نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لنطعم العاملات قبلنا ومن خير ما نأكل, اليوم الثلاثاء 19 نوفمبر 2024 10:13 مساءً
نشر بوساطة محمد الأحيدب في الرياض يوم 19 - 11 - 2024
العاملة المنزلية والسائق بشر يعيشون داخل منازلنا، جاؤوا من بيئات ينقصهم الكثير مما أنعم الله به علينا، خاصة من الطعام، ففي ظني أنه يفترض أن يأكلوا قبلنا ومن خير ما نأكل، سواء ما نطلب من المطاعم -وإن غلي سعره- أو ما نطبخ في منازلنا وإن ارتقى صنفه وارتفعت جودته وغلي ثمنه، فليس من الدين ولا القيم الأخلاقية والكرم ولا من الحذر أن يتناول ابنك أو بنتك أو نفسك طعاما شهيا منظره جذاب ورائحته زكية تفتح الشهية والعاملة تنظر والسائق يشم ولا ينالهم إلا شطيرة جبن أو (أندومي) أو أي طعام غير ما تأكلون.
ليست نصيحة، فالناس لم تعد تطيق النصح، ولكن خاطرة تبادرت لذهني وطرحتها على أسرتي الصغيرة ثم أردت أن أشارككم إياها، راجيا أن تسمحوا لي بتبرير الاستثناءات الثلاثة أو بعضها ولكم حق الاعتراض:
ليس من الدين ولا من شرع الله وهدي نبيه الكريم -صلى الله عليه وسلم- أن نحرم من يعمل لدينا (لا أحب مسمى خادمة وخادم) من أكل خير الطعام الذي نرضاه لأنفسنا، هذا أمر أتركه لأهل الذكر وطلبة العلم الشرعي (لا حرمنا الله من علمهم وتعمقهم وسؤالهم فيما هم أعلم منا به)، فلست في مقام من يفتي ولا مقام من يعظ، وإن كانت كثير من الآيات والسيرة النبوية في هذا الخصوص واضحة جلية.
وليس من القيم الأخلاقية والكرم أن نأكل وغيرنا ينظر ويشم ما نأكل ولا نطعمه، هذا أمر عرفناه وتربينا عليه وغرسه فينا الأجداد والآباء، ويجب أن نسقي هذا الغرس وننميه في أبنائنا وأجيالنا، فمجتمعنا بكل مناطقه وأطيافه ومستوياته المعيشية تربى على مكارم الأخلاق وعلى الإيثار والتضحية والكرم والسخاء، ولنا في هذه الصفات والطبائع والسلوكيات قصص ومواقف حدثت في كل منطقة ومدينة وقرية وهجرة، خاصة في مواقف إكرام الضيف، والعاملة والسائق ضيوف وإن كان لهم أجر وبدل طعام، فليس من مكارم الأخلاق (مثلا لا حصرا) أن نفتح كيسا لطعام شهي مميز جاء من مطعم راق ونجتمع حوله ونأكل منه والعاملة ترى شطيرة (الهامبورغر متعددة الأدوار مثلا) أو قرص (البيتزا) المستدير بما يعلوه من خيرات الله من جبن وزيتون وشرائح لحم وخضار، وهي -أي العاملة- ترى وتشم ولا ينالها منه شيء! والسائق هو من أحضره أو حضر إدخاله وشم رائحته (الزكية) ولم تكن كفيلته (ذكية) فتطعمه منه، ورأى السائق بقايا الأكل ترمى في (القمامة) ولم يعزمه عليه كفيله (الهمام)!
وليس من الحذر والخوف والاحتياط أن ننسى أو نتناسى أن العين حق وأنها (أي العين) أكثر ما تكون فيما اشتهت النفس ولم تنله، وشهية الطعام (خاصة لمن جاء من جوع أو تم تجويعه) هي من أخطر الشهوات (نعم أخطر).. والله أعلم وأحكم.