من المقاهي إلى الأجهزة الذكية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من المقاهي إلى الأجهزة الذكية, اليوم الجمعة 1 نوفمبر 2024 01:39 صباحاً

من المقاهي إلى الأجهزة الذكية

نشر بوساطة حمود الضويحي في الرياض يوم 01 - 11 - 2024

2101804
في الماضي القريب ومنذ ما يزيد على العقدين من الزمن كان لمقاهي الإنترنت رواجها، وكانت المكان المفضل لمن يريد أن يدخل عالم الإنترنت، حيث يجد الخصوصية في ذلك داخل المقهى ويقضي الوقت الذي يريد وفي الوقت الذي يشاء ليلاً أو نهاراً بمقابل مادي، ويجد إلى ذلك المشروبات الساخنة والباردة على مدار الساعة، ويوفر مرتاد المقهى على نفسه شراء جهاز كمبيوتر والاشتراك مع إحدى شركات مزودي الخدمة التي تخوله الدخول للإنترنت في ذلك الوقت، وقد كان دخول الإنترنت إلى المملكة 1994م عندما حصلت المؤسسات التعليمية والطبية والبحثية على تصريح بالدخول إلى شبكة الإنترنت، إلاّ أنه أصبح متاحاً رسمياً في المملكة 1997م بموجب قرار وزاري، ويعد مستشفى الملك فيصل التخصصي أول جهة في المملكة بإدخال الإنترنت عام 1418ه، وكانت الخطوة تهدف إلى الاستفادة منه في أغراض البحث العلمي والخدمات الطبية بالدرجة الأولى، ثم سمح للعامة بالوصول إلى الإنترنت في عام 1999م، ومنذ ذلك التاريخ ازدهرت مقاهي الإنترنت وافتتحت في كافة مناطق المملكة ولاقت إقبالاً كبيراً، حيث كانت الانطلاقات الأولى لتصفح الإنترنت قبل أن تتاح خدمة الإنترنت للمنازل، وكانت مقاهي الإنترنت تقدم الخدمة للتصفح بالساعة التي بلغت في البدايات خمسين ريالاً، ثم تم تخفيض المبلغ بعد ذلك بشهور لثورة التنافس بين المقاهي حتى وصل إلى خمسة ريالات قبل إغلاقها إلى الأبد.
ذكرى جميلة
وبعد أن أتيحت الخدمة في المنازل وبأسعار تنافسية شهرية، ثم انتشار أجهزة التطبيقات الذكية في الجوالات التي سهلت من الوصول للانترنت في وقت قياسي وبسرعة كبيرة، أُغلقت مقاهي الإنترنت أبوابها أمام مرتاديها بعد أن كانت تعج بهم ليلاً ونهاراً، وباتت جزءاً من الذكريات الجميلة في ذاكرة جيل الأمس، حيث أدى انتشار واستخدام الإنترنت على الأجهزة الذكية إلى قتل هذه المقاهي ببطء شديد حتى انسحبت من الحياة المعاصرة، حيث كانت المقاهي في آخر أيامها تعمل بطاقةٍ لا تتجاوز 30 في المئة مما كانت عليه في بدايتها بسبب الأضرار التي لحقت بها، إذ ظلت تبحث عن وسائل إضافية بديلة لتعويض دخلها الذي انخفض 70 في المئة بمحاولة الحصول على اشتراكات من المقهى بتخفيض سعر استخدام الساعة إلى ريالين ونصف الريال، فيما حافظت جميع المقاهي على تسعيرة استخدام الإنترنت بحد لا يقل عن 10 ريالات بعد حرب أسعار وصلت في فترة إلى نصف ريال للساعة، مع إيجاد خدمات بيع للبرمجيات وصيانة الأجهزة وتوفير الاشتراكات المنزلية، فيما أن مقاهي أخرى عرضت وجبات أكل خفيفة وخدمة التوصيل للمنازل واشتراكات الاستخدام ليوم كامل كعروض مغرية لجلب المستخدمين، ليتحول الكثير من المقاهي التي أغلقت نشاطها في ذلك الوقت إلى مطاعم، وأخرى إلى محالات لصيانة الأجهزة وتصميم مواقع الإنترنت والإعلان عبر الشبكة العنكبوتية.
أول مقهى
وتأسس أول مقهى إنترنت في العالم أمام جامعة هونجيك بسيئول الكورية في مارس -آذار- 1988م، من قبل "آن سان سو" و"كيوم نوري"، وكان يسمى في حينها Electronic Café"" أو "المقهى الإلكتروني"، حيث كان لدى المقهى جهاز كمبيوتر متصلين بشبكات الإنترنت عبر خطوط الهاتف، وكان افتتاح هذا المقهى متقدماً بنحو سنتين أو ثلاث عن البلدان الأخرى، وفي تسعينيات القرن العشرين حظيت مقاهي الإنترنت بشعبية كبيرة، مما أتاح لزوارها فرصة ممارسة الألعاب الإلكترونية التي كانت شائعة في تلك السنوات وحتى استخدام الكمبيوتر، الأمر الذي عُدّ إضافةً مميزة لغالبية السكان، كما كانت البداية بالولايات المتحدة 1991م من قبل "واين غريغوري" في "سان فرانسيسكو" عندما بدأت شبكة المقاهي SFnet، حيث قام بتصميم وبناء وتركيب 25 محطة كمبيوتر تعمل بقطع النقود المعدنية في المقاهي بجميع أنحاء منطقة خليج سان فرانسيسكو، في وقت كان يصعب على كثيرين شراء المعدات، ما جعل من لديهم إنترنت في منازلهم قليلين جداً، وأسهم في الوقت ذاته في ازدهار نشاط مقاهي الإنترنت هذه، التي انتشرت في العالم إلى أن وصلت إلى العالم العربي.
متابعة ورقابة
وتعد المملكة من أوائل البلدان العربية التي انتشرت فيها مقاهي الإنترنت، خاصةً في المدن الكبرى كالعاصمة الرياض التي انتشرت في كافة أحيائها وباتت مكاناً مفضلاً للباحثين عن خدمة الوصول إلى الإنترنت سواءً من الطلبة أو الأكاديميين أو بالباحثين، أو من الباحثين عن الترفيه والتسلية وذلك بالدخول الى عالم المحادثات والألعاب وغيرها، وقد كان مقهى الإنترنت مهيأً بعدد من أجهزة الكمبيوتر المكتبية ويوجد فواصل بين كل جهاز وآخر، وتلك الأجهزة مرقمة، حيث يقوم من يريد استخدام الإنترنت بالذهاب الى مسؤول المقهى ومن ثم دفع قيمة ساعة أو أكثر للتصفح، فيقوم المسؤول عن المقهى بتوجيهه الى مقعده ومن ثم إعطائه كلمة سر للوصول الى الإنترنت في الجهاز، ويبدأ مرتاد المقهى في التصفح وعند قرب انتهاء الوقت المحدد للتصفح تظهر رسالة على شاشة الكمبيوتر فيها تذكير بقرب انتهاء مدة التصفح بعد خمس دقائق، حيث يقوم من يريد الاستمرار بالذهاب الى المسؤول عن المقهى ودفع قيمة ساعة أو ساعات إضافية للتصفح، وخضعت مقاهي الإنترنت للمتابعة من قبل الجهات المسؤولة، كما قامت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بجهود مكثفة ودور بناء في مجال الرقابة وإغلاق وحجب المواقع المشبوهة على الدوام، رغم وجود آلاف المواقع التي تنشأ يومياً، وقد كان أغلب مرتادي تلك المقاهي يركزون في دخولهم إلى الإنترنت على المواقع الترفيهية التي تعد أكثر المواقع زيارة، إضافةً إلى مواقع المحادثة (CHAT) أو الدردشة، ومواقع المحادثة تمكن الداخل للإنترنت من التعارف مع الآخرين والحديث معهم والباب مفتوح في أي دولة من العالم، وهو متاح باللغتين العربية والإنجليزية، والحديث إما يكون كتابة أو بالصوت أو بالصوت مع الصورة.
تقدم وانتشار
وأدى التقدم الكبير في انتشار التقنية وظهور التطبيقات الذكية لسرعة الوصول إلى شبكة الإنترنت والتصفح في أي وقت ومكان، إذ أصبح التعامل مع الشبكة العنكبوتية من خلال أجهزة التواصل الاجتماعي في الهاتف الجوال، الذي بات في متناول الجميع صغاراً وكباراً، وأصبح وجود الهاتف الجوال ضرورة من ضرورات العصر، ففيه عرض الوقت والتاريخ بنوعيه الهجري والميلادي، كما يتم فيه تخزين أرقام هواتف الأهل والأصدقاء والمحلات التجارية على اختلافها، إضافةً إلى مفكرة يخزن المرء فيه المواعيد ويتم تنبيهه قبلها بفترة كافية كمواعيد زيارة الطبيب أو تناول الدواء، أو مراجعة الدوائر الحكومية، إلى جانب دخول التطبيقات الحكومية لإنجاز المواعيد والمعاملات، وتحميل بطاقات الصراف الآلي والبطاقات الائتمانية، وبات حمل الهاتف الجوال يغني عن حمل الأوراق الثبوتية والأموال والمحافظ التقليدية، وكذلك الحال لمقاهي الإنترنت التي بفضل التقدم وظهور تقديم خدمة الإنترنت بالمنازل في البداية عن طريق الحصول على بطاقات يتم شراؤها من مقدمي الخدمة تباع بحسب الدقائق، ثم بات الاتصال بالإنترنت عن طريق الاشتراك بالمودم بعد ربطه بخط التليفون الأرضي العادي، وكان الاتصال يأخذ بعض الوقت، واعتاد طالبي الخدمة عبر المودم على سماع الأصوات المتقطعة والمستمرة لمدة ثواني وربما دقائق، ومن ثم الدخول على أحد بوابات البحث التي كان من أشهرها في ذلك الوقت موقع أين، حيث كان الصفحة الرئيسية لكثير من المستخدمين، وكان من أول من قدّم خدمة البريد الإلكتروني باللغة العربية.
قفزات وإنجازات
وفي عام 2005م ظهرت الخطوط الرقمية "DSL" للخدمة، وكان ذلك بداية شيوع الإنترنت الكبير ودخوله كل منزل، ومع عمليات التطوير لخدمات الإنترنت في مملكتنا الغالية، فقد حققت -ولله الحمد- قفزات وإنجازات عالمية في هذا المجال، حيث احتلت المملكة في نهاية عام 2021 م المرتبة السادسة عالمياً والثالثة عربياً من حيث سرعة شبكات الإنترنت على الهواتف المحمولة، بسرعة تبلغ 149.95، متفوقة على دول كبرى مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا واليابان، كما حققت المملكة المركز الثاني على دول مجموعة العشرين للمرة الثانية على التوالي في مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية 2024 الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات، الذي يرصد اقتصادات 170 دولة لقياس التطور الرقمي وتقدم الدول في خدمات الاتصالات والتقنية من خلال عدد من المؤشرات الفرعية التي تم تقسيمها على محوري الاتصال الشامل والفعال، كما حققت المملكة المركز الأول على مجموعة العشرين في محور الاتصال الفعال، والمركز الثاني في محور الاتصال الشامل، ويأتي ذلك تأكيداً على التطوير المستمر الذي يشهده قطاع الاتصالات والتقنية في المملكة، وامتداداً لجهودها المبذولة في بناء وتعزيز القطاع التي أسهمت بدورها في إحراز هذه المرتبة العالمية، وتعزيزاً لريادة المملكة في المؤشرات الدولية ذات الصلة بالقطاع، ويعد سوق الاتصالات والتقنية في المملكة الأكبر والأسرع نمواً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحجم يقدر ب 166 مليار ريال، كما وصلت نسبة انتشار اشتراكات خدمات الاتصالات المتنقلة إلى 198 % من السكان، وتجاوز معدل استهلاك الفرد الشهري للبيانات في المملكة المعدل العالمي بثلاثة أضعاف.
مقاهي الإنترنت كانت الطريق الوحيد للتقنية الجديدة في البدايات
فرحة المجتمع كانت كبيرة بظهور خدمات الإنترنت المتعددة
99 % نسبة انتشار الإنترنت في المملكة
تطور أجهزة التواصل والتطبيقات أغنت عن مقاهي الإنترنت
إعداد: حمود الضويحي




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق