نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رحلة في عقل الناخب الأميركي, اليوم الجمعة 1 نوفمبر 2024 01:39 صباحاً
نشر بوساطة خالد رمضان في الرياض يوم 01 - 11 - 2024
الجمهوريون يصفون هاريس بالشيوعية والديمقراطيون ينعتون ترمب بالتهور
بالنسبة لمعظم اليمينيين أنصار الرئيس السابق دونالد ترمب، فإن دعم اليساريين للمرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس أو «الرفيقة كامالا» قد يكون محيرًا، أو حتى أن هذا الدعم يوحي بأنهم تعرضوا لغسيل دماغ من وسائل الإعلام الموالية للديمقراطيين، وقد أطلق عليها سياسيون جمهوريون لقب صاحبة الأيديولوجية الماركسية أو الشيوعية، أو «راديكالية كاليفورنيا»، كما وصفها نقاد آخرون، بأنها مرشحة يسارية تفتقر إلى الذكاء والفهم الاقتصادي، فضلاً عن عدم وجود المؤهلات اللازمة لديها لتصبح رئيسة، كما يردد هؤلاء المنتقدون، والواقع أن هناك خمسة أسباب تدفع بعض الناخبين برأيهم إلى دعم هاريس.
إنها ليست ترمب
السبب الأول أن كامالا قائد هادئ وثابت، فبالنسبة للعديد من الديمقراطيين وبعض الجمهوريين الذين يعارضون ترمب، فإن أحد الأسباب الرئيسة للتصويت لصالح هاريس يبدو واضحًا: أنها ليست ترمب، ويرى هؤلاء أن ترمب يشكل تهديدًا استبداديًا للديمقراطية ويجب إيقافه، ويؤكدون أن الرئيس السابق عمل على تأجيج الانقسام، بينما شوه صورة النساء والمهاجرين والأشخاص ذوي البشرة الملونة، وتسبب في تآكل الثقة في وسائل الإعلام والمؤسسات الحكومية، بالإضافة إلى ذلك، يشير ناخبو هاريس إلى كيفية ارتكاب ترمب أعمالاً تستوجب المساءلة، ورفضه الاعتراف بالهزيمة في انتخابات عام 2020، وتحريضه على التمرد.
ويقول أنصار هاريس إن ترمب استمر في إطلاق الشائعات، وإصدار تهديدات غامضة بالعنف ومهاجمة المؤسسات الحكومية باعتبارها تحت سيطرة «الدولة العميقة»، ووعد باضطهاد أعدائه السياسيين وأن يصبح ديكتاتورا في «اليوم الأول» إذا أعيد انتخابه، بينما يشير ناخبو هاريس إلى أن العديد من الجمهوريين، بما في ذلك أولئك الذين عملوا مع ترمب، يحذرون من مخاطر ولاية ترمب الثانية، والتي قد تؤدي إلى كل شيء بدءًا من العنف السياسي المعتمد إلى تآكل حقوق الناس، في المقابل، يزعمون أن هاريس تجمع بين القيادة الثابتة ورسالة التغيير والهدوء والصدق والأمل في مستقبل أفضل.
والسبب الثاني الذي يجعل البعض يصوتون لصالح هاريس هو دعمها لحقوق الإجهاض، وقد راقب العديد من أنصار هاريس بقلق قيام ترمب بتكديس المحكمة العليا بالتعيينات المحافظة ووعد بإلغاء قرار «رو ضد وايد» ، ولكن هذا الإنذار تحول إلى ذعر عندما ألغت المحكمة حكم قضية «رو ضد وايد» في عام 2022، مما أدى إلى طوفان من سياسات الإجهاض التقييدية المعتمدة في الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون، وعلى النقيض من ذلك، تتمتع هاريس بسجل حافل في مجال حقوق الإجهاض، فقد وعدت «باستعادة الحرية الإنجابية» وتدوين قانون «رو ضد وايد»، حتى ولو كان هذا يعني إلغاء أي محاولة لعرقلة التشريع في الكونجرس والتي قد تمنع ذلك.
مخاوف
ليس من المستغرب أن يكون الإجهاض وتعيينات المحكمة العليا اثنين من أهم ثلاثة مخاوف لدى أنصار هاريس، وبالنسبة لبعض مؤيدي هاريس، فإن افتقار ترمب إلى دعم حقوق الإجهاض، ليست سوى علامة أخرى على كراهيته للنساء، فقد اتهم في عام 2023، بالاعتداء الجنسي، ولهذا، ليس من المستغرب أن تدعم النساء هاريس بنسبة تزيد على 20 نقطة مئوية مقارنة بترمب، ويشارك العديد من أنصار هاريس المشاعر التي عبرت عنها أوبرا وينفري عندما أوضحت تأييدها للمرشحة الديمقراطية، قائلة: «كل الحريات التي تمتعتُ بها، والنجاحات التي تمتعتُ بها، أشعر أنها على المحك في هذه اللحظة»، وتحظى هاريس أيضًا بدعم أكبر من الناخبين الأصغر سنًا، في المناطق الحضرية والضواحي، والحاصلين على تعليم جامعي، وغير البيض، والذين يرى الكثير منهم أن العدالة الاجتماعية، أو الالتزام بالعدالة في المجتمع، هو مصدر قلق بالغ الأهمية.
الرعاية الصحية
أما ثالث الأسباب فهو دعم الديمقراطيين لاستراتيجية الرعاية الصحية، والتي تعتبر قضية مهمة بالنسبة لمؤيدي هاريس، حيث يوجد أكثر من 20 مليون شخص مسجلين في خطط التأمين الصحي بموجب قانون الرعاية الميسرة، مع تغطية ما يقرب من 20 مليون شخص آخرين من خلال التوسع المرتبط ببرنامج Medicaid، وهذا يمثل أكثر من 10 % من سكان الولايات المتحدة، وقد حاول ترمب دون جدوى إلغاء قانون الرعاية الصحية الميسرة، الذي أطلق عليه اسم «أوباما كير»، أثناء توليه الرئاسة، ولا يزال يريد استبداله، دون خطة واضحة حول كيفية القيام بذلك، وهذا يدق ناقوس الخطر بشأن الرعاية الصحية لدى العديد من الناخبين المحتملين لهاريس.
وهذا ينطبق أيضاً على هجمات ترمب على قضايا العدالة الاجتماعية الأخرى، وخاصة المساواة العرقية والإثنية، والتي يعتبرها أكثر من نصف مؤيدي هاريس مهمة للغاية، في المقابل، وعدت هاريس بأن تكون رئيسة لكل الأميركيين، معبرة عن دعمها لمجموعة متنوعة من المواطنين في البلاد، من ناحية أخرى، يشعر العديد من ناخبي هاريس بالقلق إزاء شبكة الأمان الاجتماعي التي تمولها الحكومة، ويشمل هذا قضايا مثل الإعفاء الضريبي للأطفال، والرعاية الطبية، والرعاية الطبية، وتخفيف أعباء ديون الطلاب، والمساعدة الغذائية.
والسبب الرابع وراء إعجاب بعض الناخبين بهاريس هو اعتقادهم بأنها تبني الجسور، حيث يعتقد أنصارها أنها قادرة على معالجة الانقسامات التي مزقت البلاد على مدى السنوات الثماني الماضية، وفي الشؤون الخارجية، وعدت هاريس بالحفاظ على التحالفات الدولية الرئيسة، مثل حلف شمال الأطلسي، الذي هدد ترمب بالانسحاب منه، كما يشير أنصار هاريس إلى أنها قادرة على بناء الجسور بين الحزبين في الولايات المتحدة.
تمرير التشريعات
نجحت إدارة بايدن-هاريس بشكل ملحوظ في تمرير التشريعات الحزبية، بما في ذلك قانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف لعام 2021، كما وعدت هاريس بدعم إصلاح الهجرة الحزبي، والذي تؤكد بشكل متكرر أنه تم إحباطه من قبل ترمب، على الرغم من دعم الجمهوريين لمشروع قانون الإصلاح الحزبي الذي كان من المرجح أن يمرر الكونغرس، وأخيرًا، يشير بعض أنصار هاريس إلى قدرتها على معالجة قضايا مثل تغير المناخ، والذي يعد مصدر قلق رئيس ساعدت إدارة بايدن-هاريس في معالجته من خلال قانون خفض التضخم لعام 2022. أما السبب الخامس، فهو أنهم يرون في هاريس مرشحة للتغيير، إذ أنه عندما حلت هاريس محل الرئيس جو بايدن في قائمة المرشحين في أواخر يوليو، تأثر الناخبون من مختلف الفئات السكانية على الفور بشبابها النسبي، وهويتها العرقية المختلطة، وفصاحتها، ورسالتها الإيجابية حول التغيير والإمكانية، بدلاً من الخوف، ولهذا، شهدت حملة هاريس ارتفاعًا هائلاً في التبرعات خلال الأيام الأولى التي أعقبت انسحاب بايدن من السباق، وعلى النقيض من ترمب، الرجل الأبيض الذي سيكون في الثمانينيات من عمره خلال الفترة من 2025 إلى 2028، ويهيمن على السياسة الأميركية منذ عام 2015، فإن هاريس ستكون امرأة من أصل جامايكي وهندية في أوائل الستينيات من عمرها، وفي حين أن ترمب مدان قضائياً، فإن هاريس مدعية عامة سابقة، وكما يعتقد أنصارها، ستكون صارمة في التعامل مع الجريمة وستكون زعيمة قوية، ويجادلون بقدرتها على تحقيق نجاحات اقتصادية، وخاصة على مستوى قهر التضخم، وزيادة الأجور وحقوق العمال، ويؤكدون أن هذا المسار سيطوي صفحة الماضي الاقتصادي المضطرب.
ناخبو ترمب
في المقابل، وعلى الجانب الآخر من الضفة، يبدو التساؤل مشروعاً: لماذا يصوت البعض لترمب؟ والواقع، أن معظم اليساريين يفشلون في فهم من هم ناخبو ترمب وكيف يختلفون؟ ولا يمكن ببساطة رفض قاعدة ترمب باعتبارها «مثيرة للشفقة وعنصرية»، كما وصفتهم هيلاري كلينتون في عام 2016، أو باعتبارها قاعدة قروية ترتدي قبعات حمراء، إذ يتميز أنصار ترمب بأنهم أكبر سنا، وذوي بشرة بيضاء، وريفيين، ومتدينين، وأقل تعليما، لكنهم يشملون أيضاً بعض المؤيدين الآخرين من خارج هذه المجموعات الديموغرافية.
هناك أيضاً خمسة أسباب رئيسة، تؤثر على اختيار الناخبين لترمب، السبب الأول هو التشويه الإعلامي، حيث يرى اليمينيون ما يسميه بعض المراقبين السياسيين متلازمة اضطراب ترمب، ووفقًا لهذا الخط من الحجج، تقوم وسائل الإعلام اليسارية بتحليل كل كلمة يقولها ترمب، وتشويه ما يقوله، ويعتقد بعض أنصار ترمب أن الأشخاص الذين يتغذون كثيرًا على هذا النظام الإعلامي المتحيز يمكن «أن يصابوا بمتلازمة داون» ويطورون كراهية عاطفية وغير منطقية تجاه ترمب، ويرى مؤيدون لترمب، أن مثل هذه المنافذ الإعلامية «المزيفة»، مثل إعتبار محطة تلفزيونية، هي جزء من مؤامرة أكبر من قِبَل الدولة العميقة لقلب الإرادة الشعبية، ويرى بعض أنصار الرئيس السابق أيضًا أن هناك ما يبرر ادعائه بأنه يتعرض للاضطهاد ظلماً.
والسبب الثاني، فكرة الخبز على المائدة، والمال في البنك، بمعنى أن أنصار ترمب يسألون الناس: هل أنتم أفضل حالاً مما كنتم عليه قبل أربع سنوات؟ وبالنسبة للعديد من ناخبي ترمب، فإن الإجابة عن سؤال رونالد ريغان الشهير واضحة: «لا»، إنهم يتذكرون بدقة فترة حكم ترمب باعتبارها فترة شهدت تخفيضات ضريبية ونموًا اقتصاديًا وارتفاعًا في سوق الأوراق المالية، صحيح أن أرقام التوظيف ومتوسط الأجور ارتفع في عهد الرئيس جو بايدن، ولكن بالنسبة لمؤيدي ترمب، فإن هذا النمو الاقتصادي يتضاءل مقارنة بالارتفاع الهائل في التضخم خلال فترة بايدن، حيث ارتفعت الأسعار بنحو 20 ٪، وتظهر استطلاعات الرأي كذلك أن ترمب يتمتع بتقدم قوي على هاريس بشأن كيفية التعامل مع الملف الاقتصادي.
أما السبب الثالث الذي يجعل بعض الأميركيين يرغبون في التصويت لترمب فهو الهجرة، خاصة بعدما ارتفع عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يعبرون الحدود في عهد بايدن، وقد وجد استطلاع للرأي أن 7 من كل 10 جمهوريين قلقون من أن «الحدود المفتوحة» كانت جزءًا من مؤامرة ديمقراطية لتوسيع سلطة الليبراليين من خلال استبدال المحافظين البيض بأجانب غير بيض، وقد لعب ترمب على مخاوف بعض الأميركيين من أن المهاجرين غير الشرعيين متطفلون ولن يندمجوا مع المجتمع الأميركي، ويرى 82 % من الأميركيين أن الهجرة قضية مهمة للغاية»، وهكذا، يواصل ترمب الترويج لحلوله المقترحة، والتي تتضمن إغلاق الحدود وبناء جدار وترحيل 11 مليون مهاجر يعيشون في الولايات المتحدة دون تصريح قانوني.
والسبب الرابع، أن بعض ناخبي ترمب يقومون بمقارنة سجلات ترمب، بسجلات هاريس، ويجدون أن النتيجة تميل بقوة لصالح ترمب، ولا يتعلق الأمر فقط بالاقتصاد والهجرة، فلم تكن هناك حروب جديدة في عهد ترمب، وعلى النقيض من ذلك، فإن بايدن وهاريس مثقلان بغزو روسيا لأوكرانيا، وغزو إسرائيل لقطاع غزة، ويرى أنصار ترمب أن دافعي الضرائب الأميركيين يتحملون جزءًا كبيرًا من الفاتورة، وعلى سبيل المثال قدمت الولايات المتحدة مساعدات لأوكرانيا منذ الحرب بقيمة 150 مليار دولار، ويقولون إن الأميركيين كانوا أحق بهذه الأموال المهدرة، بدلاً من الإبقاء على حرب خاسرة، كما يعتقد أنصار ترمب بأنه الأكثر قدرة على التعامل مع التهديد المتزايد للصين.
أما السبب الخامس، فهو أن ترمب، وفقاً لمؤيديه، صاحب كاريزما قوية للغاية، ويصورونه بأنه «ثورًا كاريزميًا» في متجر صيني، ويعتقدون أن انتخابه يرجع بالتحديد إلى أنه ملاكم لا يلين، أو مقاتل لا يهدأ، كما أظهر عندما رفع قبضته بعد محاولة اغتياله في يوليو الماضي، فيما ينظر إليه البعض باعتباره المنقذ للولايات المتحدة من كارثة اليسار المتطرف، وبالنسبة للموالين لترمب، فإن شعار «لنجعل أميركا عظيمة مجددًا» ليس مجرد شعار، بل يعتبرونه حركة لإنقاذ أميركا التي أصبحت على شفا الفشل بفعل اليساريين.
كامالا هاريس خلال تجمع انتخابي حاشد مع أنصارها في لاس فيغاس (رويترز)
تحليل - د. خالد رمضان