نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أين المجلس البنكي والمالي من انتظارات السلطة في تحقيق التنمية المنشودة؟, اليوم الثلاثاء 29 أكتوبر 2024 05:00 مساءً
نشر في الشروق يوم 29 - 10 - 2024
تسعى السلط الوطنية بنسق حثيث لتكريس منوال تنموي جديد يقطع مع التجارب الفاشلة، في هذا الإطار، منذ عقود وذلك من خلال إعادة الاعتبار للدور الاجتماعي للدولة وانخراط المؤسسات في البلاد، لا سيما البنكية والمالية منها، في جهود التنمية والتعويل على الموارد الذاتية الوطنية.
في هذا الصدد، التقى رئيس الجمهورية قيس سعيد في العديد من المناسبات برئيس المجلس البنكي والمالي ناجي الغندري، حيث أكد على ضرورة الانخراط في مسار بناء مجتمع جديد والقطع مع المفاهيم الاقتصادية والمالية البالية في سياق سياسات شاملة تتحمل فيها البنوك والمؤسسات المالية مسؤولياتها الاجتماعية، وسط سعي متواصل لتغيير التشريعات المالية والبنكية بما يخدم جهود التنمية ويعاضد مساعي الدولة في حربها ضد الفساد المالي وتعزيز مسارات مفصلية في تاريخ تونس أهمها إنجاح الصلح الجزائي والحفاظ على المال العام ومحاسبة من أجرم في حق المجموعة الوطنية والاقتصاد التونسي.
ورغم هذا التمشي غير المسبوق في تاريخ البلاد وما تقتضيه اللحظة التاريخية الراهنة من تكاتف للجهود، لم يكشف المجلس البنكي والمالي عن موقف واضح من المسار التشريعي والمؤسساتي الجديد، اذ اكتفى بالمشاركة في الإشراف على إبرام اتفاقية تمويل لفائدة الشركات الاهلية بقيمة لا تتجاوز 5 ملايين دنانير انخرط فيها عدد محدود من البنوك ومنها أساسا البنك التونسي للتضامن وبنوك الدولة في سياق تتسم فيه شروطها بالصعوبة البالغة للحصول على تمويلات كافية لبعث المشاريع باعتبار ارتفاع نسب الفوائد وإقرار فوائض تأخير وعمولات والحصول على ضمانات لا يقدر معظم الباعثون على توفيرها مما أعاق تكوين الشركات الاهلية كصنف واعد من المؤسسات في إطار بناء منوال تنموي مستحدث.
في جانب اخر، تعطل انخراط المجلس البنكي والمالي لأسباب غير معلومة في المشاركة فيما تم اقراره بمقتضى القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 والمتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، وذلك تحديدا في خصوص الشيكات والجرائم المتصلة بها وتسوية وضعية الحسابات غير المستعملة والتخفيض في الفوائض على القروض طويلة المدى ذات نسب الفائدة القارة.
والى اليوم لم يصدر المجلس أي مذكرة أو اطار تنظيمي لضبط تطبيق البنوك والمؤسسات المالية لهذه التشريعات الثورية، بل ان التتبعات لا تزال متواصلة ضد بعض المتعاملين الاقتصاديين، وفق مقتضيات القوانين القديمة، مما جعلهم يعيشون الحيرة جراء إشكاليات لم توضح فضلا عن دعوتهم المتواصلة لخلاص فوائد وعمولات لأرصدة مثقلة بها منذ سنوات علما ان القطاع المصرفي قد تقاضى، حسب البيانات الأخيرة للبنك المركزي، عمولات صافية بقيمة 1503 مليون دينار وهوامش فائدة بحوالي 3789 مليون دينار وهو ما يفوق ميزانية التنمية للبلاد برمتها.
هذا ورغم انخراط السلطة في الحرب على الفساد المالي بلا هوادة، لا يبدو أي انخراط للمجلس البنكي والمالي في جهود تعزيزها وذلك بالخصوص فيما يتصل بتحييد من طالتهم التتبعات الذين ما زالوا الى اليوم يحظون بالتعيينات والمواقع المتقدمة ولا تزال عدة مؤسسات بنكية تصيغ هياكل تنظيمية لا تقطع مع تسمية بعض من أدينوا في شبهات فساد كبرى حسب معايير الحوكمة والحيطة.
وعموما، تتطلب اللحظة التاريخية وحرب التحرير التي تخوضها تونس اليوم ضد قوى الردة السلط الوطنية، انخراط الجميع في مسار التنمية الشاملة للبلاد في إطار البحث عن الكسب وخلق الثروة عبر دعم الإنتاج والقيمة المضافة القطاعية بعيدا عن منطق تعظيم الأرباح والبعد عن المسؤولية الاجتماعية.
.
0 تعليق