نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق .. من غزة إلى لبنان.. هزيمة مدوّية للكيان, اليوم الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 11:48 مساءً
نشر في الشروق يوم 26 - 11 - 2024
عند بداية عدوانه على غزة صعد نتنياهوإلى الشجرة وصعّد سقف أهدافه إلى أعلى نقطة.. ليختزلها بالخصوص في تفكيك حركة حماس والقضاء عليها نهائيا وفي تسريح الأسرى الصهاينة لدى فصائل المقاومة .. وبعد 14 شهرا لا يزال نتنياهو عالقا في رمال غزة المتحركة ومازالت أهداف عدوانه أبعد ما تكون عن التحقق. فلا هو قضى على حركة حماس وأخمد نيران المقاومة ولا هو سرّح الأسرى.
وعند بداية عدوانه الشامل على لبنان عاود نتنياهو الصعود إلى الشجرة وتصعيد سقف أهدافه التي اختزلها في عناوين كبيرة: أهمّها تفكيك حزب الله وتدمير كل امكانيات المقاومة لديه وإعادة سكان مستعمرات الجليل شمالي فلسطين المحتلة ودحر المقاومة إلى ما وراء نهر الليطاني متوهّما تحجيم قدرتها على ضرب شمالي فلسطين المحتلة. لم يكتف نتنياهو بهذه الأهداف بل أن شاهيته العدوانية زادت انفتاخا وزينت له تأثيث بنك أهدافه بأهداف جديدة أبعد من حدود لبنان وأكبر من لبنان ليعلن توجّهه إلى رسم «شرق أوسط جديد» وتغيير ملامحه بحيث يستوعب ما يسمى «إسرائيل الكبرى» ويفضي إلى تغيير النظام في إيران.. وبذلك يبسط سيطرته وهيمنته على كامل الشرق الأوسط ويكرّس كيانه كقوة اقليمية مهيمنة على كامل محيطها العربي والاسلامي.. كل هذا طبعا بتخطيط وبمباركة من أمريكا وبدعم أمريكي كامل بالمال وبالسلاح وبالغطاء السياسي وبالضغوط الدبلوماسية.. وذلك تحقيقا لهدف تتقاطع فيه مصالح أمريكا مع مصالح الكيان الصهيوني ممثلة في «شرق أوسط جديد».. سبق لكوندوليزا رايس أن بشّرت به بعد غزو العراق واسقاط قيادته الشرعية وتفكيك دولته ومؤسساته.. والقائم على التفكيك وعلى التقسيم وإعادة التشكيل لتتدحرج كرة النار من العراق إلى سوريا السودان والسعودية ولبنان وليبيا لتكون مصر «الجائزة الكبرى».
فماذا حقق نتنياهو على الجبهة الشمالية وهل جنى أكثر من الخيبات والهزائم؟
لقد مرّغ رجال الله في المقاومة اللبنانية أنفه وأنف آلته الحربية «التي لا تقهر» في أوحال الهزيمة والانكسار. حيث جابه صمودا فاق كل أساطير الصمود لتتحول اندفاعته في الأيام الأولى للعدوان ونجاحه في تصفية قيادات حزب الله على رأسهم سيد المقاومة الشهيد حسن نصر الله إلى كابوس مرعب وليتلقى صفعات مدوية تلامس الإعجاز بلغة وبقواميس العلوم العسكرية.. وذلك حين تعجز أعتى جيوش المنطقة على التقدم أبعد من خطوط التماس على الحدود مع لبنان رغم كل القصف الجوي والمدفعي ورغم قوة النيران المستعملة ورغم حشد 400 ألف جندي ورغم الأضرار الكبيرة التي ألحقها بالمدنيين وبالمباني وبالبنى التحتية؟ ليس هذا فقط بل ان هذا الصمود الأسطوري للمقاومة الاسلامية في لبنان رافقته صولات مشهودة حوّلت الداخل الصهيوني إلى ساحة مفتوحة وإلى بنك أهداف مفتوح أمام صواريخ «حزب الله».. وقد كانت الملحمة الصاروخية الكبرى يوم الأحد الماضي حين دكت المقاومة كامل مدن الكيان بحوالي 400 صاروخ ألحقت دمارا كبيرا وخلفت خسائر مازال العدو يحصيها حتى الآن.. وأفضت فوق هذا إلى كسر شوكة العدوان وإلى إجبار نتنياهو على الاذعان لوقف إطلاق النار.. وإلى النزول من أعلى الشجرة ونسيان أهدافه المعلنة نزولا عند ضغوط أمريكية هدفت إلى تجنيبه هزيمة مدوية ومذلّة كانت ستفضي هذه المرة ربما إلى انهيار الكيان الذي سبق وأن ترنح ايذانا بالسقوط اثر الضربة الصاعقة التي تلقاها يوم 7 أكتوبر 2023 عند انطلاق عملية «طوفان الأقصى»..
ماذا بعد هذا؟ الأكيد أن جردة الحساب ستفتح مع نتنياهو وهو الذي عجز عن تحقيق أهدافه على جبهتي غزة ولبنان.. وألحق بجيشه خسائر فادحة وهزيمة مدوية.. وأصاب جبهته الداخلية في مقتل لتتحوّل حياة قطعان المستوطنين إلى جحيم لا يطاق.. كما ألحق هزيمة استراتيجية بالكيان لن تمرّ دون مضاعفة المخاطر الوجودية المحيطة به.. وليختم عنقود الخيبات بمذكرة الاعتقال في حقه وفي حق وزير دفاعه من قبل محكمة الجنايات الدولية..
وبالتأكيد إن وضع الكيان الصهيوني في المنطقة بعد طوفان الأقصى وبعد حرب لبنان وهزيمته التي تنضاف إلى هزيمة 2006 لن يكون كما كان. فقد كسرت شوكته إلى الأبد. وانهارت هيبته وهيبة «جيشه الذي لا يقهر» إلى غير رجعة.. وبات واضحا أن الحاق الهزيمة النهائية بهذا الكيان أصبحت أمرا ممكنا متى توفرت الإرادة ومتى صح العزم على المقاومة.. فما رأي الخاضعين المهرولين إلى التطبيع مع الكيان طلبا لحمايته وهو أعجز من أن يحقق أهدافه ويحمي نفسه؟!
عبد الحميد الرياحي
.