مجلة مباشر الاخبارية

«قمة الكويت».. الوحدة والنهضة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«قمة الكويت».. الوحدة والنهضة, اليوم الجمعة 29 نوفمبر 2024 12:24 صباحاً

«قمة الكويت».. الوحدة والنهضة

نشر بوساطة محمد الحيدر في الرياض يوم 29 - 11 - 2024

«استراتيجيات جديدة» لمواجهة أزمات المنطقة والعالم
تستضيف دولة الكويت الشقيقة، قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي ال45، في الأول من ديسمبر 2024م، في ظل متغيرات شديدة الحساسية تعيشها منطقة الخليج والشرق الأوسط والعالم، وتلقي بظلالها - بلا شك - على الساحة الخليجية، والمنطقة العربية، بمحيط المنطقة، نتيجة للعدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، ومخاوف من توسع الحرب، وما يحدث في السودان، ومنطقة القرن الإفريقي، إضافة للصراعات العالمية بين روسيا وأوكرانيا، وتطورات الحرب، التي تشهد كل يوم جديداً، في التحالفات بين طرفي النزاع، مما كان لذلك من آثار اقتصادية على العالم بأسره بوجه عام، والمنطقة العربية بوجه خاص، حيث يمتلك العالم العربي أكثر من 57 % من الاحتياطي العالمي للنفط الخام، كما يمتلك أكثر من 26 % من الاحتياطي العالمي للغاز الطبيعي.
ومن أكثر الملفات أهمية التي يحرص القادة على مناقشتها، العلاقات بين دول الخليج العربي، ودعمها، بتنسيق المواقف إزاء مجمل التطورات، وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، ودعم الرؤى المشتركة التي تخدم مصالح دول المنطقة وشعوبها.
تاريخ من العمل المشترك
ويأتي انعقاد القمة الخليجية 45 امتداداً للجهود الكبيرة التي تبذلها الدول أعضاء المجلس في سبيل الارتقاء بمكانتها العالمية، وتنمية مجتمعاتها ومواردها، وتقدم اقتصاداتها، وخدمة شعوبها، فمُنذُ تأسيس مجلس التعاون الخليجي في الثمانينات، تحققت إنجازات كبرى لدول المجلس، التي أضحت نموذجاً يحتذى به بين دول العالم، خاصة على مستوى الاستقرار السياسي والأمني، والتقدم التنموي والاقتصادي، والتطور الذي شمل جميع المجالات الصحية والتعليمية والفنية والخدمية والإنسانية.
وفي حين نرى التقدم والتطور الذي حققتهما هذه الدول وشعوبها في مدة زمنية قصيرة، فإن الاستراتيجيات المستقبلية، في شتى المجالات الاقتصادية والتنموية والصناعية والخدمية، الهادفة لمواصلة النهضة والارتقاء والتقدم والتطور لدول المجلس ومجتمعاته وأبنائه تؤكد أن هذه الدول سوف تصبح نموذجاً لدول العالم في حُسن التخطيط، ورسم الاستراتيجيات البناءة، التي تجعل منها عنواناً للاستقرار والتقدم والنهضة والتنمية المستدامة - بفضل الله - ثم بفضل حكمة القيادات السياسية، وبُعد نظرهم، وحكمتهم في اتخاذ القرارات السياسية، التي ساهمت في تعزيز وحدة الصف والكلمة في هذه الدول والمجتمعات، وعملت على تبني الاستراتيجيات البناءة لتعزيز الإيجابيات وتجنب السلبيات، ومعالجة المسائل المستجدة والطارئة، بما يعزز المصالح ويعظم المنافع المشتركة.
إن الحكمة السياسية التي تميزت بها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ساهمت في تعزيز حالة الأمن والسلم والاستقرار في منطقة الخليج العربي، وجنبت الدول وشعوبها التحديات السياسية والأمنية المتصاعدة في المنطقة، مما انعكس إيجاباً على مستوى الاستقرار والنمو الاقتصادي الدولي والعالمي لعشرات العقود، كذلك انعكست إيجاباً على العمل العربي المشترك في محيطه الممتد من أقصى الشرق العربي حتى أقصى الغرب العربي، والمساهمة في خدمة القضايا العربية، وعلى رأس أولوياتها القضية الفلسطينية وحقوق شعب فلسطين، ولعبت أدواراً رئيسة في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والخدمية والصحية والتعليمية، وغيرها من مجالات في جميع المناطق العربية، حرصاً على تعزيز مكانة المواطن العربي، كما سخرت سياساتها ودبلوماسيتها ومواردها البشرية والمادية للتعبير عن القضايا العربية، والحقوق العربية، في جميع المحافل والمواقف واللقاءات الإقليمية والدولية.
قمة «المستقبل خليجي»
لقد استعدت الكويت الشقيقة لهذه القمة مبكراً، بإرسال الدعوات لقادة دول مجلس التعاون الخليجي لحضور القمة الخليجية بنسختها ال45، التي ستُعقد في 1 ديسمبر، بالتزامن مع استعدادات مكثفة تقوم بها الحكومة والقيادة الكويتية لإقامة واحتضان هذه القمة المهمة، التي ينتظرها الخليجيون، وما ستسفر عنه من نتائج.
ولأن القمة تحظى باهتمام غير مسبوق من القيادة الكويتية، فقد تم تسخير كل الجهود لإنجاحها، ودعمها، وتوفير المناخ المناسب لها، فقد أطلقت وزارة الإعلام الكويتية حملة إعلامية شاملة تحت شعار «المستقبل خليجي»، وتهدف إلى تعزيز الوعي حول القمة الخليجية والترويج لها، وتتعاظم الآمال لإنجاحها، في ظل حالة الوفاق والوئام بين القادة، خاصة في ظل الإنجازات المشتركة التي تحققت في إطار تعزيز الروابط المشتركة واللحمة الخليجية، التي أثبتها التاريخ دوماً، وظهر ذلك جلياً في 22 أكتوبر 2024م، حين رحب مجلس الوزراء الكويتي بقادة دول مجلس التعاون الذين سيشاركون في القمة المرتقبة، الذي أكد على أهمية هذا الحدث الخليجي الذي يعكس العلاقات التاريخية العميقة بين دولهم، والإيمان بوحدة الهدف والمصير المشترك التطلعات لمستقبل أكثر ازدهاراً.
ملفات على الطاولة
ينتظر قمة قادة الخليج ال45، عدداً من القضايا المصيرية، ومناقشة جملة من الملفات المهمة في جميع المجالات، خصوصاً ما يتعلق بالملفات الإقليمية كحرب غزة ومخاطر اتساع الحرب، وانتقال دائرة الصراع إلى مناطق أخرى، إضافة إلى الملفات المحلية لكل دولة، وللدول الخليجية بشكل عام، وتعد أبرز القضايا التي من المتوقع أن تكون على طاولة القمة النمو الاقتصادي، ومشروعات الربط الاستراتيجية، وكذلك التوظيف والتوطين وتنويع مصادر الدخل، والحفاظ على الهوية الخليجية والوطنية، وتعزيز التماسك الاجتماعي، وحماية الأمن والاستقرار، وقضايا الأمن بمفهومه الواسع والشامل.
ودون أدنى شك سيكون العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان على رأس أولوية القمة الخليجية المرتقبة، وما ترتب على هذا العدوان من مخاطر، فضلاً عن مناقشة مخاطر اتساع رقعة الصراع، وعدم الاستقرار في أفريقيا بالسودان والقرن الإفريقي، وتداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، خاصة بعد انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب لأربع سنوات مقبلة تبدأ من 20 يناير 2025م.
وتحظى القمة باهتمام أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح بشكل كبير، ومن ثم أعلن ديوان الخدمة المدنية في الكويت تعطيل العمل في الوزارات والجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة يوم الأحد الموافق الأول من شهر ديسمبر 2024م المقبل بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الدورة ال45.
وعلى صعيد متصل أعلن معالي الأستاذ جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن افتتاح جناح مجلس التعاون في مركز عبدالله السالم الثقافي بدولة الكويت متزامن مع انطلاق أعمال القمة الخليجية ال45 المرتقبة في 1 ديسمبر 2024، مشيراً إلى أن هذا الجناح هو الأول من نوعه الذي سيقام على هامش القمة الخليجية، وبهذا التصميم والمحتوى، آملاً أن يتم تنظيم جناح لمجلس التعاون على هامش كل قمة خليجية مقبلة، حيث يتضمن هذا الجناح أنشطة وفعاليات مجلس التعاون، ويهدف لتعريف المواطنين والمقيمين بدولة الكويت بمنجزات مجلس التعاون، وتعزيز روح الانتماء الخليجي، ومشيراً إلى أن الجناح سيستمر على مدى شهر كامل من الفترة 13 نوفمبر 2024 إلى 13 ديسمبر 2024م في مركز عبدالله السالم الثقافي.
المشروعات المشتركة سياسياً واقتصادياً
استعدت دولة الكويت لاستضافة القمة الخليجية ال45، التي تكمل مسيرة التعاون المشترك، وتزيد قوة التلاحم بين الشعوب والدول الخليجية، وتوطّد العلاقات التاريخية العميقة، حيث سيكون لهذا الحدث أثر كبير في المراحل المقبلة، وسط الظروف السياسية التي يمر بها العالم من حروب ساخنة وأزمات اقتصادية واضحة، كما أن المشروعات المشتركة ستزيد من قوة الموقف الخليجي الواحد، والتوجّه إلى مبادرات السلام والاستقرار في دول الخليج، حيث نجد لدولة الكويت دوراً بارزاً في تعزيز الأمان والاهتمام بتطبيق الاستقرار، من خلال العديد من المشروعات لتنويع مصادر الدخل، والاعتماد على الطاقات البديلة في المستقبل، التي ستساهم في خلق فرص عمل كبيرة ونوعية للأجيال القادمة، وخيارات في مجالات جديدة تخلقها مشاريع وشركات استثمارية عالمية، توثّق التبادل الاقتصادي والتعاون المشترك في المنطقة، لربطها بشكل أكبر مع دول العالم الحديث، كما يتطلع الشعب الكويتي إلى مزيد من التعاون المشترك، من خلال استضافة كأس الخليج العربي ال26، التي ستكون ضمن مشروعات القمة الخليجية، والتعاون المشترك الواضح الذي تحرص دولة الكويت على توثيقه على أراضيها، وكذلك سلسلة المشروعات التي أعلنت عنها الدولة، كالمهرجانات والفعاليات السياحية، التي تشجع المواطنين والزوار الخليجيين على حضورها، وتشجيع السياحة والتعاون الخليجي بين دولها، تزامناً مع ما تشهده الكويت الشقيقة من إصلاح للبنية التحتية، وإقامة مشروعات كبرى.
ويجدر أن تستحوذ المشروعات النفطية على حيز كبير من التعاون الخليجي والرؤية الإصلاحية الحقيقية الدائمة، فالتغييرات في أسعار النفط، ودخول الطاقات البديلة إلى العالم الحديث، التي تتطلب التطلع إلى المستقبل، ووضع خطط ودراسات مستقبلية للمكانة الاقتصادية الخليجية، والتوجّه العالمي إلى التعامل مع التحديات العالمية الضخمة، كما أن القمم الخليجية منذ السابق كانت لها آثار كبيرة في السياسات العالمية، لمكانة دول مجلس التعاون الخليجي، التي تعيد رسم خريطة مستقبلية للوضع الإقليمي في المنطقة العربية، وهذا ما ينعكس على ثقافة الفرد ومكانته في دول العالم، فالارتقاء بالسياسات العالمية يؤثر في الارتقاء بمستوى المواطن والمجتمع بشكل واضح، ويزيد من جاذبية الاستثمار في دول مجلس التعاون، إضافة إلى ملفات الشأن السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري والثقافي وريادة الأعمال، والإنجازات التي تحققت في دعم وتمكين المرأة، والشباب، وعرض التجارب الناجحة للمملكة في مختلف القضايا.
مسيرة العمل الخليجي
إن القمة العربية الأخيرة في مملكة البحرين، والقمة الخليجية 45، ثم القمة الخليجية - الأوروبية، التي تستضيفها المملكة العربية السعودية عام 2026، تؤكد الحضور الدبلوماسي العالمي للمملكة، ومكانتها، وصواب رؤيتها في معالجة العديد من القضايا العالمية، ومن تلك المكانة، كان تأثيرها بأن تعقد القمة الخليجية - الأوروبية بشكل دوري كل عامين، لمواصلة تعزيز الأطر الثنائية والإقليمية ومتعددة الأطراف التي تهدف إلى تطوير علاقاتهما على كافة الأصعدة، والعمل المشترك بين قيادات الخليج ودول الاتحاد الأوروبي، لتحقيق ما تم الاتفاق عليه في قمة بروكسل 2024م، في ترتيب عمليات السفر الآمن للطرفين بدون تأشيرة بين الاتحاد الأوروبي (شنغن) ودول مجلس التعاون الخليجي.
وتكمن أهمية القمة الخليجية في الكويت، أنها ستبني مخرجاتها على مخرجات قمة بروكسل، فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية، حيث أكد الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي على التزامهما بتطوير علاقة تجارية واستثمارية مزدهرة ومتوازنة تخدم الطرفين، من خلال أطر متعددة الأطراف وأطر إقليمية وثنائية، لزيادة التعاون التجاري والاستثماري والاقتصادي، مع التركيز على أهمية الشراكة التجارية والاستثمارية الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة والطموحات المتبادلة، حيث يسعى الجانبان إلى الاستفادة من الفرص التي توفرها بيئة الأعمال المتطورة، والتحولات الرقمية والخضراء، والطاقة المستدامة، والارتباطية المتزايدة، والمضي قدماً في التعاون القطاعي في المجالات التي تساهم في تحقيق هدف تعزيز التكامل الاقتصادي وتنويع الاقتصادات، وهي نفس القضايا الملحة على طاولة قمة الخليج ال 45، إضافة إلى التزام الجانبين الخليجي والأوروبي بمواصلة المناقشات، حول إبرام اتفاقية تجارة حرة إقليمية بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، تتضمن فصلاً خاصاً بالاستثمارات، إضافة إلى الاهتمام بدفع الحوار التجاري والاستثماري بينهما وزيادة تعزيز الاستثمارات المشتركة للأمام؛ لتمكين التعاون في مجال التجارة، وتسهيل التعاون التنظيمي ومواءمة المعايير، وتعزيز الحوار حول التدابير التقييدية وتنفيذها، وزيادة حماية حقوق الملكية الفكرية.
إن العمل الخليجي المشترك، ليس بمعزل عن التكتلات السياسية والاقتصادية في العالم، وهنا تكمن قوة دول مجلس التعاون كقوة إقليمية دولية على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تهم العالم، وتساهم في استقراره، وتحقق الأمن لشعوب العالم، في ظل سياسة حكيمة رشيدة لقادة دول مجلس التعاون، حيث ينتظر العالم ما تسفر عنه القمة الخليجية، وما تخرج به من توصيات ومخرجات يتم تنفيذها على أرض الواقع.
القمة الخليجية - الأوروبية




أخبار متعلقة :