نظمت مؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة، بشراكة مع الجمعية المغربية للدراسات الأندلسية، مساء الجمعة، لقاءً علمياً خُصص لقراءة وتقديم كتاب *"الأندلسيون الأواخر في الرحلات الأوروبية إلى إسبانيا 1494-1862"*، لكاتبه الباحث في تاريخ المغرب والأندلس الدكتور محمد رضى بودشار. حضر اللقاء نخبة من الباحثين والأكاديميين والمؤرخين من المغرب وإسبانيا، الذين أثروا النقاش حول مضامين الكتاب وأهميته في الدراسات الأندلسية.
وفي تصريح لجريدة "أخبارنا"، أعرب الدكتور محمد رضى بودشار عن سعادته بتقديم كتابه من قِبل مؤسستين علميتين بارزتين محلياً ووطنياً، وهما مؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة والجمعية المغربية للدراسات الأندلسية. وأضاف: "سعيد كذلك لأن الكتاب حظي بجائزة ابن بطوطة للأدب الرحلي عن مركز ارتياد الآفاق بأبو ظبي – لندن، صنف الدراسات 2024". وأشاد بودشار بالمستوى العلمي للنقاش، قائلاً إن "المشاركين في اللقاء قدموا ورقات علمية رفيعة، تمكنوا فيها من سبر أغوار هذا العمل، وتقريبه للحاضرين، والوقوف عند كثير من تفاصيله وقضاياه". مردفاً: "بطبيعة الحال، هذا هو دور ندوات تقديم الكتاب، إلى جانب الاحتفاء بالإصدار الجديد".
من جانبه، أكد الدكتور إسماعيل شارية، الكاتب العام لمؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة، على قيمة الكتاب وأهميته، قائلاً: "نحن اليوم نحتفي بعَلَم من أعلام الفكر والتاريخ الأندلسيين، الباحث محمد رضى بودشار، الرجل الذي أعطى للثقافة العربية والإسلامية نصيباً وافراً من الدراسات المتسمة بالعمق الفكري، والمحصنة بمنهجيات متعددة ومتكاملة". وأضاف شارية أن إحراز كتاب *"الأندلسيون الأواخر في الرحلات الأوروبية إلى إسبانيا"* جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة فرع الدراسات لسنة 2023-2024 "لم يكن عبثاً، بل يعكس القيمة العلمية للكتاب، الذي يركز على أقلية أندلسية مكثت في بلاد الأندلس وأفلتت من عملية الطرد المشؤوم، أو عادت إليها بأشكال مختلفة".
وفي تصريح للمؤرخ الإسباني أنطونيو غوزمان خص به جريدة "أخبارنا"، أوضح أن قضية الموريسكيين "نادراً ما تم تناولها من قِبل المؤرخين المغاربة إلا في العصور الحديثة، ربما بسبب خيبة الأمل التي تسبب فيها فقدان الأندلس". مشيراً إلى أن المؤرخين الإسبان الذين تناولوا هذه القضية لديهم تصور مختلف، حيث قال: "بالنسبة لنا، فإن الموريسكيين شعب يحظى بالتقدير، لأنه حافظ على دينه وعاداته وثقافته أمام ضغوط دولة قوية استخدمت كل مواردها لتنصيرهم ثم طردهم". وأشاد غوزمان بالعمل البحثي للدكتور بودشار قائلاً: "الكتاب يتضمن مراجع مهمة لإعادة بناء حياة الموريسكيين بمعلومات مباشرة وأكثر حيادية من الرحالة، مما يجعله مساهمة مثيرة للاهتمام في هذا المجال".
أما الدكتور جعفر ابن الحاج السلمي، ممثل الجمعية المغربية للدراسات الأندلسية، فقد سلط الضوء على أهمية توظيف مصادر متنوعة لفهم التاريخ الأندلسي. وأكد في تصريحه لـ"أخبارنا" أن "النظرة الأحادية لتاريخ الأندلسيين، سواء كانت إسبانية أو مغربية عربية، تعتبر قاصرة. فلا بد من الجمع بين المصادر الإسبانية والعربية لفهم أعمق وأكثر شمولاً لتاريخ الأندلس، الذي استمر بعد سقوط غرناطة لثلاثة قرون".
وأشار السلمي إلى دور الجمعية المغربية للدراسات الأندلسية، قائلاً إن "الجمعية التي تأسست قبل 25 سنة، أصدرت أكثر من 25 كتاباً في مجالات متعددة، تشمل الدراسات والتحقيقات والترجمات وأعمال الندوات"، مبرزاً أهمية العمل الذي اضطلعت به الجمعية طيلة ربع قرن.
وقد اعتبر المشاركون في جلسة قراءة وتقديم كتاب *"الأندلسيون الأواخر في الرحلات الأوروبية إلى إسبانيا 1494-1862"* أن اللقاء يشكل احتفاءً بإصدار علمي متميز، يُبرز جوانب جديدة من تاريخ الموريسكيين. كما سلط الضوء على أهمية التعاون الثقافي بين الباحثين المغاربة والإسبان لفهم أدق لمراحل هامة من تاريخ الأندلس والمغرب.