نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الرد الصهيوني والحرب الشاملة, اليوم الجمعة 4 أكتوبر 2024 04:52 مساءً
نشر بوساطة قصي عياد في الشروق يوم 04 - 10 - 2024
تتحضّر المنطقة لمخاطر جمة بسبب التصعيد غير المسبوق بين الكيان الصهيوني ومحور المقاومة على رأسهم ايران، التي على ما يبدو أصبح "رأسها" مطلوبا بشدة.
عاصفة" الصواريخ الايرانية "التي ضربت عمق الكيان الصهيوني في الفاتح من اكتوبر ودمرت قواعد عسكرية والحقت بها اضرار جسيمة، قد تكون تحولا كبيرا في مسار الصراع بين الاحتلال وايران.
ويبدو ان الرد الايراني جاء بعد أن فقدت طهران صبرها الاستراتيجي تجاه الضربات الصهيونية لها ولحلفائها في المنطقة، بداية من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية على اراضيها وانتهاء باغتيال الامين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله .
هذا الرد لن يمر بسهولة ، خصوصا وان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو توعد بالرد ، لكن السؤال هو كيف سيكون ؟ متناسب مع مصالح الولايات المتّحدة أم خارج عن المألوف؟
على الرغم من ان دولة الاحتلال لم تقر بعد عن هجمة لرد اعتبارها، الا انه يمكن أن يكون هناك 3 سيناريوهات مرتقبة للرد الصهيوني على طهران ممّا سيضع المنطقة على فوهة بركان.
خيار عد الرد بالنسبة لدولة الاحتلال ليس فقط غير وارد، بل مستبعد تمامًا، هذا السيناريو من شأنه أن يضع الكيان الذي يسعى دائمًا إلى تأكيد قوته العسكرية والسياسية، في موقف ضعف غير مسبوق، مما سيؤثر بشكل كبير على استقراره الداخلي وعلاقاته مع حلفائه الاستراتيجيين.
إبداء أي نوع من الضعف لن يخدم مصالح دولة الكيان أو مصالح حلفائها، خاصة في ظل الأجواء المشحونة في المنطقة، فوجود الاحتلال يعتمد بشكل كبير على استعراض قوته و هيمنته على الأحداث، خاصة أمام القوى التي يعتبرها تهديدًا وجوديًا مثل حزب الله وحماس، كما أن إظهار التردد أو التراجع سيشجع خصومه، ويضعف موقفه الإقليمي والدولي.
إضافة إلى ذلك، فإن التصريحات التي تصدر عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو دائمًا ما تتضمن نبرة التهديد بالرد القوي والحاسم، و أي تراجع عن هذه التهديدات سيعتبر هزيمة سياسية داخلية كبيرة، خصوصًا في ظل المشهد الداخلي الإسرائيلي الذي يمر بمرحلة توتر واحتقان.
فقدان نتنياهو دعم مؤيديه، وهم جزء كبير من قاعدته السياسية، سيعني تفاقم الأزمات الداخلية وزعزعة استقرار حكومته، وسيفسّر عدم الرد بقوة على التصعيد على أنه ضعف، وهو ما لا يمكن لنتنياهو أو أي حكومة إسرائيلية تحمله، التصعيد واجب من أجل بقاء الكيان و لا مفر منه، وما يحدث هذه الفترة هو فصل آخر في الصراع وهذه اللحظات تعتبر الأخطر منذ 56 سنة.
أما السيناريو الثاني فمن المحتمل أن يقوم الكيان باستهداف مواقع تابعة لإيران في المناطق التي يسيطر عليها حلفاؤها، سواء كانت في سوريا أو لبنان أو حتى في اليمن، كجزء من سياسة "الردع بالوكالة".
هذا النهج يمنح الكيان الصهيوني القدرة على الضغط على إيران بشكل غير مباشر دون الانجرار إلى مواجهة شاملة. ومع ذلك، فإن مثل هذه الضربات قد تؤدي إلى موجة غضب شعبي في هذه الدول، حيث يتم النظر إلى التدخلات الإسرائيلية على أنها اعتداءات على السيادة الوطنية، و يمكن أن يثير مشاعر سخط واسعة، خاصة بعد دعوة نتنياهو العلنية للشعب الإيراني بالعصيان ضد النظام، وهو ما قد يُفسر كتدخل في الشؤون الداخلية لإيران خاصة بعدما توجه لهم نتنياهو بخطاب من دون وساطة كما سماه
ويبقى الرد الإسرائيلي على الهجمات أو التهديدات الإيرانية مرتبطًا بشكل وثيق بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية، أمريكا تقول إنه من حق الاحتلال أن يدافع عن نفسه ويقوم بالرد على إيران، لكن واشنطن حذرت في نفس الوقت من خطورة شن هجمات مباشرة على منشآت إيران النووية لأن القيام بذلك سيؤدي إلى خروج الصراع عن السيطرة، وهذه هي الدائرة التي طالما حذر منها بايدن.
من جهة أخرى وفي السيناريو الثالث، فعلى الرغم ان هذا السيناريو مرعب الا ان تجاوزات الكيان و الرد الايراني، تجعله أقرب من اكثر فترة مضت خصوصا بعد تهديد طهران لدولة الكيان بانها ان قصفت اراضيها فسيكون ردها مدمر
إذا تجاهلت دولة الاحتلال تحذيرات واشنطن وقررت استهداف مناطق حيوية على الأراضي الإيرانية، فإن ذلك سيكون بمثابة الشرارة التي ستشعل حربًا شاملة في المنطقة. إيران، التي تمتلك شبكة واسعة من الحلفاء في لبنان وسوريا واليمن، لن تتردد في الرد بضربات عنيفة، ليس فقط على الاحتلال، ولكن على مصالحها وحلفائها في المنطقة. هذا التصعيد سيؤدي إلى اتساع رقعة الحرب لتشمل عدة دول في الشرق الأوسط، مما سيؤدي إلى تداعيات دراماتيكية لا يمكن التنبؤ بها.
لكن من المستبعد أن تتمكن دولة الكيان من مواجهة إيران بمفردها دون الدعم العسكري والاستخباراتي المكثف من الولايات المتحدة، إيران تمتلك قدرات عسكرية متطورة، وبالتالي إذا تصاعدت الحرب إلى مستوى المواجهة الشاملة، فإن الكيان سيكون بحاجة ماسة إلى دعم أمريكي مباشر، ليس فقط من حيث التسليح، بل أيضًا في الدعم الدبلوماسي والاقتصادي.
نتنياهو يدرك أن تجاهل تحذيرات واشنطن والقيام بعمل عسكري كبير ضد إيران، قد يُفقدهم هذا الدعم الحيوي، ورغم التصعيد المتواصل فإن هذا الاعتبار قد يكون العامل الوحيد الذي يمنع الاحتلال من القيام بخطوة متهورة من شأنها أن تشعل المنطقة.
المواجهة الشاملة بين إيران والاحتلال ستخلق حالة من الفوضى الإقليمية، وستعيد رسم خريطة النفوذ في الشرق الأوسط، القوى الإقليمية الأخرى، مثل تركيا ودول الخليج، قد تجد نفسها مضطرة للاختيار بين التورط في الصراع أو محاولة الحفاظ على موقف حيادي. أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن تدخلها قد يكون حتميًا في حال تصاعدت الهجمات ضد الكيان، وهو ما سيجر القوى العظمى إلى صراع قد يمتد لسنوات.
أي تراجع أو ضعف في هذا الفصل قد يعني بداية نهاية الهيمنة الإسرائيلية في المنطقة، الاحتلال قد يجد نفسه في موقف حرج فهو بحاجة للرد على التهديدات الإيرانية من أجل الحفاظ على أمنه وردع طهران، لكنه في الوقت نفسه مضطر لأخذ المصالح الأمريكية بعين الاعتبار.
الرد الإسرائيلي سيكون بلا شك متناسبًا مع هذه الحسابات الدقيقة، مع التنسيق الوثيق مع واشنطن، التي تسعى إلى الحفاظ على التوازن الهش في المنطقة وتجنب تصعيد غير محسوب قد يؤدي إلى كارثة.
المنطقة تقف على حافة حرب شاملة قد تُحدد مستقبل الشرق الأوسط لعقود قادمة، أي تصعيد إضافي قد يخرج الأمور عن السيطرة، ما يفتح الباب أمام مواجهة عسكرية مباشرة بين الاحتلال وإيران، مع تدخل قوى إقليمية ودولية.
و الدائرة التي حذر منها بايدن مرارًا وتكرارًا قد تتحقق، والتبعات لن تكون محدودة فقط على الكيان وإيران، بل ستتجاوز ذلك لتطال المنطقة بأكملها، مع تداعيات اقتصادية وأمنية ستكون مأساوية.
.
0 تعليق