عند حدوث الظاهرة على ثلاثة تماثيل منهم فقط هم : تمثال الملك  رمسيس الثانى، وعلى يمينه الملك آمون رع، وعلي يساره الإله رع حور أختى، أما التمثال الأخير للإله بتاح فلا تتعامد عليه أشعة الشمس باعتباره إله العالم السفلي ويجب أن يكون دوما فى ظلام دامس.

تفسير الظاهرة

أما عن تفسير ظاهرة تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى يقول الأثرى أحمد مسعود أنها تحدث نتيجة دوران الأرض حول الشمس، ونظراً براعة المصرى القديم فى علم الفلك والعمارة، فإنه نجح فى ضبط ظاهرة التعامد لكى تحدث مرتين فى توقيت محدد فى شهرى فبراير ونوفمبر من كل عام.

وأشار إلى أنه لا يوجد نص تاريخى يفسر سبب حدوث ظاهرة تعامد الشمس فى معبد أبو سمبل، ولكن العلماء حاولوا ربط حدوث ظاهرة تعامد الشمس بتواريخ معينة، فالبعض ربط حدوث هذه الظاهرة بيومى ميلاد الملك رمسيس الثاني وجلوسه على العرش، والبعض الأخر ربطوا حدوث هذه الظاهرة مع بداية موسمى الزراعة والحصاد عند القدماء المصريين فى شهرى أكتوبر وفبراير وهو الرأي الأرجح .

رحلة الألف ميل

وقال إن الكاتبة الانجليزية إيميليا  إدواردز هى أول من اكتشفت ظاهرة تعامد الشمس فى معبد أبو سمبل عام 1874 حينما كانت تقضي الشتاء فى بلاد النوبة، وكانت تعتاد زيارة المعبد فى وقت شروق الشمس، ورصدت تعامد أشعة الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى فى يومى 21 أكتوبر وفبراير، وسجلت ذلك فى كتابها الشهير "رحلة الألف ميل على النيل".

ظاهرة تعامد الشمس فى معبد أبو سمبل لم تحدث من باب الصدفة ولكنها كانت محسوبة بدقة شديدة لعدة أسباب يذكرها الأثرى أحمد مسعود قائلاً: "إن حدوث هذه الظاهرة بدقة شديدة بداية من دخول شعاع الشمس من باب ضيق لا يتعدى مترين فقط، حتى يصل إلى قدس الأقداس ثم يتعامد على وجه ثلاثة تماثيل من الأربعة الموجودة داخله، بينما لا يعتمد على إله الظلام، هذا كله يؤكد على أن التعامد ليس من قبيل الصدفة".

ويؤكد "مسعود" أن معبد أبوسمبل يرتبط ارتباطاً وثيقا بعبادة الشمس، واسمه الأصلى هو معبد الشمس، علاوة على أن الجبل الذى نحت فيه المعبد كان مقدساً أيضا عند المصرى القديم، لأنه كان يطل مباشرة على الشرق فى اتجاه الشمس بدون أى حواجز أو عوائق، كما أن أغلب مكونات المعبد لها علاقة بالشمس منها الإله "رع حور أختى" إله الشمس، و"آمون رع" الذى يرتبط بالشمس أيضا، والملك "رمسيس الثانى" المنسوب لإله الشمس "رع ".

قردة البابون

وأضاف أن قردة البابون الموجودة فى الإفريز العلوى لمعبد أبو سمبل هى أحد رموز عبادة الشمس تؤكد أيضا أن ظاهرة تعامد أشعة الشمس بمعبد أبو سمبل لم تكن من قبيل الصدفة، كما أن مقصورة الشمس الموجودة على يمين المعبد تؤكد أيضا على الارتباط الوثيق بين معبد أبو سمبل وعبادة الشمس موضحا أن بعض الأثريين يرجحون أن الكهنة حرصوا عند إنشائها للمعبد على أن تحدث ظاهرة التعامد مرتين سنويا مع بدء موسمى الزراعة والحصاد، وذلك لكى يأتى الأهالى لتقديم القرابين إلى الآلهة فى المعبد حتى ينالوا البركة لزراعتها فى بدايتها وعند حصادها، وهو الأمر الذى ينعكس بالإيجاب على الكهنة ويؤدى إلى حدوث رخاء اقتصادى داخل المعبد مرتين سنويا.

وقال كبير مفتشى الأثار بـ أبو سمبل أن الحفاظ على بقاء ظاهرة تعامد الشمس كانت أكبر التحديات التى واجهت فريق العمل أثناء مشروع إنقاذ معبد أبو سمبل من الغرق ونقله إلى مكانه الجديد فى حقبة الستينيات، نظرا للأهمية الكبيرة لهذه الظاهرة الفلكية العجيبة، لذلك حرصوا على أن يكون النقل بنفس الزوايا والاتجاه، ووفقا لوثائق نقل وإنقاذ المعبد فإن العمل في إعادة بناء قدس الأقداس الذى يشهد ظاهرة التعامد قد توقف لمدة شهرين كاملين، وذلك لأن فريق العمل انتظر حتى مجيء موعد الظاهرة فعلياً للاطمئنان على حدوثها بدقة قبل اتمام البناء، واكتشفوا أن حدوث الظاهرة تأخر يوماً واحداً فقط في الموقع الجديد للمعبد، وبعدها قرروا استكمال بناء قدس الأقداس بعد الاطمئنان إلى عدم فقدان ظاهرة التعامد بعد النقل.

احتفالية عالمية

وأضاف أن الاحتفال بتعامد الشمس بدأ فى عام 1986 على المستوى المحلى فى مدينة أبوسمبل السياحية، ثم تطورت الاحتفالية تدريجيا مع مرور الزمن في ظل رعاية كلا من محافظة أسوان ووزارة الآثار والثقافة حتى أصبحت احتفالية عالمية تشارك فيها فرق فنية دولية ويتم تغطية الحدث اعلاميا محليا وعالميا موضحا أن مدينة أبو سمبل السياحية تتزين مثل العروس في ليلة زفافها خلال الاحتفال بتعامد الشمس، وتتأهب جميع الاجهزة والجهات الخدمية لاستقبال آلاف السائحين الأجانب والزائرين المصريين الذين يجيئون من كل حدب وصوب لمشاهدة هذه الظاهرة الفلكية العجيبة.

وقال إن المنطقة الأثرية فى أبو سمبل ترفع درجة التأهب والاستعداد خلال الاحتفال ظاهرة التعامد، ويتم رفع كفاءة الخدمات المختلفة حتى يكون المعبد فى أبهى صورها لاستقبال الزائرين، وعلى الرغم من المجهود البدني الكبير الذي يبذله العاملون في أبو سمبل وأهلها خلال ظاهرة تعامد الشمس، إلا أن هذا التعب والإرهاق الكبيرين يزول ويذوب حينما نرى السعادة والفرحة على وجوه زوار معبد أبو سمبل السياحية، وهم يشاهدون أشعة الشمس وهي تعانق وجه الملك رمسيس الثاني بأبو سمبل في ظاهرة فلكية تحظى بإعجاب جميع الزائرين والسائحين من مختلف دول العالم.

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

أخبار متعلقة :