فلسفة العربة المتدحرجة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فلسفة العربة المتدحرجة, اليوم السبت 12 أكتوبر 2024 11:02 مساءً

فلسفة العربة المتدحرجة

نشر بوساطة بدر بن سعود في الرياض يوم 12 - 10 - 2024

alriyadh
أشارت إحصاءات 2022 أن سبعة من كل عشرة أشخاص في العالم يأخذون أخبارهم من السوشال ميديا، ما يعني أنها تسهم في صياغة أفكارهم، وفي توظيفهم كرافعة لتسويق أمور مرفوضة في مجتمعاتهم، والأصعب هو وجود 33 % من سكان العالم، بما في ذلك المنطقة العربية بأكملها، يعطون أبناءهم أجهزة الآيباد، لإشغالهم أو التخلص من إزعاجهم..
نشرت مجلة (الصحة العقلية) الأميركية دراسة مزعجة في العام الجاري، تناولت فيها إدمان الإنترنت وتأثيراته، ولاحظت أنه يغير في كيمياء المخ، وقد يؤدي إلى الإدمان على الكحوليات والمخدرات، والدراسة تابعت قرابة ثلاث مئة شخص، لعشرة أعوام، ممن تراوحت أعمارهم ما بين عشرة أعوام وتسعة عشر عاماً، وأظهرت في نتائجها، التي اعتمدت على التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، أن الاستخدام المبالغ فيه للإنترنت، يؤثر على كل الشبكات العصبية في الدماغ، ويخفض من درجة تواصل أجزائه المرتبطة بالتفكير واتخاذ القرارات والذاكرة، بخلاف إبقائه المخ نشطا حتى في أوقات الراحة، وما يحدثه من مشاكل في الأكل والنوم، وتوصلت دراسة أجرتها شركة (مايكروسوفت)، إلى أن الجيل المعروف ب (زد) لا تتجاوز فترة تركيزه عن ثمانية ثوان، بينما كانت المدة في الأجيال السابقة تمتد لثلاث دقائق في المتوسط، ما يفسر الإقبال الكبير على المقاطع القصيرة، وتحديدا في السوشال ميديا، ولكنه يعني أنهم سيعانون في الدراسة والعمل، وربما فقدوا فرصتهم في إكمال التعليم، أو الاستمرار في الوظيفة.
في عام 2020 أنتجت منصة (نتفليكس)، الفيلم الوثائقي (معضلة السوشال ميديا)، وهو يركز على التأثيرات السلبية لمن يستخدمون هذه المنصات بإفراط، ويعرض لشهادات مديرين ورؤساء أقسام عملوا فيها، وكلهم استقالوا من أعمالهم لأسباب أخلاقية، أو لإحساسهم بأن ما يفعلونه فيه تلاعب بعقول الناس، وبالأخص خلال الربيع العربي، الذي استفاد من التفضيلات والمتابعات، واستغلها في خلق تصور مغلوط، عن وجود اتفاق عام حول أحداث معينة، استناداً لأرقام المشاهدات والإعجابات وبقية محفزات الدوبامين، وما سبق غير صحيح، لأن ما ينشر قد يكتب ويشاهد ويعجب به ويعلق عليه، من جنسيات غير عربية، أو من أجهزة استخبارات معادية، والسابق تم بفعل ما يعرف ب (متلازمة الفقاعة)، والتي تعمل على تزويد الشخص بمواد مشابهة لما يستهلكه ويشاهده، ولا تهتم بمحتواها أو ما تدعوا إليه، وعندما قام أحد العاملين في واحدة من المنصات الاجتماعية، في ذلك الوقت، بأخبار مديره أن ما يتم نشره يشكل خطورة، ولا بد من إيقافه، قام الثاني بفصله.
المسألة ليست بالتأكيد، فقد دفعت شركة (فيسبوك)، في فترة سابقة تعويضات تقدر بنحو 85 مليون دولار، لمن يعملون على تقنين المحتوى المنشور لديها، والسبب الضرر النفسي الذي أصابهم بسبب طبيعة أعمالهم، والأمر لا يتوقف عندهم، ويمتد لسلوكيات تخص المستخدمين، كإدمان التسوق الإلكتروني، وهوس المراجعة المتكررة للإيميلات ومنصات السوشال ميديا، ولكل الفئات السنية دون استثناء، وثبت بالدليل العلمي، قيام الشخص الواحد برفع جواله لمشاهدته، بمعدل يتجاوز 2700 مرة في اليوم، و100 مرة في الساعة، ومرتين في الدقيقة، وهذا يمثل كارثة فعلية، وحالة إدمانية لا يمكن السكوت عليها.
فيما أشارت إحصاءات 2022، أن سبعة من كل عشرة أشخاص في العالم، يأخذون أخبارهم من السوشال ميديا، ما يعني أنها تسهم في صياغة أفكارهم، وفي توظيفهم كرافعة لتسويق أمور مرفوضة في مجتمعاتهم، والأصعب هو وجود 33 % من سكان العالم، بما في ذلك المنطقة العربية بأكملها، يعطون أبناءهم أجهزة الآيباد، لإشغالهم أو التخلص من إزعاجهم، و40 % من هذه النسبة لا تراقب ما يشاهدونه أو يتصفحونه عليها.
لا يوجد حل لفرملة هذا السلوك، إلا عن طريق تقنين استخدام الإنترنت، كما فعلت الصين، التي أصدرت قانونا في أواخر 2023، يمنع من تقل أعمارهم عن 18 عاماً من استخدام الإنترنت على جوالاتهم، وذلك في الفترة ما بين العاشرة مساء والسادسة صباحا، وسمحت ب 120 دقيقة لمن في السادسة عشرة والسابعة عشرة، و ب 40 دقيقة للأطفال دون الثامنة، وربطت دخول مواطنيها إلى الألعاب في أميركا برقم الهوية، ولمدة أربع ساعات لا أكثر، ومنصات السوشال ميديا وألعاب الأونلاين، كلها تعتمد على مدرسة (التصميم المقنع)، التي وضعها البرفيسور الأميركي (بي جي فروغ) من جامعة ستانفورد في التسعينات الميلادية، وهو من أسس وقعد لفكرة تصميم أشياء تؤثر في تصرفات الناس وممارساتهم.
بالإضافة إلى أن الجامعات الغربية تعمل على إدخال الأخلاقيات التقنية، ضمن المناهج التي يدرسها مهندسو تقنية المعلومات، وبما يسهم في تخريج مصممين ومبرمجين أخلاقيين، ويوجد تفكير مشابه في الجامعات السعودية، والاستثمار في الأخلاقيات البرمجية من مستهدفات رؤية المملكة، والتي تعمل على تحويلها لماركة مسجلة باسم المبرمج السعودي، والنموذجان السعودي والأميركي، يعملان على معالجة إشكالية الفلسفة الأخلاقية المعروفة ب (العربة المتدحرجة)، وأيهما أحق بالإنقاذ، منصة السوشال ميديا ومحتواها ومكاسبها، أم من يفضلون استخدامها على حساب كل الأشياء المهمة في حياتهم، وبما يحقق الوصول إلى (الاتزان الرقمي) في الحالتين، خصوصا أن منظمة الصحة العالمية، سلمت بالاستعمال المفرط لألعاب الأونلاين، وأن هناك أشخاصا يتسمرون أمامها لمدة عشرين ساعة في اليوم، وفي عام 2019، تم إدراج (اضطراب الألعاب) في التصنيف الدولي للاضطرابات العقلية.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق