وكالة زهوة برس للأنباء

مع الشروق .. القطاع السّياحيّ .. قاطرة الاقتصاد المُعطّبة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق .. القطاع السّياحيّ .. قاطرة الاقتصاد المُعطّبة, اليوم الجمعة 1 نوفمبر 2024 12:01 صباحاً

مع الشروق .. القطاع السّياحيّ .. قاطرة الاقتصاد المُعطّبة

نشر في الشروق يوم 31 - 10 - 2024


رغم جهود مختلف الحكومات في تونس في السنوات الأخيرة حتى تسترجع السياحة حيويتها ودورها كقاطرة للاقتصاد إلا ان تلك الجهود ظلت تصطدم في كل مرة بالبطء والارتباك وضعف الإرادة، وهو ما جعل القطاع يفقد "مجده" الذي كان سائدا قبل سنة 2011 وعمقت جائحة "كوفيد" سنة 2019 جراحه..وقد كانت تونس خلال السبعينات والثمانينات مثالا يُحتذى به في القطاع السياحي وكانت عديد الدول آنذاك "تتعلم" من التجربة التونسية الرائدة في هذا المجال ونقلتها إلى أراضيها في ما بعد.
ومنذ بداية التسعينات، دخلت تونس مرحلة سياحية جديدة تميزت بالخصوص بإرساء سياحة بديلة في المناطق الداخلية خاصة بالجنوب الغربي من خلال تطوير أقطاب متطوّرة للسياحة الصحراوية والواحيّة بجهات توزر ونفطة ودوز وقبلي ودعمها بمطار دولي في توزر. وهو التمشي نفسه الذي وقع اعتماده بجهة الشمال الغربي عبر إحداث قطب للسياحة الغابية والبيئية ومطار دولي بمنطقة طبرقة من ولاية جندوبة مع العمل على تطوير بقية المناطق السياحية التقليدية الممتدّة على الساحل وتحسين حالة المطارات فيها..
وقبل 2011 كانت الأرقام والمؤشرات السياحية في تونس تتّخذ من سنة إلى أخرى منحى تصاعديا ووقع تحقيق أرقام قياسية في عدد الزوار الأجانب من مختلف الدول وعلى مختلف الوجهات سواء الساحلية الشاطئية (الحمامات ونابل وسوسة والمنستير والمهدية وجربة وتونس العاصمة) أو المستحدثة بمنطقتي الجنوب الغربي والشمال الغربي. وكانت المؤسسات السياحية (نزل – وكالات أسفار..) تقدّم - رغم بعض النقائص- خدمات متطوّرة ومنتجات سياحية متنوعة ووقع استقطاب أبرز ماركات الفنادق العالمية.
وفي العشرية التي تلت 2011 دخل القطاع مرحلة صعبة نتيجة ما حصل من إرباك وإضعاف لأسباب عديدة أبرزها سياق الفوضى الذي برز بعد الثورة على مختلف الأصعدة ( اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا) وعدم اهتمام السلطات المتعاقبة بالملف الاقتصادي والتنموي جراء انشغالها بالشأن السياسي. فلم يلق القطاع السياحي تبعا لذلك الاهتمام نفسه من الدولة كالذي لقيه في عهد الرئيسين السابقين بورقيبة وبن علي وتفاقم وضعه نحو الأسوإ وفقد جاذبيته في الأسواق السياحية العالمية التي انتقلت نحو وجهات سياحية أخرى في العالم.
وقد أدّى كل ذلك إلى إضعاف القطاع ومؤسساته المختلفة من نزل ووكالات أسفار ومختلف الناشطين فيه فأغلق البعض أبوابه نهائيا واضطر البعض الآخر لتسريح العمال أو لبيع ممتلكاته . كما توقفت الحركة الجوية تقريبا في المطارين الجديدين الذين وقع إحداثهما بكل من طبرقة وتوزر باستثناء بعض رحلات الحج بالنسبة للأول وبعض الرحلات الداخلية للخطوط التونسية السريعة أو رحلة خط توزر باريس الذي تشغّله شركة ترانسافيا مرتين في الأسبوع فقط، بالنسبة للثاني.
اليوم أصبح من غير المقبول مزيد إضعاف قطاع السياحة والإبقاء على حالة الإرباك والتهميش التي أصبح يعاني منها في السنوات الأخيرة. فالأمر يتعلق بقطاع يمثل قاطرة للاقتصاد برمته تجرّ وراءها قطاعات الفلاحة والصيد البحري والخدمات والاستهلاك والصناعة والقطاع العقاري والصناعات التقليدية والحرف اليدوية وغيرها من المهن الأخرى التي تستفيد كلما كانت الحركية السياحية مرتفعة. والأهم من كل ذلك هو ما يوفره القطاع من مواطن شغل مباشرة وغير مباشرة، وما لذلك من انعكاسات اجتماعية إيجابية.
تتحمّل الدولة جانبا من المسؤولية في هذا المجال من خلال بذل أكثر جهود لتحسين البنى التحتية السياحية ولجذب الاستثمارات الأجنبية في القطاع السياحي وفرض تطبيق القانون بصرامة بالنسبة للمعايير والمواصفات في الخدمات السياحية المقدمة إلى جانب العناية بمسألة النظافة والبيئة وتطوير المسالك السياحية وخلق منتجات سياحية جديدة ( ثقافية فنية ورياضية وأثرية ..). وعلى القطاع الخاص لا سيما البنوك والمجموعات الاقتصادية الكبرى أن تتحرك بدورها لتطوير الاستثمارات السياحية وتنويع المنتجات السياحية المستحدثة التي أصبحت مطلوبة من السائح الأجنبي، على غرار دور الضيافة والمطاعم التي تعتمد على تثمين الأكلات المحلية وغيرها ودعم السياحة الثقافية والفنية..فذلك يمكن من النهوض مجددا بهذا القطاع حتى يسترجع دوره كقاطرة للاقتصاد برمّته.
فاضل الطياشي

.




أخبار متعلقة :