مجلة مباشر الاخبارية

لوسيان إنجيلن: 40% من تغييراتنا السلوكية تحقق نتائج صحية أفضل

أبوظبي: سلام أبوشهاب
شهد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، المحاضرة التي استضافها مجلس محمد بن زايد في جامع الشيخ زايد الكبير بأبوظبي، مساء أمس الأول، وألقاها الخبير لوسيان إنجيلن، الرئيس التنفيذي لترانسفورم هيلث، بعنوان «مستقبل الصحة: رؤية شاملة للرعاية الصحية».
وحضر المحاضرة، عدد من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين، حيث أكد المحاضر أهمية الرعاية الصحية المخصصة، التي لا تركز على المرض فحسب، بل تتبنى منظوراً أوسع وأشمل لتلقي المساعدة وفقاً للتفضيلات الشخصية والطرق التي يعكس بها الجسم هذه التفضيلات، مشيراً إلى وجود عدد كبير من الخبراء المتميزين في أبوظبي والإمارات العربية المتحدة ككل لذا، أود أن أترك ذلك النقاش لأولئك الزملاء، والتعمق في مجال الرعاية الصحية المخصصة.
تخفيف الضغط
قال لوسيان إنجيلن، إنه بالإمكان تخفيف الضغط على الرعاية الصحية وزيادة العائد الاقتصادي لكل دولار يتم إنفاقه بمقدار تسعة أضعاف تقريباً، مما يمكن من تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 4%.
وأضاف أنه من المتوقع أن يشهد مستقبل الرعاية الصحية تحولاً نحو تبني رؤية أكثر شمولية تأخذ بعين الاعتبار الجوانب المجتمعية على نطاق واسع متجاوزة الأطر التقليدية للخدمات الصحية في شكلها الحالي، مشيراً إلى أن الرعاية الصحية شهدت تطورات كبيرة عالمياً، حيث كانت تُقدَم في المنازل قديماً، وكانت التكنولوجيا المتوفرة آنذاك لا تتجاوز ما يمكن حمله في حقيبة الطبيب، وتطورت التقنيات وتم نقل الرعاية الصحية من المنازل إلى المستشفيات، وأننا الآن في لحظة تحول جديدة، حيث يُتوقع أن تجلب التكنولوجيا موجة جديدة من التغيير.
وأكد أن الرعاية الصحية تعتمد على التفاعل والاتصال البشري، في هولندا وحدها، بتنا نلاحظ انخفاضاً في معدل القبول للطلبة في معاهد التمريض للسنة الثالثة على التوالي بنسبة انخفاض تبلغ 20% خلال السنوات الخمس الماضية، وصل التراجع إلى 41%، ويحدث الأمر ذاته في العديد من البلدان، في المملكة المتحدة، نرى أيضاً كيف أن الأطباء يواجهون خطر السقوط في هاوية الإرهاق بسبب العبء الإداري، بحيث يقلل من حماسهم وشغفهم في تقديم الرعاية الصحية بنسبة تصل إلى 40%.
التغييرات السلوكية
قال المحاضر، تسهم الرعاية الصحية بنسبة 6% في الصحة، ومن اللافت أن 90% من الميزانيات عالمياً تُخصص لهذا المجال، وأن 40% من تغييراتنا السلوكية تحقق نتائج صحية أفضل، إلا أنها تُترجم إلى أقل من 10% من مقدار الإنفاق، مشيراً إلى أهمية تخصيص جزء من الميزانية السنوية للتغيير السلوكي، لأن إضافة المزيد من الرعاية الصحية لن تحل الأزمة القادمة، والحل هو تعزيز الصحة بشكل أكبر، لأنه لا يمكننا بأي حال التعامل مع تضاعف عدد المرضى مع نقص يقارب 20% في عدد الأخصائيين عالمياً، وإذا واصل العالم السير في هذا الاتجاه، فبعد عشرين عاماً، لن يتمكن ثلث الجمهور في العالم من الحصول على الرعاية الصحية بالطريقة التي نعرفها الآن.
وأشار المحاضر إلى أهمية وجهود أجهزة قياس الوظائف الحيوية للجسم مثل الأوكسجين والضغط والوزن في الأماكن العامة وليس فقط في المستشفيات، وأكد أهمية البشر الرقميون، التي لديها القدرة على التعرف إلى العواطف ويمكنها رؤيتك وسماعك، ويمكن للمريض الضغط على مفتاح المسافة ليسأل عن الدواء وتظهر له الآثار الجانبية، ما يوفر 20 ساعة يومياً في الصيدلية.
وأوضح أنه في المستقبل سيقوم روبوت مستقل بسحب الدم من دون تدخل بشري، مشيراً إلى أنه عرض في مؤتمر في هولندا أول روبوت يسحب الدم في 1.3 دقيقة، ويضع لاصقة على الذراع من دون أي تدخل بشري، وهذه التكنولوجيا بعد خمس أو عشر سنوات قد تصبح متاحة، وقريباً ستكون جميع المعلومات في نظاراتنا أو عدساتنا، وقد يتم نقلها في المستقبل بكوابل إلى أدمغتنا.
بيئة معقدة
قال المحاضر، إن التغيير هو الانتقال من بيئة طبية معقدة، إلى الأماكن التي يوجد فيها المريض والإنسان يومياً، حيث إن طريقة استخدامنا للبيانات تتغير، من البيانات الثابتة إلى البيانات التي تتيح لنا التنبؤ بالأشياء في هذا العصر، والمرحلة التالية هي وصف العلاجات من دون تدخل بشري، والتنبؤ بالمشكلة الصحية مثل توقف القلب في غضون دقيقة ونصف قبل حدوث ذلك.
وأضاف أصبحت هناك نظارات جديدة تساعد ضعاف البصر على استخدام الذكاء الاصطناعي على رؤية ما لا يمكنهم رؤيته، لأن العدسات تلتقط ما يدور من حولك ويمكنها تحليل وتفسير تلك البيانات، و80% من رحلة المريض تتعلق باللوجستيات البحتة، ولا تمت بصلة للرعاية الصحية الفعلية، ولا يزال المريض يدور في فلك مقدم الرعاية الصحية.
وأوضح أنه باستخدام قطاع التجزئة يمكن دعم التكنولوجيا للقيام بما نقوم به حالياً في مؤسسات الرعاية الصحية، لاجتزاء 30% من الإجراءات الحالية في قطاع الرعاية الصحية، وتم إجراء دراسة في 15 دولة شملت 16,000 مستهلك، حول دمج الرعاية الصحية من جهة وقطاع التجزئة من ناحية أخرى، والأطعمة الصحية أغلى بنسبة تقارب 40% من الأطعمة غير الصحية، والفكرة هي التنبيه من الأغذية غير الصحية.
أسلوب مختلف
أشار المحاضر، إلى أن الصحة ليست فقط جسدية، بل تشمل أيضاً الصحة الذهنية والاجتماعية وكذلك الصحة المالية، فالأشخاص الذين يعانون ديوناً مالية كبيرة يميلون إلى استخدام الرعاية الصحية بنسبة تتراوح بين 6 و10 في المئة أكثر من غيرهم، وإذا استثمرنا في الصحة بأسلوب مختلف، فقد نحصل على عائد استثمار يصل إلى تسعة أضعاف الاستثمار الأصلي.
وفي دراسة أُجريت مؤخراً عالمياً، وجد أن كل سنة تضاف إلى العمر تزيد النمو الاقتصادي بنسبة 4%، فالطب والصحة مجتمعان يخلقان قيمة اقتصادية، وقد يستغرق الأمر بين 7 و17 عاماً حتى يصبح التغيير في الرعاية الصحية شائعاً، وهذا التحول الرقمي الذي نعيشه حالياً سيجعل العالم أصغر بكثير، ويجب دعوة الجميع إلى المشاركة.
وقال المحاضر، أعتقد أن الرعاية الصحية تتغير وفق أربعة محاور وهي: اللامركزية، وتقديم الرعاية الصحية في مواقع متنوعة، والرعاية الصحية ستصبح أكثر ديمقراطية، وستتحول الصحة لتصبح رقمية أيضاً. وأضاف أن يجب أن نكون شفافين بشأن ما نقوم به، ونحتاج إلى توضيح الفوائد للأفراد والمرضى، ونحتاج أيضاً إلى دمج ذلك في المناهج التعليمية، وفي كل مستوى تدريبي للطلاب. وعرض في بداية المحاضرة التي أدارتها ذكرى السعيد الزعابي، أخصائية أبحاث في مركز أبحاث الصحة العامة بجامعة نيويورك أبو ظبي، فيديو سلط الضوء على العوامل الاجتماعية وتأثيرها في الأفراد في الحد من الأمراض والوقاية المبكرة منها وعلاجها، إضافة إلى تأثير نمط وأسلوب الحياة والبيئة على مستقبل الصحة في الإمارات والتقنيات المستخدمة في الوقاية من الأمراض المستقبلية.
المحاضر في سطور
المحاضر لوسيان إنجيلن، أمضى أكثر من 25 عاماً في مجال الخدمات الإسعافية ومراكز اتصالات الطوارئ والمروحيات الطبية، ومكاتب التخطيط والاستعداد للطوارئ، وأسس مركزاً للابتكار في المركز الطبي التابع لجامعة رادبود، مما منحه خبرة واسعة في الجوانب الأكاديمية للرعاية الصحية، وتولى منصب مسؤول استراتيجيات الابتكار الصحي عالمياً في مركز ادجي، وأسندت له مسؤولية دولية تشمل عدة مدن منها أمستردام وملبورن وسان فرانسيسكو، وينشط في مجال إعداد استراتيجيات الابتكار، حيث يقدم المشورة لمجالس الإدارة وحكومات الدول والشركات والمهنيين حول كيفية تحفيز التغيير وتحديد المتطلبات.

أخبار متعلقة :