في خطوة جديدة نحو ترسيخ مكانة المملكة العربية السعودية كمركز عالمي للابتكار التقني، أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي اليوم، توقيع شراكة إستراتيجية مع جوجل كلاود، لإطلاق مركز عالمي جديد للذكاء الاصطناعي.
وسيقام هذا المركز المتطور بالقرب من مدينة الدمام، في المنطقة الشرقية من المملكة، ليصبح محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي ولتعزيز قدرات المملكة في مجال الذكاء الاصطناعي، كما تُعدّ هذه الخطوة مهمة بالنسبة لشركة جوجل، إذ تعزز وجودها الإقليمي مع بنية تحتية جديدة ومتطورة.
وجرى توقيع هذه الشراكة الجديدة خلال فعاليات من النسخة الثامنة لمنتدى (مبادرة مستقبل الاستثمار)، الذي انطلق أمس في العاصمة الرياض تحت شعار (أفق لا متناهٍ.. الاستثمار اليوم لصياغة الغد).
ولكن ما الأهداف الإستراتيجية التي تسعى الشراكة بين صندوق الاستثمارات العامة السعودي وجوجل كلاود إلى تحقيقها، وكيف ستساهم هذه الشراكة في تحقيق رؤية المملكة 2030، وما أهمية هذا المركز، وما التأثير المتوقع له في الاقتصاد السعودي والمنطقة بأكملها؟
ما أهداف الشراكة بين صندوق الاستثمارات العامة وجوجل كلاود؟
تُعدّ هذه الشراكة محطة مهمة ستسهم في ترسيخ مكانة المملكة كمركز عالمي ووجهة أولى لتطبيقات الذكاء الاصطناعي للمؤسسات والشركات الناشئة المحلية والعالمية.
وتتجاوز هذه الشراكة مجرد إنشاء مركز تقني جديد، فهي تهدف إلى تطوير الكفاءات السعودية وتمكينها من مواكبة التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي، فمن خلال برامج تدريبية مكثفة، ستتمكن آلاف الكوادر السعودية من اكتساب المهارات الرقمية اللازمة للعمل في هذا القطاع الواعد، بما يتماشى مع المستهدفات الإستراتيجية للمملكة بتحقيق نمو بنسبة قدرها 50% في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات.
وبموجب الشراكة، سيتمكن العملاء من استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من جوجل كلاود لدعم النمو في مختلف القطاعات وزيادة قدرة تطوير التطبيقات ونماذج الذكاء الاصطناعي. ويتيح المشروع للشركات ومستخدميها الاستفادة من مستويات جودة أفضل لتطبيقات الذكاء الاصطناعي وخدمات البيانات، بشكل أسرع على صعيد محلي.
ما التأثير المتوقع لهذا المركز في الاقتصاد السعودي؟
تشير تقديرات البحث الأولي الذي أجرته شركة (جوجل كلاود) من خلال شركة (أكسس بارتنرشيب)، الاستشارية المتخصصة في مجال سياسات التقنية، إلى أن مركز الذكاء الاصطناعي الجديد يمكن أن يضيف بشكل تراكمي ما يزيد على 265 مليار ريال سعودي (قرابة 71 مليار دولار) إلى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة خلال ثماني سنوات.
ومن المتوقع أن يؤدي النشاط الاقتصادي المتزايد الناتج عن اعتماد الذكاء الاصطناعي في المملكة إلى تمكين استحداث آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة التي تتطلب مهارات عالية.
ويُعدّ قطاع التقنية أحد القطاعات الاستثمارية ذات الأولوية لصندوق الاستثمارات العامة، كونه عامل تمكين رئيسي لقطاعات اقتصادية أخرى عديدة، بما يشمل: الترفيه والخدمات المالية والرعاية الصحية والنقل والخدمات اللوجستية والمرافق والطاقة المتجددة.
ولدى صندوق الاستثمارات العامة عدة استثمارات في قطاع الاتصالات والتقنية، منها: الشركة السعودية لتقنية المعلومات (SITE)، التي تقدم الخدمات والحلول الرقمية والسيبرانية من خلال الكفاءات الوطنية، وشركة تقنيات إنترنت الأشياء لتقنية المعلومات (iot Squared) المتخصصة في إنترنت الأشياء.
ويعتمد الاستثمار الجديد على الوجود الحالي لشركة جوجل كلاود في المملكة، الذي يشمل منطقة الدمام السحابية، التي أُطلقت العام الماضي كجزء من شبكة جوجل كلاود العالمية الحالية المكونة من 40 منطقة.
بنية تحتية متطورة لخدمة الذكاء الاصطناعي:
سيعتمد المركز الجديد على أحدث التقنيات والبنية التحتية المتطورة، بما يشمل: أحدث مسرعات الذكاء الاصطناعي (TPUs)، ووحدات معالجة الرسومات المتخصصة (GPUs)، بالإضافة إلى منصة (Vertex AI)، وهي منصة التطوير المتخصصة من جوجل كلاود، التي تمكن العملاء من إنشاء تطبيقات ذكاء اصطناعي توليدي.
ويعكس المشروع مدى جاذبية المملكة لمشاريع التقنية الكبرى، إذ يمكن للمستثمرين الاستفادة من الموقع الإستراتيجي للمملكة عند ملتقى ثلاث قارات، وبنيتها التحتية المتقدمة، وقربها من الأسواق السريعة النمو في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى وجود طاقة متجددة موثوقة وبأسعار معقولة لتغذية مركز الذكاء الاصطناعي.
وتعليقًا على هذه الشراكة، قال معالي الأستاذ ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة: “يسعدنا أن نرحب بمركز جوجل كلاود الجديد للذكاء الاصطناعي في المملكة. وتعكس هذه الشراكة دور صندوق الاستثمارات العامة في تعزيز بيئة صديقة للذكاء الاصطناعي، من خلال الاستثمار في رأس المال البشري والتقني، وتحسين مهارات آلاف الأشخاص باستخدام الأدوات المتقدمة بما يدعم أهداف تطوير بنية تحتية مستدامة ومبتكرة. وتُبرز الشراكة مكانة المملكة كمركز رئيسي لشركاء التقنية العالميين؛ وسيوظف صندوق الاستثمارات العامة خبراته في القطاع واستثماره على المدى الطويل بما يخدم هذه الشراكة”.
ومن جهتها، قالت روث بورات، الرئيس والمدير التنفيذي للاستثمار في شركة ألفابت وجوجل: “ستعمل هذه الشراكة الإستراتيجية على تسريع اعتماد حلول الذكاء الاصطناعي باللغة المحلية للمؤسسات والشركات الناشئة في المملكة والشرق الأوسط وأفريقيا والعالم، وذلك في مختلف القطاعات، بما يشمل: الرعاية الصحية والخدمات التجارية والمالية وغيرها. ونهدف من خلال اعتماد الحلول السحابية في إطار منظومة التقنية المتقدمة في المملكة إلى استحداث وظائف عالية المهارة للسعوديين وتوفير فرص للشركات العالمية لتعزيز نموها”.
تعزيز نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي باللغة العربية:
لتلبية احتياجات السوق المحلي، ستعمل ستعمل جوجل كلاود وصندوق الاستثمارات العامة على تعزيز قدرات اللغة العربية في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي من جوجل خاصة في تطبيق جيميني، وذلك من خلال الجمع بين مجموعات إضافية لبيانات اللغة العربية مع تقنية جوجل كلاود.
كما سيُتاح للشركات المحلية والباحثين والمطورين الفرصة لربط هذه النماذج بأنظمتهم ليتمكنوا من بناء تطبيقات متطورة للذكاء الاصطناعي باللغة العربية تلبي احتياجات المستخدمين المحليين.
ما أهمية هذا المركز؟
تتعدى أهمية مركز الذكاء الاصطناعي الجديد الذي أطلقته السعودية بالشراكة مع جوجل كلاود حدود المملكة لتصل إلى المنطقة والعالم أجمع. وإليك أبرز أسباب هذه الأهمية:
- تعزيز مكانة السعودية كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي: يساهم هذا المركز بشكل كبير في ترسيخ مكانة المملكة كوجهة رئيسية للشركات والباحثين والمستثمرين في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يجذب المزيد من الاستثمارات والتكنولوجيا المتقدمة.
- تطوير الكفاءات السعودية: يهدف المركز إلى تطوير قدرات الكوادر السعودية في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يوفر فرص عمل جديدة ويعزز الاقتصاد الوطني.
- دعم التحول الرقمي: يساهم المركز في تسريع وتيرة التحول الرقمي في مختلف القطاعات، مما يزيد من كفاءة الإنتاجية ويحسن الخدمات المقدمة للمواطنين.
- تعزيز الابتكار: يوفر المركز بيئة محفزة للابتكار والإبداع، مما يؤدي إلى تطوير حلول مبتكرة لمختلف التحديات التي تواجه المجتمع.
- تطوير التطبيقات المحلية: سيمكن المركز الشركات المحلية من تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي باللغة العربية، مما يلبي احتياجات السوق المحلي ويعزز التوطين.
- جذب الاستثمارات الأجنبية: يجذب المركز الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة، مما يساهم في تنويع مصادر الدخل وتعزيز الاقتصاد الوطني.
- تعزيز التعاون الدولي: يعزز المركز التعاون بين المملكة والشركات العالمية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يساهم في تبادل المعرفة والخبرات.
- الاستفادة من أحدث التقنيات: يوفر المركز للمملكة فرصة الاستفادة من أحدث التقنيات في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يجعلها في طليعة الدول المتقدمة في هذا المجال.
باختصار، يمثل هذا المركز خطوة مهمة نحو بناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار، ويساهم في تحقيق رؤية المملكة 2030 الرامية إلى تنويع مصادر الدخل وتحويل المملكة إلى قوة اقتصادية عالمية.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
أخبار متعلقة :