الصين تسعى إلى «تعايش سلمى» مع ترامب رغم احتمال نشوب حرب تجارية شرسة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ساكن البيت الأبيض الجديد يتوعد بفرض ضريبة على جميع المنتجات الصينية بنسبة 60٪.. ويؤكد: أجمل كلمة في القاموس هى الرسوم الجمركية!

قادة الحزب الحاكم فى بكين يجتمعون لمدة 4 أيام لبحث خطة التعافى الاقتصادى بمجرد إعلان نتيجة الانتخابات الأمريكية

خبير دولى: السياسة الخارجية الانعزالية لترامب لا ينبغي أن تهدد حلم شي جين بينج بنظام عالمي جديد 

 

يتساءل العالم كله حول مصير العديد من القضايا العالمية مع عودة الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، فى ظل أجواء جيوسياسية ملبدة بالغيوم ومثيرة للقلق، ويظل السؤال الأساسى الذى يبحث عن إجابة هو تصور العلاقة المستقبلية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين باعتبارهما أكير اقتصادين فى العالم، فقد ذكرت مجلة «CEO World»، أن الولايات المتحدة احتفظت فى عام 2024 بمكانتها باعتبارها الاقتصاد الرائد في العالم، وبلغ ناتجها المحلي الإجمالي 28.78 تريليون دولار. وترتكز هذه الهيمنة على التقدم التكنولوجي، والإنفاق الاستهلاكي القوي، وسوق العمل التنافسي على الرغم من المخاوف بشأن التضخم.

وجاءت الصين في المرتبة الثانية بإجمالي ناتج محلي بلغ 18.54 تريليون دولار، بعد أن تغلبت البلاد على تحديات جائحة كوفيد-19 والتوترات التجارية الأخرى من خلال التركيز على زيادة الإنفاق المحلي، مما ساعد في تخفيف بعض الصعوبات الاقتصادية.

فى هذا السياق، كيف يمكن أن نتصور العلاقة بين العملاق الاقتصادى الصينى والمارد الأمريكى؟.

علاقات الود والتنافس!

إذا كانت بكين قلقة بشأن الزيادة في الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، إلا أنه قد يكون أكثر تصالحية من إدارة بايدن بشأن مسألة تايوان.. على الجبهة التجارية، كانت السنوات الأربع التي قضاها دونالد ترامب في السلطة، من عام 2016 إلى عام 2020، بمثابة لحظة بائسة بالنسبة للصين، القوة المصدرة الرائدة في العالم. لكن العلاقة الشخصية لم تكن سيئة بين شي جين بينج وبين هذا الرجل الذي يتعامل بنفس الطريقة مع أى زعيم فى العالم حيث تحكمه نظرية وضع حد للهيمنة الأمريكية. وفي أكتوبر الماضى، قال ترامب عن شي جين بينج، «كانت لدي علاقة قوية للغاية معه»، وسبق أن وصفه بأنه «رجل لماح».

وعندما هبط الرئيس ترامب على مدرج مطار بكين في نوفمبر 2017، بعد عام من انتخابه للمرة الأولى، استقبلته الصين بضجة كبيرة، على عكس الزيارة الأخيرة لسلفه باراك أوباما، الذي اضطر إلى صعود الدرج الداخلي لطائرة الرئاسة بسبب عدم وجود ممر للسجادة الحمراء يوفره الصينيون. فيما كان دونالد ترامب متحمسًا لرؤية الأطفال وهم يلوحون بأعلام البلدين. وصاح: «رائع.. رائع».

وقد درست الصين بعناية دونالد ترامب آنذاك، وواصلت القيام بذلك منذ ذلك الحين. ولكن ما الذي سيواجهه ترامب الآن بعد أن تم انتخابه لولاية أخرى؟ إن الصين تعرف، أكثر من أي دولة أخرى، كيف تغري الغرور المتضخم لمحاوريها، ولكنها أيضًا أكثر من أي دولة أخرى معرضة لمخاطر الصراعات التجارية. تعد عمليات التسليم في الخارج محركًا رئيسيًا لمصانعها ووظائفها حيث غطت الصادرات 19٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023.

حرب تجارية

ومع ذلك، خلال الحملة الانتخابية، وعد ترامب بفرض ضريبة على جميع المنتجات الصينية التي تدخل الأراضي الأمريكية بنسبة 60٪، وقد تصل إلى 100% على السيارات الكهربائية، كما قال لنادي شيكاغو الاقتصادي في 15 أكتوبر: «بالنسبة لي، أجمل كلمة في القاموس هى (الرسوم الجمركية).. إنها كلمتي المفضلة».. فهل من قبيل الصدفة أن يجتمع قادة الحزب الشيوعي الصيني في الفترة من 4 إلى 8 نوفمبر للإعلان عن حجم خطة التعافي التي ينبغي تقديمها، بمجرد معرفة نتائج الانتخابات الأمريكية؟.

خلال الحملة الانتخابية، أثار دونالد ترامب مرة أخرى انبهارًا معينًا بين الصينيين، فقد أثار رفع قبضته إعجابهم، على الرغم من محاولة اغتياله فى نفس اللحظة. لكن أحد مستخدمي الإنترنت من شبه جزيرة شاندونج، كتب على موقع «ويبو»، المعادل الصيني لمنصة «×»: «هل نسي الناس الحرب التجارية؟ أليس هو من اتخذ العقوبات الأولى ضد  شركة هواوي عملاق الاتصالات الصيني؟»، فيما يرى آخرون أن «عودته إلى السلطة ستؤدي إلى تفاقم التوترات الداخلية في الولايات المتحدة وتؤثر على علاقاتها مع حلفائها. كما أن أوروبا ترفض ترامب، الأمر الذي سيدفعها إلى البحث عن علاقة تعاون مع الصين»

سنوات بايدن

طوال أربع سنوات، عملت إدارة بايدن على تعزيز التحالفات الأمريكية في المنطقة، بما في ذلك طمأنة اليابان وكوريا الجنوبية على قوة العلاقات بينهما. وتفاوضت من أجل وصول الجيش الأمريكي إلى قواعد جديدة في الفلبين، في مواجهة بحر الصين الجنوبي، على بعد بضع مئات من الكيلومترات من جنوب تايوان، وهو الأمر الذي قد يكون حاسمًا في حالة حدوث أزمة في المنطقة.

وفي قلب كل التساؤلات تقع جزيرة تايوان، التي وعد الرئيس شي جين بينج بـ«إعادة توحيدها بالسبل السياسية إذا أمكن، وبالقوة العسكرية إذا لزم الأمر». وقد حرص جو بايدن على الإشارة عدة مرات خلال السنوات الأربع التي قضاها في السلطة إلى أن الولايات المتحدة ستتدخل عسكريًا دفاعًا عن الجزيرة إذا حاولت الصين غزوها، ومن المؤكد أن كامالا هاريس كانت ستواصل سياسة الدعم الحازم هذه.

على العكس من ذلك، في قلب الحملة، في 16 يوليو، نشرت مجلة «بلومبرج بيزنس» الأسبوعية مقابلة مع دونالد ترامب، والتي لا تزال تثير القلق في تايبيه. واهتم فى المقابلة بأن يشبه القوة العسكرية الأمريكية بشركة تأمين، وحث تايوان على «الدفع مقابل الدفاع عنها». فبينما تم انتخاب الرئيس لاي تشينج تي في يناير في تايوان، والذي يزعم أنه يقف في وجه الصين، من دون أن يمتلك الوسائل اللازمة للدفاع عن نفسه ضد بكين، فإن كل كلمة تقال في واشنطن حول هذا الموضوع يتم وزنها.

إذا وافق ترامب على وضع الولايات المتحدة في موقف دفاعي فيما يتعلق بمسألة تايوان، فستجد بكين طرقًا كثيرة لشكر الرئيس الذى يعمل بمنطق رجل الأعمال ويرى كل شيء على أنه عطاء وقبول.. وحتى لو فعلت كوريا الشمالية ما يحلو لها واقتربت من روسيا، فإن الصين لا تزال تتمتع بنفوذ اقتصادي على بيونج يانج، ويمكن أن تدفعها إلى استئناف المحادثات مع الرئيس الأمريكي، الذي التقى بالفعل كيم جونج أون مرتين، في سنغافورة عام 2018، ثم في هانوي عام 2019. وقبل كل شيء، يتمتع شي جين بينج بأفضل العلاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وستكون بكين قادرة على استخدام علاقتها الطيبة مع موسكو إذا كانت وجهات النظر متوافقة مع التوصل إلى تسوية سريعة للحرب في أوكرانيا، وعلى حساب كييف.

تأثير الترامبية

إلى أي مدى ستؤثر الترامبية على السياسة الخارجية الأمريكية؟ هذا هو السؤال بالنسبة للصين.. خلال مائدة مستديرة نظمها موقع «جوانشا» أثناء التصويت فى الانتخابات الأمريكية الثلاثاء 5 نوفمبر الجارى، أشار أستاذ العلاقات الدولية جين كانرونج، وهو صوت يحظى بمتابعة واسعة النطاق، إلى أنه في حالة فوز دونالد ترامب فإنه سيمارس الضغط على كييف للتوصل إلى اتفاق، دون أن يعرف حتى إلى أين يمكن أن يذهب هذا الاتفاق. وأشار جين كانرونج إلى أنه «لا يسعنا إلا أن نقول إن ترامب يريد العودة إلى الانعزالية وتقليص مسؤوليات أمريكا الدولية». وفي اليوم التالى «الأربعاء»، ومع تزايد وضوح النتيجة، قالت الصين إنها تأمل في «تعايش سلمي» مع الولايات المتحدة.

رؤية مستقبلية

ويقول الخبير الاقتصادي كلود ماير مؤلف كتاب «صين شي جين بينج المتوقع صدوره في يناير المقبل: «إذا كان الرئيس الملياردير قد ركز خلال الحملة الانتخابية على الزيادة الحادة للغاية في الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية، فإن سياسته الخارجية الانعزالية لا ينبغي أن تهدد حلم شي جين بينج بنظام عالمي جديد يتمحور حول الصين». ويضيف أن بكين امتنعت عن اتخاذ موقف بين المرشحين «ترامب وهاريس» خلال الحملة الانتخابية، لكن يبدو أن ترامب يحظى بتفضيل القادة الصينيين بشكل افتراضي، إذا نظرنا إلى التشويه المنهجي الذي تعرضت له كامالا هاريس في وسائل الإعلام الاجتماعية فى بكين. وإذا كان من المؤكد أن الاستراتيجيين في بكين يمقتون السلوك الوحشي للحزب الجمهوري، فإنهم تمكنوا من اكتشاف العيوب القاتلة فى الحزب الديمقراطى على مدى أربع سنوات.

ويضيف ماير: بالنسبة لشي جين بينج، تتفوق السياسة والأيديولوجية على الاقتصاد. فهو يريد قيادة الصين على الطريق إلى الزعامة العالمية من خلال اقتراح «مصير مشترك للبشرية في العصر الجديد»، وهي صيغة مؤكدة لتحديد نظام عالمي جديد يتمحور حول الصين ومعادٍ للغرب. 

لقد قامت استراتيجية بايدن على تطويق الصين، ولذلك يمكن للعملاق الآسيوى أن يشعر بالارتياح بانتخاب المرشح الجمهوري، على الرغم من احتمال نشوب حرب تجارية شرسة في أسوأ وقت بالنسبة للاقتصاد الصيني، وعلى الرغم من توقع إجراءات انتقامية قوية من جانب بكين، إلى جانب تفاقم الضغوط التجارية الصينية على أسواق ثالثة، وخاصة أوروبا.

90f1f7b0f8.jpg

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق صحيفة “يسرائيل هيوم” :هدف إسرائيل هو التوصل إلى اتفاق مع لبنان أفضل من القرار 1701
التالى غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا