بقلم الأستاذ الصحفي إسماعيل بويعقوب
النظام الجزائري، الذي يستمر في تغذية نزعة الانفصال بالمنطقة المغاربية، تناسى ربما أن "من بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة"، وهنا ارتأيت أن أقدم نبذة تاريخية عن مسار النضال الذي قاده شعب القبائل نحو التحرر منذ قرون، وهو توجه لا يمكن مقارنته بالوضع الذي اتخذته مقاومة الريف المغربي إبان فترة الاحتلال الإسباني للمنطقة ـ سأعود لهذه القضية بالتفصيل لاحقًا ـ.
شعب القبائل لا يعتبر نفسه جزائريًا، وهو أمر تعود جذوره إلى القرن الرابع عشر الميلادي، حين بدأت العديد من المناطق تستقل عن سلطة الدولة الزيانية التي حكمت أقصى شمال الجزائر الحالية خلال الفترة ما بين 1236م إلى حين سقوطها نهائيًا سنة 1556م، حيث شرع القبايليون بعدها في تأسيس إمارتهم المستقلة بالمناطق الناطقة بالأمازيغية. لكن طموحهم لم يكتمل، إذ كانت المنطقة محط أطماع قوى توسعية بسبب موقعها الاستراتيجي، لتسقط لاحقًا في يد العثمانيين بعد انتصارهم الكبير في معركة "باب الواد" على التحالف الصليبي الذي كان يقوده ملك إسبانيا وإمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة.
بعد ذلك، أصبحت منطقة القبائل جزءًا من إيالة الجزائر العثمانية منذ القرن السادس عشر إلى حين خضوع الجزائر للاستعمار الفرنسي سنة 1830م، حيث استهل القبايليون فصلاً جديدًا من الصراع لأجل الاستقلال بلغ ذروته مع ثورة فاطمة نسومر بين 1854م و1857م، والتي انتهت بأسرها وإخماد نضالها المسلح، ثم مع ثورة الشيخ محمد المقراني سنة 1871م التي انتهت بمقتله. وبعد ذلك، عمدت الآلة الاستعمارية الفرنسية إلى ضم منطقة القبائل إلى "الجزائر الفرنسية".
الحركة من أجل تقرير المصير في القبائل، التي يقودها فرحات مهني من فرنسا، أكدت مرارًا وتكرارًا أن المؤسسات الممثلة للقبائليين لم توافق على هذا "الضم"، سواء في 1857 أو في 1871، مشيرة إلى أن منطقة القبائل كانت دائمًا مستقلة. ومن هنا، يتضح أن الشروط التي يحاول النظام الجزائري خلقها لتسخير حفنة من الرعاع لضرب الوحدة الترابية للمغرب، متوفرة وبقوة لدى شعب القبائل، الذي تعالت أصواته في أكثر من مناسبة لأجل التحرر من قبضة نظام عسكري جاثم على صدور الجزائريين.
أخبار متعلقة :