اليمين الحاسمة..اختبار أخلاقي وقانوني

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

تحقيق: أمير السني

استخدام اليمين الحاسمة أداةً قانونية انتشر وسط كثير من القضايا في محاكم الدولة، ما يتطلب الوقوف عندها والبحث في تعدد استخدامها، خاصة أنها تكون بين فئات تربطهم علاقات قوية. وكانت الثقة هي الدليل الوحيد بينهم في الأمور المالية، إلا أنهم اضطروا للوقوف أمام المحاكم في مواجهة بعضهم بعضاً في المحاكم، بسبب فقدان الثقة وإنكار الطرف الآخر.
يوضح أحمد خميس الزيودي، المحامي، أن اليمين الحاسمة هي آلية يلجأ إليها أحد أطراف النزاع، في أي حال كانت عليها الدعوى، وتعدّ إثباتاً مطلقاً لحسم النزاع بين الأطراف المتخاصمين ضمن الشروط اللازمة لتوجيهها، ويمتثل القاضي للاستجابة إلى الطلب إذا توافرت تلك الشروط، وهي أن تكون الواقعة متعلقة بمن وجهت إليه اليمين، وأن تكون اليمين في موضوع النزاع. وفي المقابل يحق للقاضي رفض طلب اليمين الحاسمة إذا كان الشخص متعسفاً في توجيهها مع توضيح أوجه التعسف.


ويجوز توجيه اليمين الحاسمة في جميع المواد المدنية والتجارية في حال توافرت شروط توجيهها سواء كانت الواقعة محل اليمين من الحالات التي يجوز إثباتها بشهادة الشهود أو بالكتابة، وكذلك يمكن توجيهها إذا جاوز المبلغ المطلوب إثباته نصاب المبالغ القابلة للإثبات بشهادة الشهود، حيث إنها في هذه الحال تكون اليمين موجهة لإثبات واقعة قانونية.
ولوحظ في أغلب حالات طلب اليمين الحاسمة سواء في العلاقات التجارية أو المدنية أنها توجه في النزاعات التي ترفع بين الأصدقاء أو من تربطهم صلة قرابة، وذلك لعدم توفر الأدلة والمستندات الكافية نظراً للثقة التي يمنحها كل طرف للآخر، وللمانع الأدبي في هذا النوع من العلاقات.
مسؤولية أخلاقية
يشير المحامي عبد الله بن حاتم، إلى أن مفهوم اليمين الحاسمة في المجتمعات العربية والإسلامية يرتبط بجانب ديني قوي، حيث إن اليمين تعني القسم بالله، ما يمنحها ثقلاً كبيراً روحياً وأخلاقياً. في الشرائع الإسلامية، اليمين سلاح ذو بعدين: قانوني وديني، حيث إن الذي يقسم زوراً يتحمل مسؤولية دينية عظيمة، إلى جانب المسؤولية القانونية.
واليمين الحاسمة إحدى الوسائل القانونية التي تستخدم في الأنظمة القضائية، لحسم النزاعات. وتأتي لتأكيد ادّعاء معين أو نفيه، بعد انتهاء وسائل الإثبات المتاحة. في أغلب الأحيان، يلجأ إليها عندما تكون الأدلة غير كافية، أو عندما يكون أحد الطرفين عاجزاً عن تقديم دليل قاطع يثبت موقفه. وهي أداة قوية لأنها تعني أن الطرف الذي يؤديها يقسم على صحة ادعائه أو نفيه تحت طائلة المخاطر القانونية والدينية.
ويوضح بن حاتم، أن اليمين الحاسمة تأتي في مرحلة حساسة في مسار القضية، إذا كان الطرف الذي تلقى التحدّي باليمين الحاسمة متردداً أو غير قادر على أدائها، فإن حكم القضية عادة ما يأتي لمصلحة الطرف الآخر، وهذا يجعلها أداة «حاسمة» في القضاء.
وهي جزء مهم من الإجراءات القضائية في الكثير من الأنظمة القانونية، خاصة في القانون المدني. يكون اللجوء إليها عندما تكون القضية قد استنفدت جميع وسائل الإثبات المتاحة، سواء كانت وثائق أو شهود. وتطلب اليمين الحاسمة، إما من الخصم أو من القاضي، لتكون وسيلةً أخيرة لحسم النزاع.
خيار أخير
يؤكد المحامي محمد المرزوقي، أن اليمين الحاسمة تستخدم بين الذين تربطهم علاقة عندما لا يملك المدعي أدلة لإثبات حقه، لذا يلجأ إلى ذمة خصمه فيوجه له اليمين الحاسمة، ولعل السبب في كثرة استخدامها بين الأصدقاء أو الأشقاء أو الأقارب، أن الحقوق لا تثبت بأدلة كتابية، تعويلاً على الصداقة أو القرابة، ولذا عندما يحدث الخلاف يجد الدائن نفسه من دون دليل، لذا تكون وسيلته الأخيرة اللجوء إلى ذمة خصمه وضميره، فيلجأ إلى توجيه اليمين الحاسمة.
ومن المهم أن نشير إلى أن المدين (المدعى عليه) أمامه خيارات، حيث يمكن حلف اليمين فإن حلف خسر المدعي دعواه، وكسبها المدعى عليه، وإن لم يحلف خسر المدعى عليه دعواه، وكسبها المدعي الذي طلب توجيه اليمين. والخيار الثالث للمدعى عليه أن يلجأ إلى ردّ اليمين الحاسمة إلى المدعي، فيطلب منه أن يحلف على أنه صاحب الحق.
حالات متعددة
ويبين المرزوقي، أن توجيه اليمين الحاسمة يستخدم في المسائل المدنية والتجارية، مهما بلغت قيمة المدعى به، سواء كان مما يقبل إثباته بالبيّنة الشخصية، أو مما لا يجوز إثباته إلّا بالكتابة، بل يصحّ أن يكون موضوع اليمين أمراً يخالف الكتابة أو يجاوزها.
ومثلما يقولون: إن اليمين الحاسمة، ملك الخصوم، فإذا طلب الدائن تحليف خصمه فإن القاضي في أغلب الأحوال يستجيب لهذا الطلب، ومن نتائج ذلك إما أن يحلف المَدين ويخسر الدائن الدعوى، أو أن لا يحلف المَدين، فيخسر هو الدعوى ويثبت حق الدائن. وهناك خيار ثالث للمّدين، بأن يردّ اليمين ويطلب من الدائن أن يحلف هو، وهذا يسمّى ردّ اليمين على من وجّهها. مع الإشارة إلى عدم جواز توجيه اليمين الحاسمة أمام القضاء المستعجل، لأن إباحة توجيهها أمام قاضي الأمور المستعجلة، تعني اكتساب القرار المؤسس على اليمين الحاسمة، حائزاً قوة الشيء المَقضي به، ما يتنافى مع طبيعة الأحكام المستعجلة التي تتسم بطابع الوقتية وعدم المساس بأصل الحق.
خلافات مالية
يوضح الباحث الاجتماعي عبد الرحمن نقي البستكي، أن إدارة الديون بين الأصدقاء أو الأشقاء، أو الأزواج تتطلب توازناً بين الأمانة والحفاظ على العلاقات الشخصية، بوضع شروط واضحة، التواصل المفتوح، واستخدام حلول مرنة، ويمكن للطرفين التعامل مع القضايا المالية بشكل يحافظ على الاحترام ويقلل التوترات، بالنهاية، الحفاظ على العلاقة وتجنب النزاعات يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في صحة العلاقة والنفسية العامة للطرفين.
وعندما يكون هناك التزام بالديون بين طرفين تربطهما علاقة ما، يمكن أن تتسبب القروض غير المسددة أو الأوضاع المالية المتوترة في توتر العلاقات، وربما في تدهورها، وللتعامل مع هذه القضايا بطريقة تحافظ على العلاقة وتؤمن الحقوق المالية، يمكن اتباع حلول فعالة، منها توثيق أي قروض أو التزامات مالية بين الأصدقاء في شكل مستند مكتوب، يحدد بوضوح شروط القرض، مثل المبلغ، وتاريخ السداد، وفوائد إن وجدت، وتحديد جداول السداد، وتحديد مواعيد محددة للسداد يجعل الأمر أكثر تنظيماً ويقلل احتمال حدوث سوء فهم.
ويشير إلى ضرورة أن يتحدث الطرفان بوضوح عن وضعهما المالي والقدرة على السداد. إذا كان هناك تأخير أو صعوبة في السداد، يجب إبلاغ الطرف الآخر بذلك في الوقت المناسب، والبحث عن حلول بديلة فإذا كان السداد غير ممكن في الوقت المحدد، يجب البحث عن حلول بديلة مثل إعادة جدولة الدفعات أو تعديل شروط القرض، في حال حدوث تغير في الوضع المالي، يمكن للطرفين الاتفاق على خطة سداد جديدة تتناسب مع الظروف الحالية.
ويشدد عبدالرحمن نقي، على ضرورة أن تكون هناك مرونة في التعامل مع الأحوال غير المتوقعة، مثل البطالة أو الطوارئ المالية، وإذا تطورت الأمور إلى نزاع قانوني، قد يكون من الضروري استشارة محامٍ لمراجعة الشروط والاتفاقات القانونية. كما أن الاحتفاظ بسجلات دقيقة لجميع المدفوعات والمعاملات المتعلقة بالقرض يساعد على تجنّب سوء الفهم، ويجب على الأطراف متابعة التزاماتهم انتظام لضمان عدم حدوث تأخير في السداد.

صديقة العمر

قضت محكمة العين الابتدائية بإلزام امرأة أن تؤدي إلى صديقتها مبلغ 74 ألف درهم، بعدما تخلفت عن أداء اليمين الحاسمة لتبرئة ذمتها من مديونيتها للمدعية. 

وفي التفاصيل، أقامت امرأة دعوى قضائية ضد صديقتها، طالبة فيها بإلزامها أن تؤدي لها مبلغ 74 ألف درهم، والفائدة القانونية بواقع 12% من تاريخ المطالبة حتى السداد التام، مشيرة إلى أنها حوّلت لها مبلغ 122 ألفاً و300 درهم على سبيل الدين، على أن ترد الأخيرة المبلغ على أقساط شهرية. وقرّرت المحكمة توجيه اليمين الحاسمة للمدعى عليها بصيغة «أقسم بالله العظيم إني لم أقترض من المدعية المبلغ المطالب به، وإن ذمتي غير مشغولة لها بمبلغ 74 ألف درهم، والله على ما أقول شهيد».

دين بلا دليل دامغ

وردت في محاكم دبي قضية صديقين، اقترض أحدهما من الآخر مبلغاً من المال في وجود شاهدين - بحسب أقوال المدعي - لكن المدعى عليه أنكر الحصول على أموال من صديقه، ودفع بعدم جواز إثبات الواقعة بشهادة الشهود، كون المبلغ يزيد على 50 ألف درهم. ولعدم امتلاكه دليلاً دامغاً على إقراضه المبلغ لصديقه، طلب توجيه اليمين الحاسمة للأخير. ووجهت المحكمة اليمين الحاسمة بالفعل للمدعى عليه، وحسمت الدعوى لمصلحة الذي أدى اليمين.

عدم وفاء بالالتزام

قضت محكمة العين الابتدائية بإلزام مالك شركة، دفع 336 ألف درهم، إلى امرأة؛ حيث اتفقا على أن يستثمر المبلغ في الشركة الخاصة به، ولكنه لم يفِ بالتزاماته التعاقدية، كما أنه لم يردّ المبلغ لها عند الطلب، وفصلت المحكمة في الموضوع، بتوجيه اليمين الحاسمة للمرأة.

رفض دعوى رجل على مطلقته

قضت محكمة أبوظبي للأسرة والدعاوى المدنية والإدارية، برفض دعوى لرجل على مطلقته، طالب فيها بإلزامها رد سيارة له، وألزمته الرســـوم والمصاريــــف ومقابــــل الأتعاب.

وقررت المحكمة توجيه اليمين الحاسمة للزوج الشاكي، فامتنع وقرر أنه لن يحلف اليمين، وطلب ردها للمشكو عليها، وقررت المحكمة رد اليمين الحاسمة للمشكو عليها فحلفتها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق